الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

البدانة والسكري... هل الألياف وجراثيم الأمعاء هم المذنب الجديد؟

تلعب الجراثيم الموجودة في الأمعاء بشكل طبيعي (الفلورا المعوية أو النبت المعوي) دوراﹰ حيوياﹰ مهماﹰ في عملية الهضم والحِفاظ على التوازن البيولوجي الكيميائي في الجسم. إلا أن العديد من الدراسات الحديثة أكّدت أن بعضاً من جراثيم الفلورا المعوية تستطيع التأثير على طريقة معالجة الدهون من قبل الكبد، مما يمكن أن يؤدي ٳلى تطور المتلازمة الاستقلابية Metabolic syndrome والتي تكون عبارةً عن مزيجٍ من الاضطرابات الصحية التي تتضمن البدانة، ومرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وسكر الدم، باﻹضافة ٳلى تراكم الدهون في البطن.

من جهةٍ أخرى، تشير الأبحاث إلى ضرورة ٳضافة الألياف ٳلى الوجبات الغذائية اليومية لما لها من فوائدَ صحيةٍ عديدة، غيرَ أن هذه النصيحة قد تعود على البعض بشيءٍ من الضرر. فقد أشار Matam Vijay-Kumar، الأستاذ المساعد في قسم التغذية والطب في جامعة بنسلفانيا الحكومية، ٳلى شيوع فكرةٍ خاطئةٍ تقول أن الألياف الغذائية المُشتقة من النباتات خاليةٌ كلياً من السعرات الحرارية.

الواقع أن الإنسان والفئران هما الكائنان الوحيدان اللذان لا يستطيعان هضم الألياف النباتية، ولكن الجراثيم المُتواجدة في القناة الهضمية لدينا قادرةٌ على القيام بتخمير هذه الألياف بسهولة ومن ثمَّ تحويلها ٳلى أحماضٍ دهنيةٍ قصيرة السلسلة SCFA مثل حِمض الخَليك (أو حمض الخلّ). وبمجرد وصول هذه المركبات ٳلى الكبد فإنها ستتحول ٳلى دهونٍ تترسب على شكل طبقاتٍ دهنيةٍ في الجسم، الأمر الذي يجعلها تساهم بشكل كبير في تطور المتلازمة الاستقلابية. كما أكّدت دراسةً حديثةٌ أجراها فيجاي كومار أن التخمر الجرثومي للألياف الغذائية وإنتاجَها للأحماض الدهنية قصيرة السلسلة يُساهم في ترسّب الدهون بالكبد مما يمكن أن يجعل الكبد غيرَ قادرٍ على أداء وظائفه الحيوية بشكلٍ صحيح، خاصةً عند الأشخاص الذين لديهم زيادةٌ في تعداد الجراثيم المعوية والتي غالباً ما تترافق باضطراباتٍ معويةٍ وكبدية، مما يزيد من فرصة الإصابة بداء الكبد اللاكحولي.

تحدث هذه الاضطرابات نتيجة إنتاج كمياتٍ غير مضبوطةٍ من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة وخاصةً عندما يكون ذلك لفتراتٍ زمنيةٍ طويلة، وهي حالةٌ تنتج عن طفرة وراثية تسبب انعدام حالة الاستقرار في الجراثيم المعوية، مما يجعل هذه الأحماض ضارةً لبعض الأشخاص، وتصيب هذه الطفرة حوالي 10% من البشر حول العالم. أما في الحالات الطبيعية فإن الجراثيم المعوية المفيدة إلى جانب الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تنتجها يُعتبران عاملَين مهمين في سلامة وصحة الجهاز الهضمي، وهذا يعني بالضرورة أن البحث المذكور في هذا المقال لا يُقلّل من أهمية الألياف ومكانتها في حميتنا الغذائية، فهي تتمتع بفوائد جمّة على صحة المضيف، تشمل تنظيم عمليات الهضم والوقاية من سرطان القولون وغيرها، ذلك طبعاً إن لم تكن من حَمَلَةِ تلك الطفرة!

المصدر: هنا

المصدر المرجعي:

Vishal Singh et al. Microbiota-Dependent Hepatic Lipogenesis Mediated by Stearoyl CoA Desaturase 1 (SCD1) Promotes Metabolic Syndrome in TLR5-Deficient Mice. Cell Metabolism, October 2015 DOI: 10.1016/j.cmet.2015.09.028