البيولوجيا والتطوّر > علم الجينات

ما هي طفرة الشعر الأشقر؟

بدايةً، غالباً ما نسمع أن فلاناً ورث عن أمه لون شعرها، أو ورثه عن أبيه، وهكذا صفات تنتقل من الآباء للأبناء بالوراثة فعلاً، حيث أن كل إنسانٍ يولد يحمل 23 شفعاً (زوجاً متقابلاً) من الصبغيات في نواة كلِّ خليّةٍ من خلايا جسمه، نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم، وكل صبغي هو عبارة عن شريط طويل جداً من الـDNA الذي يحمل في تسلسله تشفيراً لكل صفةٍ من صفات الإنسان (مورّثات)، وتقوم كل خلية بقراءة ما تختص به من الصفات الموجودة على هذا الشريط ثم تُعبّر عنها لتظهر هذه الصفة عند الإنسان (لون الشعر، لون العينان، الطول، ...إلخ)، وحينما تظهر صفة جديدة لم تكن موجودةً من قبل فغالباً ما تكون نتيجة لطفرة، حيث تُعرَّفُ الطفرة بأنها تغيُّرٌ في عدد أو تسلسل مكونات شريط الـDNA، وتحصل الطفرة نتيجة خطأ في تركيب أو نسخ الـDNA خلال تشكيل الأعراس (من الأب أو الأم) وتظهر صفاتها في الأبناء ويمكن للأبناء توريثها.

بالنسبة للشعر الأشقر، تقول الدراسات أن هذه الصفة ناتجةٌ عن طفرة في مورثة تسمى برَبِيطة KIT أو KITLG، و هذه الطفرة تحدث في الصبغي رقم 12 حيث يُستبدل الغوانين بالأدنين (الغوانين والأدنين من مكونات شريط الـDNA)، لكن نتيجةً لوجود ست مناطق صبغية (مورثات) تعمل مجتمعةً على إظهار لون الشعر نرى درجاتٍ مختلفةً للون الشعر الأشقر، كالأشقر البلاتيني والأشقر الغامق وحتى البني الغامق، وتكثر هذه الحالات في سكان أوربا الشمالية حيث يظهر تدرج ألوان الشعر في ثلث السكان عندهم.

لا بد أن نشير بأن المورثة المشفرة للبروتين المسمى برَبِيطة KIT أو KITLG ليست مسؤولة فقط عن الصبغة (لون الشعر) بل تؤثر على خلايا الدم والخلايا العصبية في الأمعاء والخلايا الجنسية أيضاً، لذلك سيؤدي انكسار هذه المورثة إلى العقم وحتى إلى الموت كون الخلايا الدموية لن تعمل كما يجب، فهل ستؤدي الطفرة إلى نفس ما أدى إليه انكسار المورثة؟

للإجابة على هذا السؤال تم إجراء تجربةٍ على الفئران، وبعد تحديد المناطق الوراثية المسؤولة عن الشعر الأشقر في الـDNA البشري، قام العلماء بإزالة الأقسام (الأجزاء) المشفرة ووضعوها مع مورثةٍ أخرى و وَسَمُوهَا (علّموها، وضعوا عليها كاشفاً) بمادة تؤدي إلى إعطاء فلْورة زرقاء يمكن كشفها تحت المجهر، ومن ثم زرعوا هذه المورثة المُعلّمة في الفئران، فوجدوا أن الفلْورة الزرقاء ظهرت في الشعر فقط، هذا يعنا أن الطفرة ظهرت فقط في الشعر أما باقي الوظائف فبقيت سليمة.

و من الملفت للانتباه في هذا الموضوع هو أن الطفرة التي تؤدي إلى إعطاء اللون الأشقر للشعر عند البشر هي نفس الطفرة التي تعطي لفرو الفئران لوناً فاتحاً أكثر.

لكن كيف انتشر أصحاب هذه المورثة الطافرة على الأرض؟

بالنسبة للمناطق الشمالية من أوروبا، رُبّما عبّرت هذه الطفرة عن تكيّف الجسم البشري مع ضوء الشمس الضعيف في تلك المناطق، حيث تحتاج البشرة لتكون ذاتَ لونٍ أَفْتَح كي تمتص قدراً أكبر من أشعة الشمس ليتمكن الجسم من تصنيع الفيتامين "د" الضروري للعظام، فكانت الطفرة وكان لون الشعر الأشقرِ عَرَضَاً مُصاحباً لها، ومن ناحيةٍ أخرى فإن الانتقاء الجنسي يمكن أن يكون قد لعب دوراً، حيث يعتبر أصحاب الشعر الأشقر أكثر جاذبيةً، مما زاد من فرص التزاوج وانتشار هذه الطفرة، وربما لقلّة حاملي هذه الطفرة عند بداية ظهورها، أصبحت هذه الصفة التي يحملونها مُحَبَّذَةً لندرتها.

بالمناسبة أيتها الشقراوات، هناك الكثير من النكات حول ذكائكن، حتى أن الكثير من الأفلام تشير إلى نقص ذكاء الشقراوات، لكن لا تغضبن، فهذه المعلومات لا أساس لها من الصحة، فكما ذكرنا تؤثر الطفرة في المورثة الخاصة بالشعر الأشقر على لون الشعر فقط، وليس على أمور أخرى كالذكاء، أي أن النكات الخاصة بذكاء الشقراوات لا أساس لها من الصحة.

و أنتم أعزائنا القراء من فئة "عصبة الشعر الأشقر" كيف تشعرون بعد أن قرأتم مقالةً تتحدث عنكم؟!

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا