علم النفس > الصحة النفسية

المعايير العالية: تنمية أم نقد للذات؟

قد يعدُّ معظم الناس أن وجود معايير عالية أمرًا جيدًا. ويمكن أن يُظهر السعي إلى تحقيق التميز أنَّ لديك أخلاقيات عمل جيدة وقوة شخصية. كما تدفعك المعايير العالية للوصول إلى ذروة مستوى الأداء لديك أيضًا. على سبيل المثال، غالبًا ما يتدرب الرياضيون لفترة طويلة للوصول إلى التميز في رياضاتهم.  فلا حرج من الحصول على معايير عالية والسعي كي تكون أفضل ما يمكن أن تكون. لكن، محاولة أن تكون مثاليًا إلى أبعد الحدود ليس غير صحي وحسب، بل إنه مستحيل! لا يوجد شيء مثل الكمال. لذلك، فإن السعي إلى أن تكون مثاليًا سيعيقك لأنه يسبب الكثير من القلق. عندما تكون كل مهمة أو اختبار مقياسًا لقيمة الفرد الذاتية. يمكن أن يؤثر السعي إلى الكمال سعيًا كبيرًا في مزاجك أيضًا، وحتى إنه قد يصل تأثيره إلى إنتاج عمل ذي نوعية أقل.

في دراسة عن الكمالية أجريت في جامعة Dalhousie في أثناء فحص مستويات الكمال والضمير والإنتاجية الأكاديمية لدى أساتذة علم النفس، وجدوا أن الضمير كان مرتبطًا ارتباطًا إيجابيًّا بإجمالي المنشورات، لكن الكمال ارتبط سلبًا بعدد المنشورات. ماذا عن تأثير النشر؟ هل أنتج المثاليون أوراقًا أفضل؟ لسوء الحظ، لم يكن هذا هو الحال. يميل المثاليون إلى امتلاك أوراق ذات تأثير أقل في الوسط العلمي. تُظهر هذه البيانات أن هناك حقًا خيط رفيع بين السعي لتحقيق التميز والسعي المفرط لتحقيق الكمال (1).

قد تكون بعض أكبر تكاليف الكمال هي الصحة السيئة. إذ أظهرت إحدى الدراسات على عينة من الكنديين على مدى 6.5 سنوات أن الكمال في السمات تنبأ بوفيات مبكرة. استمر هذا الاكتشاف حتى بعد التحكم في عوامل الخطر الصحية الأخرى مثل التشاؤم وانخفاض الضمير (2). أسفرت دراسة لاحقة أجريت عام 2011 على مرضى السكري بوساطة نفس الباحثين عن نمط أكثر شذوذًا من النتائج. ومع ذلك، فإن الارتباط بين السعي إلى الكمال والمرض الخطير ليس مفاجئًا نظرًا لأن السعي إلى الكمال بلا هوادة يمكن أن يكون وصفة للتوتر المزمن. لسوء الحظ بالنسبة للكماليين، تشير البيانات الحديثة إلى أنه بمجرد أن يعاني أصحاب الكمال من مشكلة صحية مزمنة، فإنهم يواجهون صعوبات في التكيف. وجدت دراستنا للمرضى الذين يعانون من مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي أن الكمال مرتبط بالتكيف مع العاطفة غير القادرة على التكيف وتأثير المرض على نحوٍ أكبر(3). أظهرت نتائج مماثلة من دراسة أجريناها مع 100 مريض لإعادة تأهيل القلب (4).

هل ما زلت تظن أن الأمر ليس بهذا السوء؟

وُجِد أن هناك علاقة وثيقة بين المثالية وعديد من الاضطرابات النفسية التي قد تؤدي الى إيذاء النفس المتعمد، والتفكير الانتحاري، والضيق العام كالقمه العصبي والاكتئاب، واضطرابات القلق ، والوسواس القهري (5).

فالنهاية، إن من يسعى بصورة معقولة ومقبولة لتحقيق التميز في عمله لا يعيش معاناة الشخص الكمالي، ويكتفي ببذل الجهد والعمل بجدية لإنجاز واجباته في الوقت المحدد، ويشعر بالارتياح عندما ينجزها، ورغم أن العمل في الحالتين قد يكون بنفس المستوى أو السوية، ولكن الاختلاف هو في اتجاهات الشخص وإدراكه للموقف.

تريد أن تعرف بعض النصائح لمحاولة التخلص من المثالية؟

اقرأ مقالنا التالي:

هنا

المصادر:

1-Sherry S, Hewitt P, Sherry D, Flett G, Graham A. Perfectionism dimensions and research productivity in psychology professors: Implications for understanding the (mal)adaptiveness of perfectionism. Canadian Journal of Behavioural Science / Revue canadienne des sciences du comportement [Internet]. 2010 [cited 31 March 2021];42(4):273-283. Available from: هنا

2-Fry P, Debats D. Perfectionism and the Five-factor Personality Traits as Predictors of Mortality in Older Adults. Journal of Health Psychology [Internet]. 2009 [cited 31 March 2021];14(4):513-524. Available from: هنا: 10.1177/1359105309103571

3-Flett G, Baricza C, Gupta A, Hewitt P, Endler N. Perfectionism, psychosocial impact and coping with irritable bowel disease: A study of patients with Crohn’s disease and ulcerative colitis. Journal of Health Psychology [Internet]. 2011 [cited 31 March 2021];16(4):561-571. Available from: هنا: 10.1177/1359105310383601

4-Shanmugasegaram S, Flett G, Madan M, Oh P, Marzolini S, Reitav J et al. Perfectionism, Type D personality, and illness-related coping styles in cardiac rehabilitation patients. Journal of Health Psychology [Internet]. 2014 [cited 31 March 2021];19(3):417-426. Available from: هنا: 10.1177/1359105312471571

5-Limburg K, Watson H, Hagger M, Egan S. The Relationship Between Perfectionism and Psychopathology: A Meta-Analysis. Journal of Clinical Psychology [Internet]. 2016 [cited 31 March 2021];73(10):1301-1326. Available from: هنا: 10.1002/jclp.22435

إعداد: Mhd Amin Alzabibi