البيولوجيا والتطوّر > التطور

إكتشاف أحفور بدائي صغير و غريب في منجم للفحم الحجري

عثر في مناجم الفحم في تايلاند على مستحاثات للفك السفلي لواحدة من الرئيسيات التي عاشت على الأرض قبل 35 مليون سنة في آسيا.

هذا النوع والذي أطلق عليه اسم (Krabia minuta) نسبة لمكان الاكتشاف في مناجم (Krabi) للفحم يعتبر واحد من الأفراد القديمة المنقرضة من الرئيسات التي تدعى (anthropoids) أو القردة الشبيهة بالإنسان. والتي تتضمن أسلاف كلا من القردة والغوريلات والبشر.

أظهرت تلك الأحافير سمات أخرى مميزة بما فيها أضراسها ( أرحائها ) المميزة والتي لم يسبق للعلماء أن وجدوا مثلها عند بقية أفرادا هذه المجموعة من الرئيسيات.

ظهرت الرئيسيات الصغيرة خلال فترة غامضة عندما انتقلت الرئيسيات بطريقة أو بأخرى عبر البحر الشاسع من آسيا إلى أفريقيا.

يقول الباحث في علم الأحافير (جين جاغر) من جامعة (بويتيرز الفرنسية) أن الرئيسيات الشبيهة بالإنسان الآسيوية قد تكون أكثر تنوعاً ممكناً نعتقد اليوم ومن المحتمل أنها لعبت دوراً أكثر أهمية حيث نتصور في أصل القرد الشبيهة بالإنسان الحديثة.

تطور القرود

على الرغم من ظهور الإنسان في أفريقيا إلا أن القردة الشبيهة بالإنسان والتي تعتبر أسلافاً لكل من البشر والقرود على حد سواء فمن المحتمل أنّها ظهرت سابقاً في آسيا. تعود أحافير القردة الشبيهة بالإنسان التي تم العثور عليها في الصين إلى 45 مليون عام في حين أنَّ نظيرتها المكتشفة في جنوب شرق آسيا يصل عمرها إلى ما يقارب 40 مليون عام في حين أنَّ الأنواع المماثلة لتلك الكائنات قد ظهرت في ليبيا قبل حوالي 38 مليون عام .

ما أربكَ العلماء هو كيف انتقلت هذه القردة القديمة من آسيا إلى أفريقيا بوجود بحر تاثيس (Tethys Sea) بحجم البحر المتوسط يفصل بين آسيا وأفريقا في ذلك الوقت.

إحدى الفرضيات التي حاولت تفسير هذا الانتقال هي حدوث أعاصير قوية اقتلعت أجزاء كاملة من الأرض والأشجار مع ما تحمله من قرود وقوارض من آسيا ونقلتها عبر البحر إلى أفريقيا، وهناك استوطن ما نجا من تلك القوارض والقردة القارة الجديدة.

الآن وبوجود هذه الأحافير الآسيوية بات من الممكن اختبار هذه الفرضية والتي كان من الصعب التحقق من صحتها سابقا والسبب هو أوراق الشجر فكيف ذلك. مشكلة علماء الأحافير هي انه بمكان يضم الكثير من أوراق الشجر كالغابة مثلا من الصعب جداً إيجاد مستحاثات وأحافير كون أوراق الشجر تغطي الأرض لتمنع بقايا الحيوانات من الوصول إلى التربة المكشوفة.

ولكن في منجم كاربي للفحم في تايلاند كانت التربة مكشوفة وغير مغطاة بتلك الأوراق وهناك تمكن الباحثون من العثور على تشكيلة ثمينة من الأحافير تزن حوالي 9 كيلو لأحد أنواع القردة الشبيهة بالإنسان الذي يعرف بـ (SemnOpithecus).

وضمن تلك التشكيلة من الأحافير عثر الباحثون على جزء من فك وأسنان تعود لكائن صغير الحجم قد لا يتجاوز وزنه النص باوند . وبالاعتماد على أبعاد السن وشكله تم تصنيف هذا الكائن كأحد أنواع القردة الشبيهة بالإنسان ولكنها في نفس الوقت تختلف جدا عن الأنواع المعروفة من هذا الكائن .

بنية السن المكتشف غريبة مقارنة بباقي أنواع القردة الشبيهة بالإنسان حيث تشير إى أنَّ النظام الغذائي للنوع الجديد المكتشف كانت يضم الكثير من الفاكهة الطرية في حين أنَّ النظام الغذائي للأنواع الآسيوية الأخرى من القردة الشبيهة بالإنسان كانت تضم إلى جانب الحشرات العديد من النباتات والثمار القاسية كالمكسرات.

افترض العلماء المشاركين بالبحث أنَّ هذا النوع الجديد قد يكون أحد أفراد مجموعة ( amphipithecids) التي تعتبر أحد المجموعات المنقرضة من القردة الشبيهة بالإنسان ولكن ونظر للحجم الصغير لهذا النوع الجديد المكتشف فإنَّ هذا التصنيف مازال رهن للنقاش والجدل.

يضيف أحد أعضاء الفريق أنه وعلى الرغم من كون بعض الأشخاص قد لا يتفقون حول ماهية هذه الأحفورة وموقعها المناسب ضمن شجرة عائلة القرود إلا أنَّ هذا لا ينتقص أبداً من أهميتها.

وأضاف "أنَّها واحدة من عدد قليل جدا من الحفريات التي قد عثر عليها هنا في جنوب شرق آسيا، والآن أصبح لدينا سبب للاعتقاد بأن جنوب شرق آسيا كان المركز الحقيقي لتطور الرئيسيات في ذلك الوقت".

المصدر: هنا