الكيمياء والصيدلة > صيدلة

هل نحن في طريقنا إلى الاستغناء عن الحُقن؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

أقراصٌ دوائيّةٌ سهلةُ البلع، إنَّه شكلٌ دوائيٌّ جديدٌ لعلاج مرض السُّكري تبشّر به أقراص إنسولين قيد التطوير في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا. وقد تعطي أقراص الإنسولين هذه، خياراً آخر لضبط سكر الدم لدى مرضى السّكري قريباً. كما يُحتمل تطبيقُ التقنيّةِ الجديدةِ في إيصال الدواء، والتي تمّ استخدامها لتطوير هذه الأقراص، على طيفٍ واسعٍ من العلاجات الأخرى. ووفقاً لما قال البروفسور سمير ميتراغوتري Samir Mitragotri في قسم الهندسة الكيميائيّة المتخصّص في تقنيّات توصيل الدواء الموجّه: "هناك حاجةٌ ملحّةٌ للعلاج الفموي لمرض السّكري"، وأضاف أيضاً "إنّ إعطاء الإنسولين بطريق الحقن لمريض السُّكري الذي يحتاجه عدّةَ مراتٍ في اليوم هو تحدٍّ كبير".

واستناداً إلى تقييم مركز التحكّم بالأمراض عام ٢٠١٤، يوجد أكثر من ٢٩ مليون فرداً في الولايات المتحدة يعانون من مرض السّكري سواء كان مشخّصاً أم لا. نتيجةً لذلك، سيحتاج العديد من هؤلاء الأفراد إلى جرعاتِ إنسولين منتظمة. ومن الممكن أن يُشكل الإزعاج الذي تسبّبه حقن الإنسولين عائقاً أمام مطاوعة مرضى السّكري للعلاج خصوصاً لأولئك الذين لا يحبّذون الإبر، وهذا ما قد يؤدي إلى اتخاذ تدابيرٍ علاجيّةٍ خاطئةٍ واختلاطاتٍ من شأنها أن تودي بالمريض إلى المستشفى.

و يقول الباحثون إنّ أقراص الإنسولين المطوّرة لا تستطيع فقط التغلّب على الإزعاج المترافق مع حقن الإبر بل من الممكن أيضاً أن تؤمّن جرعةً أكثر فعاليّةً. فكما شرح البروفيسور ميتراغوتري، يسلك الإنسولين بعد تناوله عن طريق الفم طريقاً مباشراً أكثر من ذلك الذي يأخذه عند حقنه، حيث يتجه الإنسولين أولاً عند حقنه إلى مجرى الدم المحيطي ثم إلى الدورة الدموية في الكبد و بذلك يكون تناوله فموياً أفضل من وجهة نظر فيزيولوجيّة.

انطلاق التحدي:

رغم توفّر العلاجات الفمويّة التي تساعد الجسم على إفراز الإنسولين منذ فترةٍ لا بأس بها، بقيت الأقراص الفموية الحاوية على الإنسولين هدفاً بحثيّاً هاماً في علاج السّكري. لكنّ العقبة الأساسيّة التي واجهها تطوير هذه الأقراص هي اجتياز الوسطين المعديّ والمعويّ (الحاويين على أنزيماتٍ حالّةٍ للبروتينات) من دون إتلاف الإنسولين. يكمن مفتاح الحلِّ في هذه الحالة في جمع تقنيّتين صيدلانيتين في شكلٍ صيدلانيٍّ واحد، ويكون ذلك بصناعة كبسولاتٍ مُلبّسةً معويّاً يُحمَّل الإنسولين فيها على لصاقاتٍ بوليمريّةٍ قادرةٍ على الالتصاق على الأغشية المخاطيّة وهذا هو الشكل الصيدلانيُّ الذي طُوِّر من قبل أمريتا بانيرجي Amrita Banerjee وهي باحثةٌ في مرحلة ما بعد الدكتوراة.

أظهرت الكبسولة مقدرةً على مقاومة أحماض المعدة وإيصال الإنسولين إلى الأمعاء الدقيقة بفضل التلبيس المعوي. حيث ينحلُّ التلبيس المعوي في الأمعاء الدقيقة مؤدّياً إلى فتح الكبسولة وخروج اللصاقة منها، والتي ستلتصق آنذاك على الغشاء المخاطيّ للجدار المعوي مانعةً بذلك وصول الأنزيمات الحالّة للبروتين. في هذه المرحلة، ينفذُ الإنسولين من اللصاقة بمساعدة محفّزٍ للنفوذيّة، ويترسب الإنسولين على الغشاء المخاطيِّ للجدار المعوي حيث يعبر إلى الدم.

اعتبر ميتراغوتري النتائج السابقة أوّل خطوةٍ أساسيّةٍ في إثبات كفاءةِ تلك اللصاقات على إيصال الإنسولين. وكأيِّ علاجٍ جديدٍ يجب أن يَمرَّ الدواء المطّور باختباراتٍ أخرى وتحسيناتٍ قبل أن يُعتبَر قابلاً للتطبيق في علاج السّكري. بالإضافة إلى ذلك، تمّ عرض نتائج هذا البحث في المعرض واللقاء السنوي للتجمّع الأمريكي للعلماء الصيادلة في أورلاندو، فلوريدا.

يبدو أنَّهُ أملٌ جديدٌ لمن يعانون من رهاب الحُقن، حيث تُبشِّر اللصاقاتُ المحمَّلة بالدواء والقادرة على الالتصاق على الأغشية المخاطية بأشكالٍ أخرى من العلاج أيضاً.

وختم البروفيسور ميتراغوتري بقوله: "نستطيع إيصال العديد من البروتينات التي تعطى حاليّاً بطريق الحَقن ،والمعتمدة على إعطاء البروتينات كهرمونات النمو، والأجسام المضادّة واللقاحات. من الممكن أن تُحمَّل هذه البروتينات على اللصاقة ويتم إيصالها من دون ألمٍ مما يؤدي لتحسين قبول المريض للدواء".

المصدر:

هنا