الفيزياء والفلك > فيزياء

نظرية جديدة تقترح طريقة غير إعتيادية للكشف عن المادة المظلمة.

لا يمكننا القول فعلاً ما هي المادة المظلمة * ، فحتى اللحظة هي لاتزال نموذجاً من فرضية، ولم يستطع العلماء إلى الآن التقاط أي أثر لها ولكنهم قد تنبؤوا بوجودها من خلال أثرها في الكون، حيث إنها تشكل نحو 27% من الكون ونحو 84.5% من المادة الكلية الموجودة في الكون.

إذا أردنا اكتشاف المادة المظلمة علينا بتجربة طُرقٍ أُخرى! هذا ما توصل له العلماء بعد محاولات عديدة للكشف عن هذه المادة .

فقد اقترح الفيزيائيون طريقة جديدة تمكنهم من اكتشاف ماهية المادة المظلمة والبحث عنها ، فهم يعتقدون أن المادة المظلمة عند تصادمها مع المواد الأخرى فإنها تصدر إشعاعاً يُعرف باسم الإشعاع المظلم ، و إذا كان ذلك صحيحا فعندها سيكون بإمكاننا الكشف عن آثار هذا الاشعاع .

إن غالبية كتلة الكون لا تزال مجهولة ، وعلى الرغم من معرفتنا القليلة بالمادة المظلمة، فقد تم قياس نسبة وجودها في الكون بدقة، بتعبير آخر فالفيزيائيون يعلمون بوجود هذه المادة ، ولكنهم لم يتمكنو من الكشف عنها حتى الآن .

يقول ايان شوماخر Ian Shoemaker الباحث السابق بدرجة مابعد الدكتوراه في مركز الفيزياء الكونية وفيزياء الظواهر الجسيمية CP3 " إن المادة المظلمة تستحق عناء البحث عنها " ، " لايمكننا التنبؤ بما يمكننا فعله بالمادة المظلمة إذا تمكنا من الكشف عنها ، ولكن ذلك قد يحدث ثورة في عالمنا ، فعندما تم اكتشاف علم الكم اعتُبر في البداية على أنه شيء غريب و محض فضول للعلم ،و اليوم يلعب ميكانيك الكم دوراً هاماً في الحواسيب."

ومنذ أن تم تفسير المادة المظلمة لأول مرة قامت العديد من المحاولات للبحث عنها ، واليوم تم اقتراح طريقة جديدة من قبل ايان شوماخر و عدد من زملائه وهم الباحث المساعد مادس تودال فراندسين من ال CP3 و جون ف شيري الباحث السابق بدرجة مابعد الدكتوراه من مخابر لوس الاموس الوطنية ، الولايات المتحدة الامريكية وقدموا عملهم في مجلة " Physical Review Letters " .

البحث في كهوف تحت الأرض :

توجد اليوم عدة كواشف في كهوف تحت الأرض ( بعمق كيلومتر أو أكثر ) ، حيث يكون أي ضجيج قد يشوش على عمليه الكشف أصغريا ( حيث أن الضجيج الكوني ينتج اشعاعا يمكن أن يغطي على إشارات المادة المظلمة ) ، على أمل أن يقوم أحد هذه الكشافات بالتقاط جسيمٍ للمادة المظلمة أثناء عبوره الأرض.

وفق شوماخر من المحتمل حدوث ذلك ، ولكن وبسبب قلة معرفتنا بتلك المادة يجب علينا إبقاء أذهاننا منفتحة والبحث عنها بكل السبل الممكنة، أحد أسباب ذلك هو أن المادة المظلمة لا تملك كثافةً عاليةً في هذا الجزء من الكون.

فكما يقول شوماخر: " إذا قمنا بإضافة طرقٍ جديدة للبحث عن المادة المظلمة ، فإننا سنزيد فرصنا في الكشف عن تلك المادة في الكهوف تحت الأرض."

كما يقترح هو و زملاؤه البحث عن آثار المادة المظلمة عوضاً عن البحث عن جسيمات المادة المظلمة نفسها.

حيث يعتقد الباحثون أن جسيمات المادة المظلمة تتصرف كما تتصرف الجسيمات العادية، أي أنها عندما تتصادم فإنها تفنى و تصدر إشعاعاً وفي حالة المادة المظلمة فيدعى ذلك الإشعاع بالإشعاع المظلم وربما يمكن الكشف عنه بواسطة الكواشف تحت الأرض .

يقول شوماخر: "إن تجارب الكشف تحت الأرض قد تتمكن من الكشف عن الإشارات والآثار التي يتسبب بها الإشعاع المظلم."

يعتقد الباحثون أن تجربة الزينون الكبيرة تحت الأرض LUX "Large Underground Xenon" تستطيع تحسس الآثار التي يتركها الإشعاع المظلم، ويمكنها باستخدام البيانات التي ستُقدم إليها مستقبلاً تأكيد أو نفي فرضياتنا عن منشأ المادة المظلمة.

لا تنسى البحث في مجرة درب التبانة أيضا :

إن محاولة الكشف عن آثار الإشعاع المظلم ليست بفكرة جديدة، فهناك العديد من التجارب تجري في مناطق عديدة من الفضاء عبر أقمار صناعية هذه المناطق تتضمن مركز درب التبانة كما أن الشمس هي موقع محتمل أيضاً.

يقول شوماخر:"إنه من المنطقي البحث في أماكن معينة من الفضاء حيث نتوقع أن تكون المادة المظلمة فيها ذات كثافة عالية _ أكثر كثافة منها على الأرض ، فإذا كان هناك وفرة من المادة المظلمة في تلك المناطق عندها نتوقع أن تقوم هذه الجسيمات بالتصادم فتفنى و تطلق الإشعاع المظلم."

لم تتمكن أي من تجارب الأقمار الصناعية في الفضاء حتى الآن من الكشف عن الإشعاع المظلم، تفسير ذلك بحسب شوماخر و فراندسين وشيري أن تلك الأقمار تبحث عن الإشارات الخاطئة.

يقول شوماخر:"تجارب الأقمار الصناعية تبحث عن الفوتونات، لأن العلماء يعتقدون أن المادة المظلمة تُصدر الفوتونات عندما تتصادم، ولكن إن كان ما تصدره المادة المظلمة عند تصادمها هو الإشعاع المظلم فإن تجارب الأقمار الصناعية تلك لا جدوى منها."

لا يزال النقاش سارياً حول تلك المادة حتى يومنا هذا ، ففي الأيام الأولى للكون عندما كانت كل المادة كثيفة جداً ، فربما كانت المادة المظلمة تتصادم مكونة الإشعاع المظلم كما كانت جزيئات المادة العادية تتصادم ، لذا ليس من المستبعد أن تتصرف المادة المظلمة كما تتصرف المادة العادية، كما يقول بعض العلماء.

حسناً، ماهي طرق الكشف عن المادة المظلمة المتبعة اليوم؟

يتبع العلماء للكشف عن المادة المظلمة ثلاث طرق، مجمعة في جملة "Make it، Break it، wait for it"

فالطريقة الأولى "Make it": والتي تعني "اصنعها" الطريقة تتلخص في محاولة صنع المادة المظلمة عن طريق جعل المواد تتصادم مع بعضها البعض ، يتم استخدام مصادمات ذات طاقة عالية، كمصادم هادرون الكبير ""LHC الموجود في CERNسويسرا .

أما الثانية "Break it": وهي عملية " إفناء " ، يحدث فيها ان يلتقي جسيمان من مادة مظلمة وينتجا نوعا من الإشعاع ، يمكن لذلك ان يحدث في اي مكان تكون فيه كثافة المادة المظلمة كافية بحيث تكون احتمالية تصادم الجسيمين عالية بمافيه الكفاية .

وفي الطريقة الثالثة "Wait for it": جل ما يقوم به العلماء هنا هو بناء كواشف وانتظار المادة المظلمة حتى تُظهر نفسها أو أن تترك أثراً ملحوظاً.

وقد باءت جميع المحاولات في الطرق الثلاث السابقة بالفشل حتى هذه اللحظة.

* المادة المظلمة هنا

المصادر: هنا

هنا