الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

فجرٌ من الأمل يُشرق على لحدِ سودان!

"سودان".. آخرُ من تبقّى من ذكور حيوان وحيدِ القرن الأبيض الشمالي؛ هذا ما ترويه قصّته الحزينة وتوضحه صورة لحظاته الأخيرة التي انتشرت في آذار من عام 2018 م.

تعود القصة إلى الربع الثالث من القرن العشرين؛ إذ نتج انقراض هذا النوع عن النزاع المسلّح في القارة الإفريقية الوسطى إلى جانب عدم الاستقرار السياسي والطلب المتزايد على قرن وحيد القرن، وزيادة الصيد الجائر في سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن العشرين، وقضى ذلك على معظم أفراد وحيد القرن الأبيض الشمالي المتبقية باستثناء أعداد قليلة منه في منتزه غارامبا Garamba الوطني في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والذي ما لبث أن أعلن لاحقاً عن انقراضه في البرية. وخلُصت هذه الأحداث إلى بقاء ثمانية أفرادٍ فقط من هذا النوع في حديقتي حيوان في كاليفورنيا والتشيك.

وعلى الرغم من محاولة إنقاذ النوع بنقل أربعة أفرادٍ منهم "اثنان من الذكور واثنتان من الإناث" من التشيك إلى محمية Ol Pejeta الطبيعية في كينيا كبيئةٍ طبيعية قد تبدو أكثر ملاءمةً للتكاثر؛ لكن عمليات التزاوج العديدة لم تثمر عن إنتاج أفراد جدد! وتفاقمت المشكلة بموت أحد الذكرين في نوبة قلبية عام 2013 م، ليبقى "سودان" الذكر الأخير والأمل الوحيد لاستمرار هذا النوع، ولكن؛ حالت شيخوخته دون ذلك (1)! 

ومنذ رحيل سودان عام 2018 م؛ لم يبقَ سوى فردين من إناث وحيد القرن الأبيض الشمالي، تعيشان في إحدى المحميات الطبيعية في كينيا وتجري حمايتهما على مدار الساعة من قبل حُرّاس مسلحين، بعد انتشار أفراد وحيد القرن الشمالي والجنوبي على حدٍّ سواء في أقاليم السافانا العشبية الطويلة والقصيرة من بعض مناطق القارة الإفريقية الوسطى والجنوبية (2).

لكنّ أحداث الانقراض المحزنة أخذت بالتلاشي مع قصة نجاة جميلة لاحت في الأفق؛ إذ تُفيد الأخبار القادمة من الاتحاد الدولي للعلماء والمحافظين على البيئة أنه أُنتِجت بنجاح أربعةُ أجنّة إضافية من وحيد القرن الأبيض الشمالي في آذار ونيسان من عام 2021 م باستخدام تقنيّات التكاثر المتقدِّمة. إذ جمع العلماء البويضات من الإناث ولقَّحوها صناعيّاً باستخدام الحيوانات المنوية المجمّدة من الذكور الميِّتة، ليحصلوا على أجنّة وحيد القرن الأبيض الشمالي، والتي ستُنقَل في المستقبل القريب إلى أمهاتٍ بديلة من وحيد القرن الأبيض الجنوبي لتنمية نسل وحيد القرن الأبيض الشمالي.

جديرٌ بالذكر أن هذه الأجنّة ليست الأولى من نوعها؛ إذ أُنتِجت سابقاً خمسةُ أجنّة ستحفظُ جميعها في النتروجين السائل إلى حينِ استخدامها، ليغدو إجماليُّ الأجنّة المحفوظة تسعة (3).

فهل ينجح العلمُ في إعادة الحياة لأحد أبناء الأرض بعد أن ساهم البشرُ بسلبها منه؟

المصادر:

1. Northern white rhino [Internet]. Fauna & Flora International. [cited 30 March 2022]. Available from: هنا

2. White Rhino | Species | WWF [Internet]. World Wildlife Fund. [cited 30 March 2022]. Available from: هنا

3. Leibniz Institute for Zoo and Wildlife Research (IZW). BioRescue creates four new northern white rhino embryos [Internet]. Phys.org. 2021 [cited 30 March 2022]. Available from: هنا