الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية

كيف ينظم الجسم نسبة السكر في فترات الجوع؟

تنظيم نسبة السكر في الدم (استتباب الغلوكوز) أمر بالغ الأهمية للحفاظ على سلامة الكائن الحي. يعدّ السكر –بالأخص الغلوكوز- وقود الجسم، وخاصة الدماغ، لذا لا بد من الحرص على صحة سير هذه العملية وسلامتها.

الهرمونات التي تنظم استقلاب السكر:

الهرمونان الأساسيان المسؤولان عن تنظيم نسبة الغلوكوز في جسمنا هما (الأنسولين - Insulin) و(الغلوكاغون - Glucagon) -المُفرَزان من جزر لانغرهانس في البنكرياس-، لهما دور رئيس في تنظيم نسبة غلوكوز الدم عن طريق الكبد، خاصة وقت الامتناع عن الطعام (1).

عند ارتفاع نسبة السكر في الدم، يُفرَز هرمون الأنسولين لتخفيضه عن طريق تسريع دخوله إلى خلايا الأنسجة والأعضاء. وفي المقابل، عند انخفاض نسبة سكر الدم، يُفرَز هرمون الغلوكاغون مما يحفز الكبد على تفكيك الغليكوجين وتحرير الغلوكوز في الدم لتزويد أعضاء الجسم وخاصة الدماغ بالطاقة (2).

هناك عوامل أخرى تساعد على تنظيم هذه النسبة كـ:

- (السوماتوستاتين - somatostatin) وهو هرمون يُصنّع أيضًا في البنكرياس، ويكبح إفراز الأنسولين والغلوكاغون، وله تأثير مخفض لسكر الدم (2).

- الببتيد الشبيه بالغلوكاغون – 1 (glucagon-like peptides-1 / GLP-1): يُفرَز من خلايا الأمعاء بصفته استجابةً لتناول الطعام، ويرفع نسبة إفراز الأنسولين وإبطاء تفريغ المعدة، أي أنه يساعد على تخفيض نسبة سكر الدم (2).

- الببتيد الشبيه بالغلوكاغون – 2 (glucagon-like peptides-2 / GLP-2): مهمته الأساسية الحفاظ على نمو خلايا الأمعاء المسؤولة عن امتصاص الطعام وعملها، لذلك يساعد على رفع نسبة سكر الدم (2).

التغيرات الهرمونية في فترة الجوع:

يؤدي الجوع إلى تغييرات ملحوظة في تركيزات الأنسولين والغلوكاغون؛ إذ تُظهر مستويات الأنسولين انخفاضًا سريعًا في التركيزات قرابة نسبة 50% في غضون 3-5 أيام. بعد ذلك، تبقى مستويات الأنسولين في البلازما مستقرة نسبيًّا مع استمرار الامتناع عن الطعام (1).

يرتفع الغلوكاغون في المقابل في وقت مبكر من الجوع إلى تركيزات الذروة إلى قرابة نسبة 50% - 100 % فوق العتبة الأساسية في اليوم الثالث، وبعد ذلك ينخفض تدريجيًّا في أثناء الأسابيع التالية نحو مستويات ما بعد الامتصاص (1).

التغيرات الاستقلابية في الجسم عند الجوع:

1- الفترة الأولى:

بحلول 24 ساعة من الصيام، تصل تركيزات الغليكوجين في الكبد إلى مستويات منخفضة جدًا لكنها تزيد بعد ذلك. قد تكون هذه الزيادات مهمة لاستتباب الغلوكوز وتعبئة الطاقة بسرعة في أثناء الصيام فترات طويلة (3).

في وقت مبكر من الجوع، يعمل فرط الغلوكاغون على زيادة تكوين السكر الكبدي. يزيد وصول الأحماض الأمينية للركيزة من العضلات إلى الكبد، إذ تُصنّع كميات متزايدة من الغلوكوز تحت تأثير كل من الارتفاع في غلوكاغون البلازما وانخفاض الأنسولين في البلازما. ويُحافظ على توازن الغلوكوز عن طريق الحد من استهلاكه خارج الدماغ وزيادة توفر الأحماض الدهنية الحرة واللاكتات والأحماض الأمينية الغليكوجينية كـ(الألانين)، من أجل الاستقلاب التأكسدي في العضلات والكبد (1).

2- (الجوع المطول - Prolonged Starvation):

- تشير نتائج الدراسات إلى أنه في أثناء الجوع عندما تكون مستويات الأنسولين منخفضة، قد يسهم فرط (غلوكاغون الدم - hyperglucagonemia) في دخول الجسم ما يسمى الحالة (الكيتوزية - Ketosis) عن طريق تعزيز التأثير المحفز لنقص أنسولين الدم  على (قدرة الكبد الكيتونية - hepatic ketogenic capacity).

- في أثناء الجوع لفترات طويلة، يقل انحلال البروتين؛ بسبب الاعتماد المتزايد على الوقود المشتق من الدهون (الكيتون Ketone)، بدلًا من الغلوكوز لعملية التمثيل الغذائي التأكسدي.

- مع ارتفاع نسبة الأجسام الكيتونية في الدم فترة 3-4 أسابيع من الصيام، فإنها تحل محل الغلوكوز تدريجيًا كوقود للدماغ. 

- يعتمد تطور فرط (كيتون الدم - hyperketonemia) على الإطلاق أو الإنتاج المعزز للركيزة (FF A) من الأنسجة الدهنية، وزيادة التحويل الكبدي للأحماض الدهنية إلى أجسام الكيتون، وتقليل امتصاص الأنسجة للكيتونات خارج الدماغ، خصوصًا العضلات.

- تُعزز كل من هذه العمليات عن طريق انخفاض أنسولين البلازما، وهو العامل الرئيس الذي ينظم الصيام الكيتوزي. أما الغلوكاغون فهو معروف بتحفيز تكوين الكيتون داخل الكبد في ظروف نقص الأنسولين. (1)

أما في ما يخص تأثير تناول الطعام بعد الجوع، فقد أجريت تجربة لقياس مستوى الغلوكاغون والأنسولين المنتشر في متطوعين من الذكور بعد 3 أيام من الجوع الكامل.

بعد 3 أيام من الجوع، أدى تناول 100 غ من الغلوكوز إلى نشوء منحنى تحمل "السكري" ("diabetic" tolerance curve.)؛ إذ انخفض تركيز الغلوكاغون إلى درجة مختلفة في معظم المتطوعين، لكنه بقي أعلى بكثير من المستوى الذي كان عليه قبل التجربة بالنسبة لمعظمهم، إن لم يكن كلهم.

ارتفع متوسط مستوى الأنسولين، الذي ارتفع سريعًا قبل الجوع إلى ذروته بعد 40 دقيقة من تناول الغلوكوز وانخفض بسرعة بعد ذلك، ببطء أكثر إلى الذروة بعد 120 دقيقة وبقي مرتفعًا ارتفاعًا جيدًا طوال الساعة الثالثة (4).

المصادر:

1- Gelfand RA, Sherwin RS. Glucagon and Starvation. In: Lefebvre PJ. (editors). Glucagon II. Handbook of Experimental Pharmacology [Internet]. 66/2. Berlin, Heidelberg: Springer; 1983. [cited 2023 Apr 29]. p. 233-237. Available from: هنا

2- Pesheva E. Gut hormone insights [Internet].  Harvard Medical School. 2020 [cited 2023 May 4]. Available from: هنا

3-   Goldstein DE, Curnow RT. Effect of starvation on hepatic glycogen metabolism and glucose homeostasis. Metabolism. 1978 Mar [cited 2023 Apr 29];27(3):315–23. Available from: هنا90111-7

4-   Unger RH, Eisentraut AM, Madison LL. The Effects of Total Starvation Upon The Level of Circulating Glucagon and Insulin in Man. Journal of Clinical Investigation [Internet]. 1963 [cited 2023 Apr 29];42(7):1031–9. Available from: هنا