البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

جائزة IgNobel في الفيزيولوجيا وعلم الحشرات| مؤشر لقياس الألم اعتماداً على لسعة الحشرات

في عام 1986 قام الباحث Justin Schmidt بابتكار مؤشّر Schmidt Sting Pain Index لقياس الألم الذي تسببه لسعات الحشرات المختلفة. فقام بتقدير الألم الناجم عن لسع 78 نوع من الحشرات الغشائية الأجنحة، وصنّف شدّة الألم وفق مقياس يبدأ من النقطة من 0 الخاصة باللسعات التي لا تستطيع اختراق الجلد، وينتهي بالنقطة 4 الخاصة باللسعات الأكثر ألماً.

حسب هذا التصنيف فإنّ لسعات النملة الرصاصية كانت تسبّب أكبر ألم تصل شدّته إلى النقطة 4 حسب تصنيف Schmidt. أمّا لسعة النحلة العادية، والتي تعرض لها أغلبنا، فيصل الألم الناجم عنها إلى حوالي النقطتين فقط.

إنّ معرفة مقدار الألم الذي تسببه اللسعات المختلفة مفيد، لكن كيفية تأثير موضع اللسعة على شدّة الألم الناجم عنها بقي غير واضحاً حتى سنة 2014 حيث قام Michael L. Smith من جامعة Cornell الأمريكية بدراسته.

كان على الباحث الإجابة على أسئلة كثيرة منها: هل هناك لسعات أكثر ألماً من غيرها؟ هل شدّة هذا الألم متعلّقة بموضع اللسعة؟ ما هي مواضع اللسعات الأكثر إيلاماً والأقل إيلاماً في جسم الإنسان؟

يقول Smith: من المؤكّد أن شدّة الألم تختلف من لسعة لأخرى وترتبط بعوامل مختلفة كمكان حدوث اللسعة مثلاً، ومع ذلك فإننا نفتقر إلى نموذج علميّ يوضح كيف يختلف الألم باختلاف موضع اللسعة.

اتّبع Smith المقياس العددي لتسهيل المقارنة بين اللسعات في مواقع الجسم المختلفة. فأجرى هذه التجارب على نفسه، حيث تعرض لثلاث دورات من اللسع في 25 مكاناً مختاراً في جسمه على امتداد 38 يوماً. كانت اللسعة الأولى و الأخيرة، و التي أجراها على ساعد اليد هي لسعات معيارية و حصلت على 5 نقاط، أمّا اللسعات الثلاثة الوسطى فكانت تجريبية، و تمّ تصنيف ألمها بالمقارنة مع ألم لدغات الساعد و تقييمها بالنقاط من 0 إلى 10.

لقد حاول الباحث جعل هذه التجارب أكثر مصداقية و دقّة، فقام باختيار مواقع اللسعات بشكل عشوائي، وعرّض نفسه للسع النحل دون اللجوء إلى محفّزات كيميائية اصطناعية مثل Synthetic melittin، كما أجرى جميع التدابير اللازمة لاستبعاد تأثير ردود فعل الجهاز المناعي على النتائج، حيث كان قد عرض نفسه للسع 5 مرات يومياً في الأشهر الثلاثة التي سبقت إجراء التجربة بهدف تجنب حصول تغيرات في الاستجابة المناعية عند بدء التجربة.

في النهاية تمّت معالجة النتائج بواسطة برامج إحصائية مع الأخذ بعين الاعتبار حساب الانحراف المعياري و المتوسط و مقدار التباين و التناسب.

أظهرت نتائج هذه التجربة أنّ جميع اللسعات سبّبت شعوراً بالألم، لكن هذا الشعور كان مختلفاً تبعاُ لمكان اللسعة. إنّ أكثر مناطق الجسم حساسية و شعوراً بالألم كانت الأنف و الشفّة العليا و القضيب (9.0 ، 8.7 ، 7.3 نقطة على التوالي). لسعات الأنف كانت الأكثر ألما حيث ترافقت بالعطاس و تدفّق الدموع و سيلان الأنف على الفور. أمّا مناطق الجسم الأقل إيلاماً فكانت الجمجمة، طرف الإصبع الوُسطى و العضد (2.3 نقطة). كما أظهرت النتائج عدم وجود أيّ اختلاف في شدّة الألم بين الطرف الأيمن و الأيسر من الجسم. هذه النتائج تُشير إلى أنّ حساسية مستقبلات الألم المتواجدة في مكان واحد في الجسم تكون متشابهة.

خلال هذه الدراسة تمكّن Michael L. Smith من تحديد الأماكن الأكثر و الأقل شعوراً بالألم عند الإنسان، لكنّهم لم يقدّموا تفسيراً لأسباب اختلاف الألم من عضو لأخر في الجسم. سابقاً كان هناك اعتقاد بأنّ سماكة الجلد ترتبط مباشرة بشعور الألم و شدّته، لكن نتائج هذه التجارب أظهرت أنّ سماكة الجلد لا تفسر تماماً اختلاف الإحساس بالألم حيث أن درجة الألم في كفّ اليد وصلت إلى 7.0 نقطة بالرغم من أنّ سماكة الجلد فيه أكبر من سماكة جلد الظهر، و الذي وصلت فيه درجة الألم إلى 5.3 نقطة فقط. من الواضح أنّ سماكة الجلد ليس العامل الوحيد لتحديد شدّة الألم.

نظراً لأنّ هذا البحث محدود من حيث عدد العينات المدروسة (متطوّع واحد و هو الباحث نفسه)، و محدود من حيث الجنس (من المتوقّع الحصول على نتائج مختلفة كليّا لو تمّ التجريب على امرأة متطوعة) فلا يمكن تعميم نتائجه و النظر إليها كقاعدة عامة.

مع ذلك فإنّ نتائج هذا البحث هي مثيرة للاهتمام ، و تُعتَبَر تطبيقاً فعليّاً لمؤشر Schmidt، كما تقدّم خريطة تقريبية لمواضع الجسم الأكثر و الأقل حساسية للألم.

المصادر:

هنا

هنا