الفنون البصرية > سلسلة ألعاب الطاولة

لعبة المنقلة .... أقدم لعبة لوحية تحمل اسم عربي

لعبة المنقلة.... لعبة لوحية قديمة ومعروفة في أماكن متعددة حول العالم... لا شك بأن عدد كبير من المتابعين السوريين يعرفون هذه اللعبة المنتشرة في أماكن كثيرة في الساحل السوري والمنطقة المتوسطة... قد تكون أقدم لعبة لوحيّة في العالم.. يمكن لعبها بسهولة وبأي وسيلة من الوسط المحيط بنا... فهي تصنع من تجويفات صغيرة على لوح خشبي، كما يتم صنعها في إفريقيا، على سبيل المثال، بواسطة الأصداف البحرية أو بوساطة أشياء أخرى مُتواجدة.. وتستخدم فيها الحصى للّعب.. على الرغم من أصولها البدائية، فهي لعبة رياضية بالكامل ولها تشعبات كثيرة شبيه بتلك الموجودة في لعبة الشطرنج. حيث تتطلب من اللاعب حساباً دقيقاً لتحركاته والنتائج المترتبة عليها..

يرجع تاريخ لعبة المنقلة إلى 1400 سنة قبل الميلاد حيث تم العثور على لوح حجري على أحد الأسطح في معابد مدينة منفيس بولاية طيبة والأقصر والتي تبدو أنها تطورت في مصر من لوحات العد والحاسبات التي كانت تستخدم للجرد. بالإضافة إلى أدلة أكثر قدماً في بلاد سومر، حيث كانت كما الحال في مصر القديمة.

وفي عهد التوسع الاستعماري انتشرت اللعبة فلم تعد مقتصرة على إفريقيا والشرق الأوسط، بل انتشرت ليتم العثور عليها في جميع أنحاء منطقة البحر الكاريبي وعلى الساحل الشرقي في أمريكا الجنوبية بعد هجرة العبيد. كما وجدت نسخ معدلة عنها في الهند وسيريلانكا واندونيسيا وماليزيا والفيليبين.

ولأن اللعبة كانت ذات انتشار واسع في إفريقيا، فقد كانت لها صيغ خاصة تختلف من منطقة لأخرى وكل منها له تسمية، إلا أنها جميعها مشتقة من كلمة "واري". ولكي لا تختلط الأمور وندخل بجدل تاريخي في التسميات، فإن بعض أسماء هذه اللعبة هي أسماء ذات طابع عام تطلق على جميع الألعاب في تلك المنطقة المعينة لكن بالطبع قد تكون لبعض تلك الأسماء إشارات ومتغيرات محددة.

أفضل الطرق المعروفة للعب المنقلة هي "أيو" من نيجيريا و"واري" التي لعبت بدون الكثير من الاختلافات في غرب إفريقيا وجزء كبير من منطقة البحر الكاريبي. بالإضافة للعديد من الطرق الأساسية للعب المنقلة والمختلفة عن بعضها.

عالمياً، يمكن تقسيم طرق اللعب بهذه اللعبة إلى ثلاث طرق هي:

ذات الدورة الواحدة- متعددة الدورات- متعددة الدورات الهندية...

ففي المباريات الدورة الواحدة، عليك الذهاب بالحصى من خانة واحدة، يجري اختيارها ووضعها في الخانة اللاحقة. أما في مباريات الدورات المتعددة فإذا كانت الخانة الأساسية تحتوي على بذرة واحدة أو أكثر فإن محتويات هذه الخانة يتم توزيعها مرة أخرى بنفس الطريقة ويصل اللاعب بدوره للنهاية عندما تصل به الحصى إلى خانة فارغة (وهذه الطرقة تشابه طريقة اللعب المسماة ب"المجنونة" في سوريا)... أما في طريقة الدورات المتعددة الهندية يصل اللاعب إلى نهاية دوره عندما تنفذ البذور قبل الخانة الفارغة.

وللّعبة في جزر الهند الغربية معنى ديني حيث كانت تلعب في مجالس العزاء اعتقاداَ بأن روح الميت بحاجة للتسلية قبل دفن جسدها إلا أن هذه المعتقدات التي نشأت مع العبيد تم نسيانها أو عفى عليها الزمن.

و جدير بالذكر بأن اللعبة ذات اسم عربي وهو يطلق على جميع الألعاب من هذه الفئة في اللغة العربية، لتكون بذلك اللعبة الأقدم في العالم والتي تحمل اسم عربي.

بعذ هذه اللمحة السريعة عن جذور اللعبة في العالم، سوف نقدم لكم، أعزاءنا المتابعين، لمحة سريعة عن آلية لعب هذه اللعبة وانتشارها في سوريا..

تنتشر هذه اللعبة في العديد من المناطق السورية، وبخاصة في المناطق الساحلية، والمتوسطة... وهي لعبة قديمة، أغلب ممارسيها من كبار السن...

كما ذكرنا سابقاً تتم اللعبة على لوح خشبي له 14 حفرة... لكل لاعب سبع حفر..ويتم توزيع 49 حصية (بحصة) لكل لاعب... في كل حفرة 7 بحصات... يفوز اللاعب الذي يربح عدداً أكبر من الحصى... يمكن تقسيم آليات اللعب إلى نوعين:

1- المجنونة: تشابه هذه الآلية آلية اللعب متعددة الدورات التي تم ذكرها سابقاً... ويعد هذا النوع من اللعب هو الأسهل، وهو النوع الذي يبتدىء المرء بتعلمه.. في هذا النوع من اللعب يبدأ أحد اللاعبين باختيار إحدى الحفر وتوزيع حصياتها على باقي الحفر ابتداءاً من اليمين بشكل دوري... إذا انتهت حصياتها في حفرة فيها من الحصى عدد لا يساوي اثنين أو أربعة، يقوم بحمل هذه الحصى ويتابع توزيعها بنفس الطريقة حتى يحصل أحد الخيارين:

أ- إذا وصل إلى حفرة فارغة ينتهي دوره بدون أن يربح شيء. ويبدأ دور اللاعب الثاني.

ب إذا وصل إلى حفرة وأصبح فيها عدد من الحصى يساوي أربعة أو اثنين، يربح هذه الحصى ويربح الحصى الموجودة في الحفرة الموجودة قبالتها...

الفائز في هذه اللعبة هو اللاعب الذي يمتلك عدداً أكبر من الحصيات في نهاية اللعبة...

2- العاقلة: تعد هذه اللعبة أكثر صعوبة، وهي المكافئة للطريقة العالمية في اللعب التي تسمى لعبة الدورة الواحدة... وهذه اللعبة تحتاج لذكاء وممارسة أكبر..

في هذا النوع من اللعب يبدأ أحد اللاعبين باختيار إحدى الحفر وتوزيع حصياتها على باقي الحفر ابتداءاً من اليمين بشكل دوري... إذا انتهت حصياتها في حفرة فيها من الحصى عدد لا يساوي اثنين أو أربعة، ينتهي دوره، أما إذا انتهت إلى حفرة فيها حصيتان أو أربع يقوم بربح هذه الحصى...

تحتاج هذه اللعبة لتركيز أكبر، لأن على اللاعب قبل أن يقرر اللعب بإحدى الحفر أن يحسب آثار لعبه لهذه الحفرة على حفر خصمه، وعلى توزع الحصى الجديد في الحفر...

ويكون الرابح هو اللاعب الذي يمتلك في نهاية اللعبة عدداً أكبر من الحصى...

في نهاية المقال من الجدير بالتوضيح، أن هذه اللعبة منتشرة بكثرة عند كبار السن، كما ذكرنا سابقاً تحتاج لتركيز كبير... يعتمد بعض اللاعبين على الغش في هذه اللعبة بإحضار حصى إضافية واستخدامها عند الحاجة... ولكن هذه الحيلة غير مجدية أبداً مع اللاعبين المحترفين.. فبعض المحترفين يستطيعون حساب ومعرفة عدد الحصى في كل حفرة بعد أكثر من خمس دورات من اللعب المتواصل...

المصادر:

هنا

هنا