الفيزياء والفلك > فيزياء

الذرات الاصطناعية تتحدث والعلماء ينصتون

يعرف العلماء الكثير حول كيفية تفاعل الذرات الطبيعية مع الضوء, فعندما تكتسب الذرات طاقة فإنها غالباً تطلق جسيمات صغيرة دون ذرية من الضوء تدعى الفوتونات, هذه الفوتونات تنتمي إلى عالم ميكانيك الكم حيث أنها تتصرف بطبيعة جسيمية وموجية, وقد درس العلماء سلوكها الغريب بشكل مكثف على مدى العقود الماضية. كما حاولوا تركيب ذرات اصطناعية والمكونة من دارات الكترونية صغيرة مصنوعة من مواد فائقة التوصيل, تفيد هذه الذرة في دراسة الظواهر الفيزيائية الكمومية بشكل محاكي للذرات والجزيئات العادية مما يتيح فهم أفضل للتأثيرات والتفاعلات على المستوى الذري. تمكن علماء الفيزياء ولأول مرة من استخدام الصوت بدلاً من الضوء للتواصل مع ذرة اصطناعية. فقد صمم العلماء في جامعة تشالمرز للتكنولوجيا في السويد ذرة اصطناعية يمكنها أن تصدر بعد شحنها جسيمات صوتية (تدعى فونونات وهي تعبير كمومي لحالة اهتزازات الذرات أو الجزيئات في المادة ) بدلاً من الفوتونات الضوئية. يقول بير ديسلنغ Per Delsing وهو أستاذ التكونولوجيات الدقيقة وعلم النانو في تشالمرز "لقد فتحنا باب جديد في عالم الكم من خلال التحدث والاستماع إلى الذرات".

استخدم الباحثون دارة فائقة التوصيل تدعى هذه الدارة "الذرة الاصطناعية" حيث يمكن شحن الذرات الاصطناعية لمستويات متعددة من الطاقة بشكل مماثل للذرة الحقيقية. يستطيع العلماء من خلال ذلك دراسة السلوك الكمي للجسيمات الصادرة. قام الباحثون ضمن التجربة بتبريد الذرة الاصطناعية لدرجة حرارة قريبة من الصفر المطلق, لكي لاتشوش الحرارة على النظام الكمي الدقيق للذرة, استخدم الفريق ذرة اصطناعية بطول 0.01 ملم. تتضمن اعدادات التجربة أيضاً مكبر صوت وميكرفون لتسجيل الصوت المنبعث.

غالباً ما تقترن الذرة الاصطناعية بالدراسات الضوئية إلا أنه في هذه التجربة كانت الذرة الاصطناعية مرتبطة بالصوت, حيث وضع فريق البحث دوائر فائقة التوصيل بين قطبين تم تغطيتهما بألياف كهرضغطية,هذه السطوح الكهروضغطية تحول أي اهتزازات إلى شحنة كهربائية ومنه إلى موجة صوتية. أطلق الباحثون موجة صوتية على الذرة الاصطناعية فامتصت الذرة هذه الموجة وتزايد مستوى الطاقة حتى وصلت إلى الحد الذي دعاه الباحثون "بالحالة المثارة" .وعندما استرخت الذرة وعادت الى الحالة الدنيا, أطلقت فونونات. قام الباحثون بقياس وتسجيل سلوك الفونونات, واكتشفوا العلاقة الرابطة بين الذرة الاصطناعية والصوت حيث وجدوا أن هذا العلاقة أقوى بكثير من العلاقة المتشكلة بين الذرة الاصطناعية والضوء, هذه العلاقة القوية سهلت بشكل أكبر التحكم بالفونونات.

إن تيار الجسيمات الصوتية الآتية من الذرة الاصطناعية هو الصوت الأضعف الذي يمكن الكشف عنه, فبالرغم من أن الباحثين لم يستطيعوا قياس قيمة الديسبل الحقيقية, فهي حادة لدرجة لا تستطيع الأذن البشرية الاحساس بها. قام الباحثون بقياس تردد قدره 4.8 جيغاهرتز, تمثل على المقياس الموسيقي النغمة D28 أي حوالي 20 أوكتاف فوق أعلى علامة موسيقية في البيانو الكبير.

إن دراسة الفونونات بدلاً من الفوتونات يمكن أن يقدم رؤية جديدة في العالم الكمومي والذي إلى الآن لم يفهمه العلماء بشكل كامل. نظراً لبطىء سرعة الصوت بالمقارنة مع سرعة الضوء , سيتوفر لدينا الوقت الكافي للتحكم بالجسيمات الكمومية أثناء تحركها, ويعد هذا التحكم صعب جداً باستخدام الضوء الذي يتحرك بسرعة أكبر بحوالي100,000 ضعف سرعة الصوت.

من الصعب دراسة سلوك الجسيمات الكمومية, وذلك لأن الحالة الكمية لتلك الجسيمات تنهار عندما يبدأ الباحثون بعملية القياس والعبث بتلك الجسيمات.سبق وأن منحت الذرات الاصطناعية الباحثين المزيد من التحكم والسيطرة على الأنظمة الكمية, لكن ستجعل الأمواج الصوتية التي تتحرك ببطء نسبياً التحكم بالجسيمات أمراً أسهل. إن معرفة المزيد عن الجسيمات الكمية يمكن أن يساعد العلماء على الاقتراب من تطوير تكنولوجيا مثل أجهزة الحواسيب الكمومية فائقة السرعة أو الترميز الكمي للاتصالات الآمنة.تم نشر تفاصيل هذه الدراسة في 11 أيلول في مجلة ساينس العلمية.

المصدر:

هنا