الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء

التلوث البكتيري المتبادل.. عدو خطير يتربص بنا

تسمّم غذائي!! من المؤكد أن السبب هو وجبة جاهزة خارج المنزل..

مهلاً، من أكّد ذلك؟!

مقال اليوم سيخبركم أن هذا ليس صحيحًا دائمًا.. فممارساتٌ صغيرة من شأنها أن تدخلك في دوامة المغص والغثيان.. :(

يفترض كثيرٌ من الناس أن الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء تعود غالبًا إلى تناول الطعام في المطاعم والمقاهي، وهذا الأمر مغلوطٌ حتمًا! فكما سنرى في هذا المقال، ممارساتٌ غيرُ صحيّةٍ صغيرةٌ جدًا يمكنها أن تُدخلك في دوامة المغص والغثيان أكثرَ من يوم..

في مقال اليوم نتعلم معلوماتٍ مهمةً جدًا تساعدنا لنزيد وعينا الصحي ونحمي وجباتنا اللذيذة من أن تتحول إلى ناقلٍ للأمراض الخطيرة.

ما المقصود بالتلوث البكتيري المتبادل Bacterial cross-contamination؟ 

هو انتقال البكتيريا أو الكائنات الحية الدقيقة الأخرى من مادةٍ إلى أخرى، ويمكن أن يحدث في أيّة مرحلةٍ من مراحل إنتاج الغذاء، سواء كان ذلك في أثناء الحصاد أم تصنيع الطعام ونقله وتخزينه إضافةً إلى محلات البقالة والمنازل والمطاعم.. وقد يكون انتقال البكتيريا بين الأطعمة النيئة والأطعمة الطازجة المثال الأكثر شيوعًا والذي سيخطر في بالنا سريعًا عند التفكير بالموضوع، ويُعتقد أن هذا هو سبب معظم حالات الأمراض المنقولة بالغذاء Foodborne illnesses. وعلى سبيل المثال، عند تحضير الدجاج النيء يمكن أن تنتشر البكتيريا إلى لوح التقطيع والسكين واليدين، وقد تتسبب في التسمم الغذائي لاحقًا في حال ملامسة تلك الأدوات لأطعمة أخرى.

لكن ذلك لا يعني أن نحصر التلوث المتبادل بذاك المثال، بل يمكن أيضًا أن تنتقل البكتيريا بوسائل تصعب رؤيتها، مثل أكياس التسوق القابلة لإعادة الاستخدام، أو القطرات والبقع الناتجة عند غسل اللحم والتي يمكن أن تلوث الأسطح الأخرى وغيرها من الأمور البسيطة وغير المتوقعة (1,4,5).

وتوجد ثلاثة أنواع رئيسة من التلوث المتبادل ستساعدنا على الانتباه لطعامنا وصحتنا، نتعرف إليها فيما يأتي (2,4,6,7,8):

أولاً - من الغذاء الى الغذاء Food to food: ويعني ملامسة الأطعمة الملوثة لأخرى غير ملوثة، مما يسمح للبكتيريا الضارة بالانتشار، إذ يمكن للأطعمة النيئة أو غير المطبوخة جيدًا أو غير المغسولة بطريقةٍ صحيح أن تحتوي على كمياتٍ كبيرةٍ من البكتيريا الخطيرة، مثل السالمونيلا Salmonella والعطيفة Campylobacter والمكورات العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus. كذلك قد يؤدي بقاء بقايا الطعام في الثلاجة (البراد) فترةً طويلة إلى فرط نمو البكتيريا، لذا يُنصح بتناوَل بقايا الطعام في غضون 4-3 أيام وأن تكون مطهيةً إلى درجات حرارة مناسبة وكافية لقتل أي جراثيم قد تبقى فيها لاحقًا. وإذا كنت تخطط لخلط بقايا الطعام مع أطعمة أخرى لإعداد وجبةٍ جديدة، فحاول ألا تقوم بإعادة تخزين الوجبة هذه.

ثانيًا - من المُعَدات إلى الغذاء Equipment to food: يمكن أن ينتقل التلوث من معدات المطبخ وأدواته إلى الطعام، وذلك نتيجة عدم تنظيف المعدات والأواني وتعقيمها على نحو صحيح بين كل استخدام وآخر، فيسمح ذلك للبكتيريا بالبقاء نشطةً فتراتٍ طويلة على تلك الأسطح، ومن الأمثلة الشائعة على ذلك، استخدام لوح التقطيع نفسه والسكين نفسها لتقطيع اللحوم ومن ثم لتقطيع الخضروات النيئة.

ثالثًا - من الناس إلى الغذاء People to food: يمكن للبشر نقل البكتيريا من أجسادهم أو ملابسهم إلى الطعام بسهولة في أثناء إعداده، كأن يمسح الشخص يديه بمنشفة قذرة، أو لمس الطعام دون غسل اليدين.

هل الجميع مَعني بالإصابة بأمراض التلوث المتبادل؟؟

إن كل شخصٍ معرضٌ لخطر الإصابة بالأمراض نتيجة التلوث المتبادل، ومع ذلك فإن بعض الفئات معرضة لخطر أعلى من غيرها، ومنها:

الحوامل، والأطفال دون سن 5 سنوات، والبالغون فوق سن 65 سنة، والذين يعانون ضعف جهاز المناعة مثل المصابين بفيروس الإيدز، أو مرض السكري، أو السرطان (4,9).

كيف نستدل على المرض في حال حدوثه (4,10)؟

كما هو الحال في أي مرض، هناك آثارٌ أو أعراض تظهر لدى الشخص المصاب، وتتراوح بين الخفيفة إلى الشديدة وتشمل الآثار الجانبية الخفيفة اضطراب المعدة، وفقدان الشهية، والصداع، والغثيان، والإسهال. وتظهر هذه الأعراض عادةً في غضون 24 ساعة، لكنها يمكن أن تظهر بعد أسابيع من التعرض للعوامل الممرضة، مما يجعل تحديد العامل المسبب بدقة أمرًا أكثر صعوبة.

أما الآثار الجانبية الشديدة فتشمل الإسهال لأكثرَ من 3 أيام، والبراز الدموي، والحمى، والجفاف، وتعطيل عمل بعض أعضاء الجسم والتي قد تؤدي إلى الموت في حال تفاقمها.

ومن المهم جدًا اللجوء إلى الطبيب المختص في حال استمرار الأعراض فترةً تزيد على اليومين، وكذلك إذا كان المصاب من الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض التلوث كما مرّ معنا سابقًا.

يمكن أن تكون عواقب العدوى البكتيرية وخيمةً وحتى مميتة كما رأينا، ولكن لحسن الحظ فإن منع هذه المخاطر أمرٌ سهلٌ ويسير، وهذا ما سنتعرف إليه فيما يأتي (1,3,4):

عند شراء وتخزين المواد الغذائية:

خزِّن اللحوم النيئة في وعاء مغلق أو كيس بلاستيكي على الرف السفلي للثلاجة لمنع تسرب عصارتها إلى الأطعمة الأخرى.

استخدم أكياسًا منفصلةً للحوم النيئة والبيض.

استبدِل الأكياس البلاستيكية القديمة بصورة متكررة.

عند تحضير الطعام:

اغسل يديك بالصابون والماء مدة 20 ثانيةً على الأقل بعد لمس اللحم النيء أو بعد استخدام الحمام أو السعال أو العطاس أو استخدام الهاتف المحمول.

اغسل الأواني والطاولات وألواح التقطيع والأسطح الأخرى بالصابون والماء الدافئ، خاصة عند التعامل مع اللحوم النيئة.

استخدم ألواح تقطيعٍ منفصلةً للأطعمة المطبوخة والخام (مراعيًا الفصل التام بين الألواح المستخدمة للحوم النيئة وتلك المستخدمة للخضراوات والفاكهة).

استخدم اسفنجاتٍ ومناشفَ نظيفة.

احرص على طهي الأطعمة إلى درجات الحرارة المناسبة.

اغسل الفاكهة والخضروات الطازجة بالماء جيدًا لإزالة الأتربة والأوساخ المرئية، وأزل الأوراق الخارجية لرؤوس الخس والملفوف وشبيهاتها وتخلص منها، لأن البكتيريا يمكن أن تنمو على سطح الفاكهة أو الخضار بكمياتٍ كبيرة.

وأخيرًا كُن ذكيًا وأبقِ طعامك بعيدًا عن كل ما ينقل إليك الأمراض، وكن على اطلاع دائمٍ بتعليمات سلامة الأغذية، ودرّب نفسك دومًا على سلوكيات النظافة الشخصية الجيّدة لتحمي نفسك والآخرين من أيّ عامل ممرض محتمل.

المصادر:

1- Avoiding cross-contamination [Internet]. Food Standards Agency. 2020 [cited 22 June 2020]. Available from: هنا

2-Cross Contamination - Boulder County [Internet]. Boulder County. 2020 [cited 22 June 2020]. Available from: هنا

3-Prevent Cross-Contamination - Food Safety - Minnesota Dept. of Health [Internet]. Health.state.mn.us. 2020 [cited 22 June 2020]. Available from: هنا

4-What Is Cross-Contamination? Plus, How to Avoid It [Internet]. Healthline. 2020 [cited 22 June 2020]. Available from: هنا

5-Carrasco E, Morales-Rueda A, García-Gimeno R. Cross-contamination and recontamination by Salmonella in foods: A review. Food Research International. 2012;45(2):545-556. هنا

6-Finn S, Condell O, McClure P, Amézquita A, Fanning S. Mechanisms of survival, responses and sources of Salmonella in low-moisture environments. Frontiers in Microbiology. 2013;4. هنا

7-NESBITT A, MAJOWICZ S, FINLEY R, MARSHALL B, POLLARI F, SARGEANT J et al. High-Risk Food Consumption and Food Safety Practices in a Canadian Community. Journal of Food Protection. 2009;72(12):2575-2586. هنا

8-ROBINSON A, LEE H, KWON J, TODD E, RODRIGUEZ F, RYU D. Adequate Hand Washing and Glove Use Are Necessary To Reduce Cross-Contamination from Hands with High Bacterial Loads. Journal of Food Protection. 2016;79(2):304-308. هنا

9-Lund B. Microbiological Food Safety for Vulnerable People. International Journal of Environmental Research and Public Health. 2015;12(8):10117-10132. هنا

10-TL S, KJ W, SR C. Diagnosis and Management of Foodborne Illness [Internet]. PubMed. 2020 [cited 23 June 2020]. Available from: هنا