الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

الأثر الوهمي للتسوق على الطفل - كيف تجعل طفلك يتجه للطعام الصحي!

استمع على ساوندكلاود 🎧

يسعى الأطفال دائماً لاختيار الوجبات الخفيفة بناءً على جاذبية غلافها وتصميمها، دون امتلاكهم المعرفة الكافية بطبيعتها الغذائية وانعكاساتها على الصحة. وقد أظهرت العديد من التجارب أن التغليف يلعب دوراً مهماً في اختيار الأطفال لطعامهم ووجباتهم الخفيفة وصولاً إلى الدرجة التي قد تدفعهم لاختيار أنواعٍ لم تكن في حسبانهم لمجرد أن شكلها الخارجي شدّ انتباههم.

ومن جهة أخرى يمتلك العاملون في صناعة المواد الغذائية الكثير من الخبرة في استخدام تأثيرات التسويق لزيادة مبيعات المنتجات بين الأطفال، بهدف تحقيق الكسب السريع وبغض النظر عن مدى سلامتها وملائمتها لصحتهم.

ولسد الثغرة في هذا المجال قام الباحثون بإجراء دراسةٍ جديدةٍ - صادرةٍ عن جامعة بون University of Bonn بالتعاون مع معهد أبحاث تغذية الطفلResearch Institute for Child Nutrition في Dortmund والتي تم نشر نتائجها في مجلة Frontiers in Psychology - لمناقشة هذا الأثر التسويقي شملت أطفال المدارس الابتدائية. وقد أكدّت أنه في حال كان التغليف ذا تصميمٍ جذابٍ ومميزٍ، فإنه سيكون أكثر قابليةً لجذب أطفال المدارس الابتدائية لاختيار المنتج الغذائي وتناوله.

حيث شارك في هذه الدراسة 179 طفلًا وطفلة من المرحلة الابتدائية في دورتموند، تراوحت أعمارهم بين الثمانية والعشرة أعوام، تم تخييرهم بين ثلاثة عبواتٍ بلاستيكيةٍ شفافةٍ تحوي وجباتٍ خفيفةً ومتطابقةً ومكونةً من لبن الزبادي والفواكه والحبوب، بحيث تحقق الحاجة الغذائية المنصوح بها، وتمت تغطية كل عبوةٍ بغلافٍ مختلفٍ كما تُظهر الصورة:

A: غلاف عادي: يتضمن اسم الوجبة (خليط لبن- فواكه) داخل نجمة صفراء.

B: غلاف صحي: يتضمن ما سبق بالإضافة إلى معلوماتٍ صحيةٍ (حيث تبين اللصاقة الصحية مطابقة المنتج للمبادئ التوجيهية للحمية المختلطة المحسنة optiMIX label).

C: غلاف مرِح، حيث تمت إضافة تسمية "وجبة خفيفة مثالية" واثنين من الشخصيات الكرتونية (ببغاوات) إلى الغلاف المتضمن للعنوان والمعلومات الصحية السابقة. وعلاوةً على ذلك، تم تغيير اسم المنتج إلى اسم أكثر جاذبيةٍ للطفل (Knabbadus).

ولتحديد شدّة رغبة الطلاب المشاركين في الدراسة بالحصول على وجبةٍ خفيفةٍ معينةٍ من بين الخيارات الثلاثة، قام الباحثون باستخدام جهاز خاص يدعى Dynamometer (الموضح بالشكل التالي) وهو جهاز يقيس قوة قبضة اليد. باستخدام هذا المقياس، تم تحديد الجهد الذي كان الأطفال على استعدادٍ لبذله للحصول على المنتج المرغوب. ثم سُمح للأطفال بمعاينة الوجبات الخفيفة مختلفة التغليف وتذوقها وإبداء رأيهم فيها من خلال مقياسٍ مكونٍ من سبع درجاتٍ موزعةٍ بين (سيءٍ للغاية وجيدٍ للغاية).

المعلومات الصحية كانت الأقل شعبيةً بين الأطفال:

أظهرت النتائج أن الأطفال أظهروا رغبةً عاليةً في تناول الوجبة الخفيفة ذات التغليف المحتوي على شخصيات كرتونية جذابة. وكشفت قياسات جهاز Dynamometer أنهم أظهروا جهداً أعلى بشكلٍ ملحوظٍ للحصول على الوجبة ذات الغلاف المرح. كما أن اختبار التذوق أعطى النتيجة نفسها من حيث تفضيل الوجبة ذات الغلاف المرح على كل من عبوتي الغلاف العادي والغلاف الصحي، علماً أن الوجبات كانت متطابقةً تماماً من ناحية المحتوى والطعم. وكانت النتائج كما يظهر في الشكل التالي:

ساعدت كل من نتائج الاستطلاع وقياس قوة القبضة على شرح آلية اختيار المنتجات أثناء التسوق، ودلّت على أن الاعتماد على الطعم المفضل للطفل ليس كافياً وحده لشرح أفضلية اختيارات الأطفال. وهذا ما يسمى بالتأثير الكلاسيكي الوهمي للتسويق Classical marketing placebo effect - وهو الفعل التسويقي الذي يظهر فعاليةً أو محتوًى أو قيمةً للمنتج خلافاً لما هو موجودٌ فيه حقيقةً - كما هو الحال بالنسبة للدواء الوهمي، حيث تنسب إلى بعض المستحضرات الدوائية بعض الآثار التي لا تحققها مكوناتها على أرض الواقع. وبدا ذلك الأثر الوهمي واضحاً من خلال اعتقاد الطلاب بوجوود اختلافات بين نكهات الوجبات الخفيفة في الأكواب المختلفة علماً أنها كانت – كما ذُكر آنفاً – متطابقةً تماماً.

استخدام هذا التأثير بشكل إيجابي في الوجبات المدرسية:

مما سبق نجد أن المواد الغذائية المصممة والمغلفة بشكلٍ جذابٍ قادرةٌ على أن تُغري الأطفال وتدفعهم إلى اختيار الأطعمة غير الصحية بسهولةٍ شديدة. وهذا يعني أننا نستطيع استخدام آثار التسويق الوهمية هذه للترويج للمنتجات الغذائية الصحية للأطفال لندفعهم إلى اتباع أسلوبٍ تغذويٍ أكثر سلامةٍ وصحة. فالطريقة المقدمة في الدراسة يمكن استخدامها، على سبيل المثال، لزيادة جاذبية الحليب، أو سندويشات الحبوب الكاملة، وغيرها من الوجبات الصحية المقدمة للأطفال في المدارس أو على رفوف المحلات التجارية. ولا زالت الدراسات قائمةً لتحديد مدى تأثير الأثر الوهمي للتسويق على البدانة التي يعاني منها الأطفال، والتي تزايدت نسبها بشكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة.

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

الدراسة المرجعية:

L.Enax, et al., Food packaging cues influence taste perception and increase effort provision for a recommended snack product in children; Frontiers in Psychology; July 2015