الموسيقا > سلسلة الأوبيراهات

أوبرا دون جيوفانّي- فولفغانغ أماديوس موتسارت

"دون جيوفانّي" أكثر من مجرد شخصية أوبرالية، فبعد أن ظهر على المسرح في القرن السابع عشر كأنه قوة طبيعة لا تخضع لأي شيء ولا لأي أحد حتى نرى غير ذلك في المشهد النهائي من الأوبرا. هذه الأوبرا هي الثانية لموتزارت  مع المؤلف الموسيقي لورنزو دا بونته الذي ألف قبلها أوبرا "زواج فيغارو" وبعدها "cosi fan tutte". 

إن النطاق الدرامي ل"دون جيوفانّي" يتراوح من النمط الهزلي إلى المُرعب والمشوق؛ إذ تتفاوت بين الكوميديا والتناقض الأخلاقي. تظهر هذه الازدواجية بوضوح في اللحظات الافتتاحية الأولى للأوبرا، حيث كانت نقطة انطلاق الأوبرا هي الموت (1).

كتب دا بونته نص الأوبرا بسرعة كبيرة ليحصل موتزارت  على ما يحتاج لإلهامه للتأليف الموسيقي، وكانت غاية دا بونته أن تكون الأوبرا مضحكة، لذلك من المثير للاهتمام أن موتزارت  قرر تأليف موسيقا خفيفة الظل ومضحكة في بعض الأماكن وموسيقا حادة ودرامية في نهاية الأوبرا. وهناك قصة تُحكى أن موتزارت  لم ينتهِ من كتابة موسيقا الافتتاحية للأوبرا (المقدمة التي تؤديها الأوركسترا) حتى الليلة السابقة لعرض الأوبرا (1,2)

تدور أحداث الأوبرا في إشبيليا، في القرن الثامن عشر.

تتألف الأوبرا من فصلين، لكل فصل ستة مشاهد.

-الفصل الأول:

المشهد الأول: يكون "دون جيوفانّي" مرتدياً قناعاً للتخفي، ويحاول إغواء السيدة النبيلة "آنّا" التي وجدته يختبئ في غرفتها والتي رفضته وامتنعت عنه، ثم يأتي والدها (القائد العسكري) عند سماع صراخها ليدافع عنها، فيتبارز مع دون جيوفانّي، فيقتله دون جيوفانّي ويهرب مع خادمه "ليَبوريلّو" (1,2).

ثم يظهر خطيبها "دون أوتّافيو" ويتعهد كلاهما للانتقام لموت والدها.

في صباح اليوم التالي يوجّه "دون جيوفانّي" أنظاره نحو امرأة أخرى ليحاول التقرب منها، لكن فجأة يتضح أنها "دونّا إلفيرا" التي تبحث عنه نتيجة حزنها من خيانته لها، فيهرب "دون جيوفانّي" تاركاً خادمه "ليبوريلّو" لإلهاء "دونّا إلفيرا" الذي يشرح لها في aria؛ (il catalogo é questo أنها ليست أول امرأة ولا الأخيرة التي تقع ضحيةً لسيده، ويُظهر لها كتاباً مليئاً بأسماء نساء وقعنَ في شباك سيده قائلاً:

"في إيطاليا هناك ما يقارب 640 

هنا في ألمانيا؛ 231

100 في فرنسا، 91 في تركيا

لكن في أسبانيا "ألف وثلاثة" (1,2).

ثم يصادف "دون جيوفانّي" وخادمه "ليَبوريلّو" عرساً لاثنين من الفلاحين "تزيرلينا" و"ماسيتّو" فيعرض "جيوفانّي" تقديم وليمة كبيرة ويأمر "ليَبوريلّو" بأن يأخذ العريس "ماسيتّو" إلى القصر، حيث يرفض بالبداية، ثم يمتثل لأمره ويذهب تاركاً جيوفانّي ليغازل عروسه "تزيرلينا".

يكاد "جيوفانّي" ينجح بإغواء "تزيرلينا" إلى أن تظهر "إلفيرا" لتمنعه وتعيق مخططاته، وفجأة يأتي كل من "دونّا آنّا" وخطيبها "أوتّافيو" إلى "دون جيوفاني" يطلبان مساعدته للانتقام غير مدركين أنه من قتل الكومندور، لكن بمجرد مغادرة "دون جيوفاني" تدرك "دونّا آنّا" أن صوته هو صوت الشخص الذي كان مختبئاً بغرفتها وقتل والدها فتخبر "أوتّافيو" وتطلب الانتقام (1,2).

يأتي "ماسيتّو" إلى قصر جيوفانّي للبحث عن "تزيرلينا" التي تطلب مسامحته لأنها وقعت في خداع "جيوفانّي" ثم يختبئ "ماسيتّو" إثر ظهور "دون جيوفانّي" لمتابعة حديثه الغزلي مع "تزيرلينا" وعندما يظهر "ماسيتّو" لمواجهة "جيوفاني" يوبخه "جيوفانّي" لأنه ترك عروسه لوحدها!

ويأتي إلى الحفلة "دونّا آنّا" و"أوتّافيو" و"دونّا إلفيرا" متنكرين. يأمر "دون جيوفانّي" خادمه "ليَبوريلّو" بإلهاء "ماسيتّو" لمحاولة إغواء "تزيرلينا" مرة أخرى، وتصرخ تزيرلينا مما يجلب انتباه كل من في الحفلة، فيحاول أن يلقي اللوم على ليَبوريلّو، فيقبض عليه كل من " دونّا آنّا"، و"أوتّافيو" و"دونّا إلفيرا" ويخلعون أقنعتهم ليواجهوه. ومع ذلك يستطيع جيوفانّي أن يهرب (1,2).

-الفصل الثاني:

يحاول "ليَبوريلّو" إقناع سيده بترك ملاحقة النساء لكنه يجيبه أنه يحتاج ذلك أكثر من الهواء والطعام.

يبدل "دون جيوفانّي" ملابسه بملابس " ليَبوريلّو" لينتحل كل منهما شخصية الآخر، ويطلب من "ليَبوريلّو" أن يلهي "دونّا إلفيرا" على أنه "جيوفاني"، حتى يتمكن هو من إغواء خادمة "دونّا إلفيرا" بعد نزولها من قصرها لتذهب مع "ليَبوريلّو" على أنه "جيوفانّي" (1,2).

يلقي كل مِن دونّا آنّا"، "أوتّافيو"، وتزيرلينا" و"ماسيتّو" القبض على "ليَبوريلّو" اعتقاداً منهم أنه "جيوفانّي" ويقررون معاقبته لكن "دونّا إلفيرا" تدافع عمَّن تحب، ولكن يكشف "ليَبوريلّو" عن شخصيته الحقيقية خوفاً على حياته ويذهب (1,2).

ثم يظهر "دون جيوفاني" و"ليَبوريلّو" مختبئين في المقبرة، وبينما "دون جيوفانّي" يضحك على مغامراته يتفاجأ بصوت غريب يوبخه، ومصدره تمثال رخامي على أحد القبور، لكنه لا يرتعب أو يكترث بل يدعو التمثال إلى العشاء عنده فيقبل التمثال هذه الدعوة (1,2).

يستمتع جيوفانّي بالعشاء، إذ يخدمه "ليَبوريلّو" ويعزف الموسيقيون، فتدخل "إلفيرا" لتحاول مرة أخيرة وهي متأملة بإقناع "جيوفانّي" بتغيير حياته، لكنه يضحك عليها فتذهب غاضبة، ليسمع صرخة مدوية فيما بعد، فيُرسل "ليَبوريلّو" ليرى ما الأمر، وفجأة يدق الباب، فقد أتى التمثال للعشاء (1,2).

يمنح التمثال "دون جيوفاني" فرصة أخيرة للتوبة لكنه يرفض، إذ أنه لا ينحني لأي إنسان حي أو ميت، فعندما يمد التمثال يده، يمد جيوفانّي أيضاً يده بهدوء، ويُسحَب إلى الجحيم (1,2).

ونلاحظ أن دور "دونّا آنّا" المزدوج، بوصفها ضحية حزينة وعاملاً انتقامياً بكل وضوح، هو واحد من العوامل العديدة التي تمنع دون جيوفانّي من الاندماج في الأوبرا الكوميدية، من حيث العنف والقتل على المسرح إلى الصورة النهائية للموت والعقاب الأبدي. فقد أبقى موتزارت  ودا بونته "دونّا آنّا" في دائرة الضوء، فحُزنها وإصرارها على الانتقام وصل للعالم الآخر ليقود "جيوفانّي" إلى نهايته، فآنّا لم تستطع أن تنسى كما نست"تزيرلينا"، ولم تقدر على مسامحة جيوفانّي مثلما فعلت "دونّا إلفيرا"، لكنها بالتأكيد تدعم مفاهيم العدالة وقيمها المبنية على عقاب المجرم (4).

الفكرة الموسيقية الأكثر إثارة للاهتمام التي استخدمها موتزارت  هي استخدام الموسيقا للتأكيد على الدراما التي تدور في القصة، إذ كان دور الموسيقى عادةً في الأوبرا هو جعل الأداء جميلاً، لكن موتزارت  قرر أن تجعل الموسيقا الأداء أكثر إثارة على نحو كبير، وتجلى ذلك في النهاية عند ظهور شبح الكومندور على صوت الأوتار الصاخبة المروعة، وعندما يُسحَب جيوفانّي إلى الجحيم، تكون الموسيقا معبرة عن ذعره الخاص كأنها تومض مثل النيران الجهنمية (3).

هذا وجرب بعض الأفكار الجديدة مثل تشغيل الآلات على خشبة المسرح وليس فقط في حفرة الأوركسترا، فضمن الأوبرا يعزف دون جيوفانّي على الماندولين لمرافقة نفسه وهو يغني، وكان هناك مجموعتان صغيرتان على المسرح تعزفان لحناً مختلفاً عما تعزفه الأوركسترا، وفي النهاية هناك أوركسترا صغيرة تعزف مقتطفات من زواج فيغارو لدون جيوفانّي وهو يأكل فيعلّق دون جيوفانّي ساخراً أنه سئم من سماع موسيقا موتزارت !

ولا شك أن موتزارت  كان يقصد أن يسمع الجمهور هذه الاقتباسات ويحددها بسهولة (3).

حيث اقتبس من (Vincente Martin (una cosa rara في نهاية الفصل الأول في المقطع الأخير الذي غنته الجوقة.

وذكرنا سابقًا أن موتزارت اقتبس من نفسه من أوبرا زواج فيغارو (non più andrai)

(3).

رابط الأوبرا كاملة مترجمة للغة الإنكليزية:

المصادر:

What to expect from Don Giovanni [Internet]. New York; [cited 22 March 2021]. Available from: هنا  

2. Williams J. Cheat sheet: Don Giovanni | Opera Australia [Internet]. Features.opera.org.au. [cited 22 March 2021]. Available from: هنا  

3. Chong N.J Music for the Last Supper: The Dramatic Significance of Mozart's Musical Quotations in the Tafelmusik of Don Giovanni CM [Internet]. 2011sep.22 [cited 22 March 2021]; (92) Available from: هنا 

4. Anna.D Feminine Vengeance I: The Assailed/Assailant. In Brown-Montesano K, ed. by, Understanding  the Women in Mozart's Operas [Internet]. University of California Press; 2007 [cited 22 March 2021]. P. 1-33 Available from: هنا