الفيزياء والفلك > فيزياء

سلسلة الأشعّة الكهرمغناطيسية: 5- الطيف المرئي.

استمع على ساوندكلاود 🎧

الأمواج المرئية Visible Waves، هي الفئة الرابعة من الطيف الكهرومغناطيسي، ويبدأ مجالها عند النهاية العليا من الأمواج تحت الحمراء، ويتراوح طول الموجة لها ما بين 400 وحتى 700 نانو متر (nm)، وهذا يعني أن تواتراتها تتراوح ما بين 400 وحتى 750 تيرا هيرتز (THz) تقريبًا، وهي التواترات التي تستشعرها العين البشرية، ومن هنا جاءت التسمية بالأشعة المرئية، والتي هي ليست سوى الضوء المرئي Visible light.

يتكون الضوء المرئي من ستة ألوانٍ مرتبةٌ كالآتي:

ثلاثةٌ منها رئيسية، هي: الأحمر والأخضر والأزرق، وهي ما تتحسسه أعيننا بشكل رئيسي، فهي – أي أعيننا – تحوي مخاريط من أنواعٍ ثلاثة، توافق كلَّ لونٍ من هذه الألوان.

-اكتشاف الطيف المرئي:

بات معروفًا لدى العلماء أن الضوء المرئي مُكونٌ من عدة ألوان، يبلغ عددها 6 ألوان. ولكن هذا الأمر لم يكن معروفًا في البداية. وكانت أول تجربة تبيَّن من خلالها أن الضوء له مكونات هي التجربة التي قام بها القسيس الإيطالي فرانسيسكو ماريا غريمالدي Francesco Maria Grimaldi، في العام 1665. إذ قام بتمرير ضوءٍ أبيضَ عبر فتحةٍ ضيقةٍ إلى غرفةٍ مظلمة؛ ليسقط بعد ذلك الضوء على لوحٍ أبيض. كان الهدف من تلك التجربة التأكدُ من أن عرض الحزمة على اللوحِ مُطابقٌ للعرض الذي حسبه، اعتمادًا على مسار الضوء الهندسي. ولكن ما حدث كان شيئًا مختلفًا، فقد وجد أن الضوء على اللوحة قد تحلل (أي انفصل) إلى عدة ألوان، بالإضافة إلى أن اتساع الضوء على اللوحة كان أكبر من المتوقع. ولعدم معرفته بمكونات الضوء الأبيض حينها، دعا غريمالدي تلك الظاهرة الانعراج Diffraction. وفيما بعد أدرك أن الانعراج لا يحدث فقط في حالة الفتحة الضيقة، إنما عند تسليط ضوءٍ ما على حافة حاجز.

في العام 1666 مرَّر العالم إسحاق نيوتن ضوء الشمس عبر موشور، فلاحظ أن الضوء يتحلل أيضًا. لم تكن تلك التجربة الأولى من نوعها، فالعديد من العلماء قبل نيوتن مرَّوا ضوء الشمس عبر المواشير، ولاحظوا تلك الظاهرة، ولكن نيوتن كان أول من أدرك أن الضوء الأبيض هو مزيج من الألوان، دون أن يفهم لمَ يكوِّن مزيج الألوان ذاك الضوءَ الأبيض.

لقد عرَف نيوتن أن ظاهرة الانعراج أو تحلل الضوء تحدث عندما ينتقل الضوء من وسطٍ شفافٍ إلى آخر، الأمر الذي يُسبب انحراف الألوان المختلفة المُكوِّنة للضوء الأبيض بمقادير مختلفة. وبعد أكثر من مئة عام، قام الفيزيائي البريطاني توماس يونغ Thomas Young بتفسير ما عجز نيوتن عن فهمه. ففي العام 1801، أقنع يونغ المجتمع العلمي بفكرة أن الضوء ينتقل على شكل أمواج، وهي الفكرة قدّمها من قبل العالم الهولندي كريستيان هويغنز Christian Huygens، دون أن يُثبتها. ونجح يونغ حتى بقياس أطوال أمواج الطيوف المكونة للضوء الأبيض، متمِّمًا عملَ نيوتن، حيث أن كل لون يتوافق مع طول موجي معيّن، واستنتج أنه كلما كان طول الموجة أكبر، كان انحراف الضوء أقل لدى انتقاله من وسطٍ شفاف لآخر.

المطيافية spectrometry:

بالإضافة إلى دور الأشعة المرئية بالرؤية، فإنها تخبرنا الكثير عن الأشياء حولنا، كالنجوم مثلًا. فعندما ننظر إلى الشمس، نراها تُشع بلونٍ أصفر، هذا يعني أن حرارة سطح الشمس تصل إلى 5500 درجة مئوية، ولو كانت حرارة سطحها أقل، ولنقل إنها تبلغ 3000 درجة مئوية تقريبًا، لوجدناها تُشعُّ بلونٍ أحمر، وإذا كانت حرارتها أعلى، فتصل على سبيل المثال إلى 12000 درجة مئوية تقريبًا، لكانت تُشع بلونٍ أزرق.

يمكن استخدام الطيف المرئي في تحديد هوية المادة أو العنصر الكيميائي. فالطيف الذي يَصدُرُ عند تمرير شعاعٍ ضوئي عبر سحابةٍ غازية، يُطلعنا على هوية العناصر الموجودة في تلك السحابة. من خلال الانقطاعات الحاصلة في الطيف المرئي. لأن الضوء عند مروره في الخلاء عبر موشور، يعطي طيفًا مستمرًا، دون وجود أية فواصل أو انقطاعات. ولكن إذا مررنا الضوء عبر سحابةٍ غازية مثلاً، ومن ثم عبر موشور، فإن الطيف لن يبقى مستمراً، وسيعاني من انقطاعات تظهر بلونٍ أسود. وبتحديد مكان هذا الانقطاع نستدل على العنصر الكيميائي الموجود في السحابة، كأن يكون هناك منطقةٌ سوداء صغيرة عند اللون الأحمر، فذلك يدلنا على وجود غاز الهيدروجين في تلك السحابة.

للإطلاع على المقالات السابقة في السلسلة:

1- مقدمة في الأشعة الكهرومغناطيسية هنا

2- الأشعة الراديوية هنا

3- الأشعة الميكروية هنا

4- الأشعة تحت الحمراء هنا

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا