التوعية الجنسية > الصحة الجنسية والإنجابية

التوعية الجنسية: أفضل الوسائل العلمية لتثقيف المراهقين

إن استخدامنا لأساليب تربوية قديمة مُغلقة في عصر الانفتاح والتواصل العالمي، لم يعد يُجدي نفعًا، إذ يملك أطفالنا ومراهقينا اليوم آفاقًا لا محدودة للحصول على المعلومات، خصوصًا مع وجود التكنولوجيا والهواتف النقالة في متناول أيديهم. وبحسب دراساتٍ حديثة أوضحت كون الأساليب التربوية الصارمة جداً إحدى أسباب الفشل التربوي، على النقيض تماماً من غايتها الأساسية (1).

ومسألة التثقيف الجنسي حساسةٌ جداً عند بعض المجتمعات، وخاصةً في البلدان الفقيرة ذات الدخل المحدود والتي تسود فيها نمطية العادات والتقاليد الصارمة.

لمَ عليّ تثقيف ابني أو ابنتي المراهقة في المواضيع الجنسية؟! أليس هذا تشجيعًا على ممارسته؟

لا، ليس تشجيعًا؛ بل توعية بمخاطر ممارسة الجنس في سن المراهقة أو ممارسة الجنس غير الآمن، وتوجيه ما يتلقاه الطفل يومياً من معلوماتٍ مغلوطةٍ أو صحيحةٍ وغير مناسبةٍ لعمره؛ من مواقع التواصل الإجتماعي والتلفاز وما يتداوله أقرانهم في المدرسة ومن تجاربهم الخاصة، التي قد تُعدُّ خطراً (نفسيًا أو جسديًا) عليهم وعلى حياتهم عامة. إذ يبدأ المراهقون بطرح الأسئلة واستكشاف أجسامهم والتغيرات التي تطرأ عليها، وفهم مشاعرهم وأحاسيسهم الأولى بعد البلوغ، وبالتالي فإنَّ احتواءهم وتثقيفهم جنسياً يعمل على تقويمهم وزيادة وعيهم عن هذه المرحلة بالطرائق الصحيحة، في حين أن اتباع الأساليب الصارمة أو القديمة في التربية -وفقاً لإحصائيات عالمية- لم يجدي نفعاً.

ففي البلدان النامية التي لا تتحدث بوضوحٍ عن الجنس، تتعرض الفتيات المراهقات لأخطار حدوث الحمل بسنٍ مبكر (ما دون الثماني عشر عامًا) (1,2) أكثر من البلدان التي لديها توعية جنسية، وغياب التثقيف الجنسي يعرضهن للوفاة أيضاً بسبب مضاعفات الولادة وذلك لعدم نضج أعضائهن التناسلية بالحد الكافي، ومشكلاتٍ نفسية وجسدية جمّة (2).

في بعض الأحيان تكون ثقافة الآباء والأمهات الجنسية مغلوطة أو ضعيفة أو ببساطة هم غير قادرين على إعطاء المعلومة بأسلوبٍ مناسب لطفلهم، فما هو الحل؟

هنا يأتي دور التثقيف الجنسي المدرسي المُمنهج بإشراف مدرسين مثقفين ومختصين بالتوعية الجنسية وعلم النفس الإجتماعي والأمراض المنقولة جنسياً. يجب أن يفهم المراهق كل العواقب التي قد تسببها ممارسة الجنس غير المحمي من دون استخدام واقياتٍ؛ ذكرية كونها إحدى الحلول الهامة والرخيصة والمتوفرة في كل مكان، مثل انتقال فيروس عوز المناعة المكتسب (الإيدز) والهربس وحدوث الحمل غير المرغوب به (2,3).

ويجب أن يتعلّم طرائق العناية والنظافة الشخصية المناسبة للمنطقة التناسلية وأن يبلّغ ذويه أو طبيب المدرسة في حال وجود أعراضٍ مشبوهةٍ مثل الثآليل أو ألم وحرقة ونزف في أثناء التبول أو مشكلاتٍ تأخر الدورة الشهرية لدى المراهقات بدون خوفٍ أو خجل، إذ يشعر أنه قادر على التعبير بحرية (3).

كلُّ شيء بات واضحاً الآن، ولكن ماذا لو حدث حملٌ غير مرغوبٍ لدى طفلتي المراهقة أو انتقل إلى طفلي المراهق داءٌ جنسي قد يتسبب بمضاعفات خطيرة لاحقاً مثل العقم رغم اتباعي لكل تلك النصائح والطرائق ورغم التوعية المدرسية!

لا يمكنكم أعزائي أولياء الأمور، تخيّل كِبر تأثير القدرة العجيبة على احتواء المشكلة ومعالجتها الفعّال على المراهقين.

قد يبدو الأمر صعب التقبل في البداية، وقد تصبح قاسياً بردِّ فعلك تجاه طفلك، لكن تذكر دوماً "المراهق يظل مراهقاً" مغموراً بشتّى أنواع الأحاسيس العاطفية والاندفاعات الطائشة وفضوله العارم في اكتشاف المحيط من حوله، إن هذه المرحلة الإنتقالية في عمر الإنسان من المراهقة وحتى سن الرشد هي مرحلة تؤثر تأثيراً بالغاً في الدماغ البشري والسلوك القويم المستقبلي للفرد في مجتمعه.

سن المراهقة هو سن التجارب الخاطئة والتعلم، وإجهاض الحمل غير المرغوب فيه من البداية أقل مضاعفات من الإنتظار مدةً أطول أو من تعريض الطفلة لمضاعفات الولادة وما بعدها، ومعالجة المراهق في بداية إصابته أقل مضاعفةً من الإنتظار مدةً أطول حتى بلوغ مرحلة الشفاء بعد ذلك. يجب أن يشعر المراهقون بالأمان والحرية في التعبير عن مشكلاتهم وسرد أمور حياتهم اليومية لذويهم أو لمشرفي الصحة الطبية والنفسية المدرسيون (3).

لا مانع لدي من تثقيف طفلي جنسياً إنما لدي مانع في توفير وسائل الحماية الجنسية بين يديه لأنها تُعدُّ حثاً له على ممارسة الجنس طالما لا توجد عواقب!

هل حقاً يمكنك ضبط أفعال طفلك في المدرسة أو خارجها ومنعه من الحصول على أي تجربةٍ جنسيةٍ تماماً؟!

بحسب الدراسات، فإنَّ أغلبية المراهقين يتعرضون لتجارب جنسية مختلفة، تتراوح بين العلاقات العاطفية الحميمية والعلاقات العاطفية الودية مثل العناق والقبلة والتلامس فقط، ونسبة كبيرة منهم تجنبوا حدوث حمل غير مرغوب أو انتقال امراض جنسية بسبب التوعية عن ذلك وتوفير وسائل الحماية.

الكثير من الأهل يشرحون لأطفالهم عن كون الممارسة الجنسية الحميمية مسؤولية كبيرة ولا تناسب عمر المراهق، وليس هنالك من خطأ أو ضير في ذلك بل يُفضل توعية المراهقين على أنه توجد الكثير من الوسائل للتعبير عن الحب مثل الإهتمام وتبادل الهوايات والأحاديث وممارسة الرياضة سوية، وغيرها الكثير من الأنشطة حتى الوصول إلى سن الرشد وتحمّل هذه المسؤولية (3).

- تحدث مع طفلك.

- كن مباشراً وادخل في صلب الموضوع بعد أن تكون مُلِمَاً به.

- لا تستخدم أسلوب التهديد والوعيد.

- ضع في يده كلَّ أساليب الوقاية والحماية والتوعية وأعطهِ الأمان وحاول أن تكسب ثقته، فالعواقب لا تُفضي فقط إلى الحمل أو انتقال الأمراض بل حتى إلى التحرّش الجنسي المسكوت عنه.

المصادر:

1. Tanne J. Teenagers need sex education, not just abstinence advice. BMJ [Internet]. 2005 [cited 21 October 2021];331(7509):129.4. Available from: هنا
2. Have you had 'the talk' with your teen? [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 30 September 2021]. Available from: هنا
3. Sexuality education: ecosystem that prepares teenagers for adult life [Internet]. UNESCO IITE. 2018 [cited 30 September 2021]. Available from: هنا