تتذوق العين قبل اللسان أحيانًّا؛ مظهر الطعام وأهميته

يَعد كثيرٌ من الناس المذاق أنه العامل الحسي الأكثر أهمية عند تناول الطعام، وعلى الرغم من أن التركيب الكيميائي للغذاء يعطي الأطعمة مذاقها ورائحتها الخاصة بها، لكنه ليس العامل الوحيد المؤثر في التذوق، أيضًّا عن طريق المعلومات التي تُتلّقاها الحواس الأخرى كالرؤية والسمع واللمس أو حتى التحسس الجسدي عن طريق الفم؛ إذ إننا على نحو طبيعي نرى الطعام أولاً ثم نشمه، وربما نسمع أيضًا صوت تحضيره، وقد تساعد هذه الإشارات الحسية المختلفة في تحديد توقعاتنا للنكهة (1).

بشكل عام، تُحدد اختياراتنا للأطعمة التي يجب شراؤها و استهلاكها من خلال الإشارات البصرية (أي من خلال ما نراه)، فنحن نتذوق أولاً بأعيننا؛ إذ يعد المظهر المرئي للطعام والشراب مهمًا جدًا فيما يتعلق بتقييم نضارته، إضافة إلى تحسين استساغته، وتجنبًا لما يسمى (رهاب الأشياء الجديدة - Neophobia)، الذي يٌعد سمة تكيفية تصل ذروتها عادةً بين سن العامين والخمسة أعوام؛ إذ إنه ثَبُت أن هذا الرهاب عند الأطفال؛ يقلل من تناولهم الفواكه والخضروات واللحوم. ووفقًا لذلك، إذا إنه كان على المرء تعديل المظهر المرئي للطعام فقد يكون تخلص أو عدّل على الأقل طعام الطفل الذي يكرهه بناءً على مظهره الأخير (1).

وأكدت بعض الدراسات التي أجريت على الكعك والوجبات الخفيفة والعصائر أن الترتيب الذي تتفاعل حواسك به مع الطعام له تأثير هائل في مدى إعجابك به؛ إذ إن مذاق الطعام أفضل إذا رأيته قبل شمه. فُسّر ذلك؛ بأن القدرة على رؤية عنصر غذائي قبل شمه يساعد على معالجة الرائحة بسهولة أكبر، مما يعزز دوره في إدراك مذاق الطعام؛ لأن الروائح تؤدي دورًا مهمًا للغاية في التأثير في تصورات التذوق. ومع ذلك، فمن المثير للاهتمام أنه يمكن للناس معالجة الرائحة أفضل في أدمغتهم عندما تسبق الرائحة إشارة بصرية مقابلة مثل اللون (2).

وعند إجراء أبحاث حول الجوانب الفيزيولوجية والنفسية لإشارات الألوان على تصورات التذوق والنكهة،  وُجد أن الناس يعتقدون أنه إذا كان شيء ما أخضر، فهو طازج ومغذٍ أكثر. وأن مذاق الشوكولاتة الساخنة أفضل عند وضعها في كوب برتقالي اللون مقارنة بكوب ذو لون مختلف (3).

علاوة على ذلك، فإن لترتيب الطعام على الطبق تأثيرًا في الرغبة بتناوله؛ إذ يحظى الطعام المقدم بطريقة مرتبة بإعجاب كبير، مقارنة بالطعام نفسه الذي يُقدم بطريقة فوضوية، ويكون الناس على استعداد لدفع المزيد مقابله، بذلك حُكم على اللحوم أنها أكثر تلوثًا عند تقديمها بطريقة فوضوية وليس بطريقة مرتبة (4).

المصادر: