الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

على الطريق نحو اكتشاف سر قوة باباي والسبانخ

يتبع علماء الفيزياء في جامعة بوردو إلى مجموعة دولية تعنى باستخدام السبانخ لدراسة البروتينات المسؤولة عن عملية التمثيل الضوئي،تعرف عملية التمثيل الضوئي بأنها العملية التي تحول النباتات بواسطتها طاقة الشمس إلى كربوهيدرات تستخدم لإمداد العمليات الخليوية بالطاقة.

تعد البروتينات المدروسة جزءاً من النظام الأكثر كفاءة على الإطلاق والقادر على تحويل طاقة الشمس إلى طاقة كيميائية لا مثيل لها بكفاءة قدرها 60%، ولا غنى عن فهم هذا النظام لاستخدامه في أبحاث الطاقة البديلة الهادفة لخلق عمليات تمثيل ضوئي اصطناعي.

تستخدم النباتات خلال عملية التمثيل الضوئي الطاقة الشمسية لتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى الكربوهيدرات التي تعتبر مخزناً للهيدروجين الآتي من الماء بينما ينطلق الأكسجين. يمكن للتمثيل الضوئي الاصطناعي أن يسمح بتحويل الطاقة الشمسية إلى وقود متجدد صديق للبيئة وقائمٍ على الهيدروجين.

يستخرج الطلبة المساعدون في الدراسة معقداً بروتينياً يسمى الجملة الضوئية الثانيةPSII * وذلك ابتداءً من السبانخ العادية التي تم الحصول عليها من السوبر ماركت. ليس الاستخراج بالأمر السهل فهو يتم على يومين في غرفة بنيت خصيصاً لتحافظ على السبانخ مبرداً ومحمياً من الضوء. بعد الاستخراج تتم إثارة المعقد البروتيني بواسطة شعاع ليزري مع تسجيل التغيرات الحاصلة لإلكترونات جزيئاته.

تتطلب هذه البروتينات الضوء لتعمل في الطبيعة، وبالتالي فإن الليزر يقوم مقام الشمس خلال التجربة. عندما تبدأ البروتينات بالعمل، تستخدم تقنيات متقدمة مثل الإلكترون مغناطيسي الرنين**، ومطياف الأشعة السينية لمراقبة كيفة تغير الهيكل الالكتروني للجزيئات أثناء تأديتها لوظائفها.

خلال عمل الجملة الضوئية الثانية يتحور أحد أجزاءها ليمر بخمس حالات تفضي إلى فقدانه 4 إلكترونات، وقد تمكن الفريق الدولي مؤخراً من الكشف عن هيكلية الطور الأول والثالث بدرجة وضوح قدرها 5 إنغستروم*** للأول و5.5 إنغستروم للثالث.

الخدعة تكمن باستخدام نبضات من أقوى أشعة ليزر في العالم (LCLS) فائق السرعة من رتبة الفمتوثانية **** والتي تسجل لقطات لبلورات الجملة الضوئية الثانية PSII قبل أن تنفجر بفعل شعاع الاشعة السينية فيما يسمى بمبدأ "التحييد قبل التدمير". تكشف الأشعة السينية التغييرات الهيكلية، لكنها لا تقدم تفاصيل عن كيفية تطور التكوينات الإلكترونية مع مرور الوقت، وهو ما يحاول فريق الدراسة التغلب عليه.

تستخدم التكوينات الإلكترونية لمعرفة المرحلة التي تمر فيها الجملة الضوئية الثانية في وقت معين، إذ لابد من إدراك التغيرات الهيكلية في بنية المعقد البروتيني إذا ما أردنا تطوير أي برنامج للتمثيل الضوئي الصناعي.

هوامش:

(*) الجملة الضوئية الثانية Photosystem II: هي المعقد البروتيني الأول في التفاعلات المعتمدة على الضوء خلال عملية التمثيل الضوئي. وهي تقع في غشاء خاص ضمن الصانعات الخضراء للنباتات. يتم في هذه الجملة التقاط الفوتونات الضوئية لتنشيط الإلكترونات التي تنتقل بعد ذلك خلال مجموعة متنوعة من العوامل والأنزيمات المساعدة. تكون النتيجة تنشيط تفاعل أكسدة-إرجاع يتم فيه أكسدة اثنين من جزيئات الماء للحصول على جزيء أوكسجين واحد O2 بينما يتم نقل الإلكترونات الأربعة من ذرات هيدروجين الماء بواسطة سلسلة نقل الإلكترون لاستخدامها في إنتاج الطاقة.

أما الجملة الضوئية الأولى فتضم المعقد البروتيني الثاني وسبب تباين الترتيب هو ترقيم المعقدات تبعاً لوقت اكتشافها والذي يعاكس ترتيب دورها في سلسلة نقل الالكترونات خلال العملية.

(**) الإلكترون مغناطيسي الرنين Electron Paramagnetic Resonance: أحد أشكال التحليل الطيفي ذو الفائدة الواسعة، يستخدم لدراسة الجزيئات أو الذرات ذات الإلكترونات غير المزدوجة.

(***) الإنغستروم Angstrom: وحدة قياس للطول تساوي جزء من عشرة مليار جزء من المتر، وقد سميت هذه الوحدة نسبة إلى العالم آندرز أنغستروم. 1 أنغستروم = 0.0001 ميكرومتر.

(****):الفيمتو ثانية Femtosecond: هو جزء من مليون مليار جزء من الثانية أي (عشرة مرفوعة للقوة -15) والنسبة بين الثانية والفيمتو ثانية كالنسبة بين الثانية و32 مليون سنة

هنا

هنا