علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

سلسلة الحب- الجزء الرابع: الحب والجنس.

استمع على ساوندكلاود 🎧

يُعدُّ الحب من أسمى المعاني وأعظمها، ويُنظَر للجنس كأمر دنيء وحقير يُحوِّل الشريك إلى سلعة، ولكن الجنس شعورٌ كالحب، وليس مجرد غريزة حيوية كالجوع والعطش، فالرغبة الجنسية جزءٌ من الحب العاطفي، وبينما تركز الرغبة على التفاصيل قصيرة المدى لبعض الأجزاء الخارجية من الجسد التي يمكن استكشافها على الفور عبر وسائل الإدراك الحسي، فإن الحب يُركز على القيم الشاملة بعيدة الأمد.

هل يكون الحب شرطاً ملازماً لممارسة الجنس؟

حقيقةً قد يحدث الجنس دون وجود الحب، ولكن علاقات الحب غالبًا ما تتضمن الجنس، فهناك كثير من النساء لم يبلغن النشوة الجنسيّة لأعوامٍ، ولكنهن محبات لأزواجهن، وهناك رجال يجدون السعادة الجنسية مع غير زوجاتهم على الرغم من حبهم لزوجاتهم واحترامهم لهن، ولكن حينما يجتمع الحب مع الرغبة الجنسية يبلغ الشريكان أقصى درجات التعبير عن السعادة الإنسانية.

يتساءل كثير من الأزواج عن المعدل الطبيعي لممارسة الجنس، فأجريت العديد من الدراسات في الولايات المتحدة بهدف تقدير التواتر الوسطي بين المتزوجين؛ إذ قُدِّر بمتوسط 7سبعُ مرات شهريًا (أيّ حوالي مرتين أسبوعيًا)، ولكن هذا التواتر يختلف تبعًا للسن ومدة العلاقة، وفي دراسةٍ على 16 ألف رجل أميريكي كبير في السن؛ إذ سجل المشتركون ممارستهم للجنس 2 – 3 في الشهر، بينما سجلت الأعمار الأقل من 40 عامًا مرة أسبوعيًا، وبعيدًا عن العمر فإن الشركاء يمارسون الجنس بتواتر أكبر في الفترات الأولى من زواجهم، فمن بين عينة من المتزوجين في غضون سنتين سجلت نسبة 45% منهم ممارستهم للجنس ثلاث مرات أو أكثر أسبوعيًا، ثم انخفضت هذه الأرقام مع مرور الوقت لتبلغ 18% وذلك بعد بقائهم سويًا أكثر من عشرة سنوات.

ثَبُت للجنس آثارًا إيجابية كبيرة على الزوجين؛ إذ أن هناك دراسة تؤكد أن الرجال والنساء يشعرون بالاكتفاء الجنسي والسعادة والرضا عن علاقتهم حينما يمارسون الجنس بمقدار أكبر.

وفي دراسة جديدة على الزواجات المديدة، وُجِد أن السلوكيات التي يعبر فيها الشريك عن الحب والعطف كالقبل والحضن والمداعبة ترتبط أيضًا بزيادة درجة الرضا الجنسي لكلا الزوجين، وفي الحقيقة فإن ما يعبر فيه الشريكان عن الحنان المتبادل مثل العناق وتشابك الأيدي كان مؤشراً مُهمًا لعمق الحب بين الزوجين في العلاقات المديدة أكثر أهمية من الجماع المهبلي.

وتبين أن للجنس أثرٌ كبيرٌ على الأزواج "العصابيين"، وهم الأشخاص الذين يعانون من حدة وتقلب في المزاج، سريعو الانفعال وكثيرو القلق، ويتصفون بأنهم أقل ارتياحًا في العلاقات العاطفية، وحين يتزوجون فَهُمْ أكثر عرضة للانفصال، يقول مؤلف هذه الدراسة Michelle Russell من جامعة تينيسي بأن " العصاب بدرجاته العالية هو أكثر ما يهدد العلاقة الزوجية من بين السمات الشخصية الأخرى".

وبما أن الجنس في الزواج يوقد السعادة، ولهذا أجرى Michelle Russell دراسةً على 72 زوجًا من العرائس لمدة 4 أعوام؛ إذ سجل كل منهم -على انفراد- انطباعه عن العلاقة كل ستة أشهر، وقد كان المتوسط للجنس التام حوالي مرة أسبوعيًا في الشهور الستة الأولى، و3 مرات شهريًا خلال العام الرابع، وعلى رغم ذلك كان الأزواج راضون عن علاقاتهم وسعداء بها، بغض الطرف عن ارتفاع تواتر الجنس أو انخفاضه، إذن لا يعتبر الجنس في كثرته مؤشرًا صحيحًا لتقييم سعادة الأزواج، ونستثني من هذه العبارة الأزواج العصابيين تحديدًا، فإن سعادتهم تزداد وارتياحهم داخل العلاقة الزوجية مع تزايد وتيرة ممارسة الجنس، وذلك يظهر عبر تحسن مزاجهم في الصباح الآتي لممارسة الجنس ليلاً.

بناءً على ما ذُكر، يُنصح بعدم المقارنة مع الآخرين عبر الاستفسارعن متوسط التردد الجنسي لما له من نتائج سلبية على الحالة النفسية والشعور بعدم الرضا والاكتفاء، فإن كنت سعيدًا بما تحصل عليه (كمًا وكيفًا) فلا يهم ما يفعله الآخرون.

سؤال للمتزوجين والمقبلين على الزواج، هل يمكن للحب أن يصمد بلا مشاعر جنسية، وهل الحب الأفلاطوني فعلًا موجود؟

المصادر:

هنا

هنا

هنا