الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

كيف يمكن للحيوانات أن تتنبأ بالزلازل؟

تعد غابات الأمازون المطيرة المكان الأمثل لدراسة سلوك الحيوانات في بيئتها الطبيعية. إذ يعيش في تلك الغابات العديد من الحيوانات التي تنشط ليلاً ونهاراً فلا تعرف غابات الأمازون السكون.. ولكن لوحظ ذات يوم التزام الحيوانات بالهدوء وانسحابها من أماكنها بشكل غير اعتيادي مما دعا العلماء إلى دراسة سبب هذا السلوك الغريب.

يقول العلماء أنهم قاموا بعدة دراسات ساعدتهم على إثبات أن هذا التصرف ما هو إلا دليل على أن زلزالاً سوف يضرب المنطقة وتم نشر النتائج التي توصل إليها هذا البحث في مجلة فيزياء وكيمياء الأرض.

إذاً كيف تم إثبات صحة هذا الاعتقاد بالتجارب؟

قام باحثون بدراسة حركة وسلوك الحيوانات بإحضار سلسلة من كاميرات المراقبة الخفية التي تلتقط النشاط الحركي وعملوا على تثبيتها في حديقة البيرو الوطنية وذلك من أجل مراقبة النشاط على مستوى الأرض، حيث تم تصوير حركة القوارض وغيرها من الحيوانات الأرضية.

في عام 2011 حدث زلزال كونتامانا بقوّة 7.0 درجات وقام الباحثون حينها بالرجوع الى كاميرات التسجيل هذه ولاحظوا أمراً مدهشاً، أن الحيوانات وقبل أسبوع من حدوث الزلزال قد اختفت عن الأنظار، حزمت حقائبها وتوجهت الى التلال؛ إذا جاز التعبير.

وبالتدقيق في التسجيلات الموجودة، لوحظ أن نشاط الحيوانات بدأ بالانخفاض قبل حوالي 23 يوم من وقوع الزلزال، ففي الأيام العادية كانت الكاميرا تلتقط مابين 5-15 حيواناً نشطاً، بينما في الأيام الثلاثة والعشرين التي سبقت الزلزال كانت الكاميرا تلتقط خمسةً منهم فقط خلال اللقطات اليومية.

والأمر الأكثر إدهاشاً هو أنه وفي الأيام الخمسة التي سبقت الزلزال مباشرة لم تلتقط هذه الكاميرات أي حركة لأي نوع من الحيوانات، الأمر الذي يعتبر ذو أهمية كبيرة في منطقة تعتبر مليئة بالحيوانات.

تعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توثيق مثل هذه الظاهرة على كاميرات المراقبة قبل حدوث الزلازل على حد علمنا. قالت الدكتورة ريتشل غرانت المشرفة على الدراسة: "اعتقدت عند حدوث هذا الزلزال الذي كان يبعد مركزه مسافة 230 كم عن الحديقة، أنه ما من شيء سيحدث في هذه الحديقة، لكن عند مشاهدتي لهذه النتائج صدمت تماماً، لقد كان الأمر رائعاً حقاً" لقد أظهرت التحاليل أنه وقبل الزلزال تماما توقف نشاط الحيوانات.

إذا ما الذي حدث حقا؟

يبدو أنه عندما يتعرض سطح الارض لضغوطات، فإن الجزيئاتٍ المشحونة كهربائياً تتسبب بزيادة مستوى السيروتونين في الدم، الأمر الذي بدوره سوف يجعل الحيوانات والبشر تشعر بالإرتباك، الإثارة، الصداع، الأرق وفرط النشاط. ثم كتصرف طبيعي للحيوان سيقوم بمغادرة هذه المنطقة التي شعر فيها بعدم الراحة وتم ملاحظة ذلك السلوك في الأسبوع الذي سبق الزلزال الذي ضرب البيرو حيث حدث تقلّب كبير من هذا النوع، كان ذلك في نفس الإطار الزّمني الذي غادرت فيه القوارض والحيوانات الاصغر منها المنطقة، من الواضح أنهم كانو يعلمون بقدوم شيء سيء.

كيف يمكننا الإستفادة من هذه الظاهرة ؟

كما علمنا إذاً أن للحيوانات القدرة على التنبؤ بالزلازل، بالتالي يمكننا استخدامها جنباً الى جنب مع نظم الرصد الاخرى. ويمكن الإستفادة من هذا النظام في البلدان النامية والبلدان المعرضة للزلازل، إذ أنها طريقة غير مكلفة، سهلة الإنجاز ولاتتطلب أكثر من وجود شخص يراقب سلوك الحيوانات ويسجل تغيراتها كما لا حاجة لاستخدام أقمار صناعية.

فقط عندما كنا نظن أننا نعرف جميع الأسباب المهمة التي تساعدنا على وقف هلاك الغابات المطيرة في عالمنا، يأتينا الآن سبب مساعد آخر وهو قدرة جميع الحيوانات التي تعيش في تلك المناطق الحراجية على مساعدة البشر في تحديد موعد حدوث الزلازل. الأمر الذي يدفعنا للحفاظ على موطن هذه الكائنات والتوقف عن عمليات قطع أشجار الغابات في تلك المناطق الأمر الذي سيدفع بالحيوانات للمغادرة وبالتالي سيقلل فرصنا بالقدرة على معرفة احتمال حدوث الزلازل.

نرجو أن يقدم لكم هذا المقال سبباً إضافياً للحفاظ على الحياة البريّة والدفاع عنها ففي النهاية لا أعلم كم يلزمنا بعد من الأسباب لكي نتوقف عن تدمير هذه الغابات الجميلة والمحافظة على الحياة فيها.

المصدر:

هنا

الدراسة:

هنا