الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية

المكملات الغذائية والجهاز المناعي، هل هي مفيدة حقًا؟

يلجأ ملايين الناس حول العالم إلى تناول المكملات الغذائية على أمل الحصول على صحة جيدة، أو تخفيف حدة الأمراض، أو محاربة الشيخوخة. وتشهد السنوات الأخيرة تضخمًا هائلًا في استهلاك هذه المواد الداعمة، التي كانت بدايةً تستخدم لتأمين أغذية صحية مدعّمة تباع في متاجر خاصة، لكنها أصبحت اليوم متوفرة بنحو واسع في دكاكين البقالة والسوبرماركت ومتاحة على الإنترنت (1). هذا التوفر الكبير زاد من المبيعات؛ ففي عام 2009  قُدرت مبيعات المكملات الغذائية والفيتامينات في أسواق المملكة المتحدة بما يزيد عن 670 مليون يورو!!

ولا يتوقف الأمر على وضع الفيتامينات والمعادن في كبسولات، بل تعداها إلى مواد مثل الجينسنغ، والثوم، وغبار الطلع، والشاي الأخضر، والريسفيراترول Resveratrol (مضاد أكسدة موجود في النبيذ) والأحماض الدهنية من نوع أوميغا 3. حتى إنهم أصبحوا يصنعون موادَ لا يصعب الحصول عليها طبيعيًّا. وعن ذلك يصرح Micheal lean البروفيسور في تغذية الإنسان من جامعة Glasgow: "لقد تعاملت مع العديد من المرضى الذين وُجِّهوا عن طريق تسويق ذكي لإنفاق مبالغ هائلة في شراء مكملات "صحية" ومنتجات لم تقدم لهم شيئًا على الإطلاق" (1).

فما حقيقة هذه المركبات؟

المكملات الغذائية Dietary Supplements كما يدل تعريفها، هي المنتجات التي تدعم النظام الغذائي بعناصر مغذية غير موجودة مطلقًا، أو موجودة بكميات غير كافية. وحاليًّا أصبحت لا تقتصر فقط على الفيتامينات والمعادن بل باتت تشمل الأحماض الأمينية، والألياف، والأنزيمات والأحماض الدهنية، وكذلك البروبيوتيك (1).

الفيتامينات المتعددة multivitamins والأملاح Minerals هي الفيتامينات والعناصر المعدنية الأساسية اللازمة لصحة الإنسان وعددها 13 فيتامينًا و16 عنصرًا معدنيًّا على الأقل توجد جميعها، أو بعض منها، أو توجد كل منها على حدة في عقاقير متعددة التراكيز والأشكال مضغوطات، وكبسولات، ومساحيق وشرابات (2).

قد تقدم الفيتامينات المتعددة العديد من هذه الفيتامينات والمعادن -ولكن بأشكال وكميات مختلفة- قد تحتوي أيضًا على مكونات أخرى مثل الأعشاب والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية (2). ونظرًا إلى أن المكملات الغذائية لا تنظمها إدارة الغذاء والدواء (FDA)، فقد تحتوي الفيتامينات المتعددة على مستويات أعلى أو أقل من بعض العناصر الغذائية مما يوضحه الملصق على العبوة (9).

يحتاج جسم الإنسان إلى الفيتامينات ليعمل بنحو صحي، وعلى الرغم من أهميتها البالغة لكننا نحتاجها بكميات ضئيلة فقط، هذه الفيتامينات هي A،C،D،E،K إضافة إلى مجموعة فيتامينات B  الثمانية، ولكل منها وظائف محددة في الجسم، ولا يستطيع جسم الإنسان تركيبها باستثناء النياسين B6 وفيتامين D، لذلك نحتاج إلى تناولها من مصادر خارجية (4).

في الجدول الآتي الكميات الحدية من العناصر الصغرى، ويمكنكم قراءة المزيد عن الحدود العليا للفيتامينات والمعادن في المصدر رقم (3):

أما البروبيوتيك Probiotics فهي بكتيريا حية وخمائر يُروَّج لها على أن لها فوائد صحية مختلفة. وعادة ما تُضاف إلى اللبن (الزبادي) أو تُتناوَل بصفتها مكملات غذائية، وغالبًا ما توصف بأنها بكتيريا "جيدة" أو "صديقة" (11).

جهاز المناعة والغذاء:

في خلال أشهر الشتاء، من المحتمل أن تكون قد شاهدت إعلانات للمنتجات التي تدعي أنها تعزز نظام المناعة لديك لمساعدتك في درء نزلات البرد والإنفلونزا. ولكن هل يمكن لشيء ما في زجاجة، سواء كانت تركيبة فيتامين أم بروبيوتيك، أن يحسن جهازك المناعي لمساعدتك على البقاء بصحة جيدة؟

جهاز المناعة مجموعة من الأعضاء والأنسجة والخلايا والبروتينات التي من شأنها حماية الجسم والدفاع عنه ضد الڨيروسات والبكتريا والأجسام الغريبة التي تسبب العدوى والأمراض. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يعانون أمراضًا مناعية فإن هذا الجهاز يعمل جيدًا لتنظيم نفسه دون الحاجة إلى أية مساعدة. ومع ذلك تتسبب الأدوية أو اضطرابات الجهاز المناعي في بعض الحالات في فرط نشاط الجهاز المناعي أو انخفاضه (7،8). 

يقول Michael Starnbach، أستاذ علم الأحياء الدقيقة بكلية الطب بجامعة هارفارد: "لسوء الحظ، الحقيقة هي أن هذه الأنواع من المنتجات لا تقدم لك أي فائدة حقًا ولا يوجد دليل على أنها تساعد في مكافحة الأمراض" (10).

لفهم السبب، تحتاج إلى معرفة القليل عن كيفية عمل الجهاز المناعي. إن فكرة تعزيز جهاز المناعة معيبة.

يقول Starnbach إن جهاز المناعة مضبوط بدقة شديدة، فهناك توازن بين جهاز المناعة الفعال في الحد من قدرة البكتيريا والفيروسات والطفيليات على التسبب في العدوى من جهة، وبين نظام المناعة المفرط الذي يمكن أن يسبب مشكلات مثل الحساسية والسكري وأنواع أخرى من الالتهابات الذاتية واضطرابات المناعة الذاتية. لذا فإن تعزيز جهاز المناعة بنحو مفرط قد يؤدي إلى تشكُّل مناعة ذاتية ومشكلات أخرى (10).

الجدير بالذكر أن هنالك شيئًا من الحقيقة في فكرة دور الفيتامينات في تعزيز المناعة ودرء الأمراض والمشكلات الصحية الأخرى، ولكن فقط عند الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو أمر لا ينطبق على الشخص العادي البالغ، لذا لن تساعد تركيبات الفيتامين كثيرًا في الحفاظ على صحتك إذا كنت بصحة جيدة بالفعل.

كذلك الأمر بالنسبة للبروبيوتيك، إذ يمكن للبكتيريا والكائنات الحية التي تعيش في أمعائك أن تؤدي دورًا في صحتك، وهناك الكثير من الأبحاث الجارية عن كيفية مساهمة هذه الكائنات الحية التي تعيش في أجسامنا في وظائف المناعة، ولكن التفاعل المعقد بين الجسم والجراثيم المفيدة ليس مقهومًا على نحو كافٍ يبرر استخدامها لتحسين الصحة، وليس لدينا أي دليل حاسم حتى الآن لفهم الكيفية التي قد نتمكن بها من استخدام المكملات الغذائية لتصحيح المشكلات بنحو واضح (10)، وللمزيد عن البروبيوتيك هنا وهنا.

ما هي الفئات التي تُنصح بتناول المكملات الغذائية؟

1- يجب على جميع النساء الحوامل والمرضعات تناول مكملات فيتامين D.

2- تنصح النساء اللاتي يحاولن الإنجاب والحوامل في الأسابيع الاثني عشرة الأولى من الحمل بتناول مكملات حمض الفوليك، للتقليل من خطر إصابة الأطفال بعيوب الأنبوب العصبي Neural tube defects.

3- يجب على البالغين من عمر 65 عام فما فوق، إضافة إلى ذوي البشرة الداكنة، والذين لا يتعرضون كثيرًا لأشعة الشمس تناول متممات فيتامين D.

4- يجب إعطاء الأطفال من عمر ستة أشهر إلى خمس سنوات مكملات غذائية محتوية على فيتامينات A،C،D.

5- في حالة حدوث حالة طبية خاصة قد يوصي الطبيب العام بتناول مكملات غذائية بأنواع وتراكيز محددة ولفتراتٍ معينة. (1).

المكملات الغذائية ليست حلًا سحريًّا!! 

لا يمكن للمكملات الغذائية أن تحل محل النظام الغذائي المتوازن؛ إذ يعتقد البعض أن تناول أقراص الفيتامينات المتعددة يستطيع أن يعوض عادات الأكل السيئة، وهذه معلومات خاطئة كليًّا لأن المكملات والفيتامينات لا تقدم حلًا سحريًّا. فإذا كنت تعتقد أنك لا تحصل على العناصر الغذائية التي تحتاجها، فعليك التوجه إلى تناول الطعام مباشرة. لأن الأطعمة الكاملة الغنية بالمغذيات مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة تمتاز على المكملات الغذائية بالفوائد الآتية (5):

- تحتوي الأطعمة الكاملة على العديد من العناصر الصغرى التي تعمل بوجودها معًا بنحو أفضل مما تفعله وحدها.

- الأطعمة الكاملة هي عادة مصادر غنية بالألياف الغذائية؛ إذ يساعد النظام الغذائي الغني بالألياف على تقليل خطر الإصابة بالعديد من الحالات الصحية، بما في ذلك الإمساك وأمراض القلب.

- تحتوي العديد من الأطعمة الكاملة أيضًا على المواد الكيميائية النباتية Phytochemicals التي تساعد على حمايتك من أمراض القلب والسكري والسرطان والحالات الصحية الأخرى.

وإليك الخبر الصادم الآن!! بعض المكملات الغذائية قد تتحول إلى مواد ضارة أو سموم!

الجرعة.. هي عامل مهم عند تناول الفيتامينات المتعددة. على الرغم من أن الجرعات العالية من بعض الفيتامينات والمعادن قد تكون جيدة، إلا أن كميات كبيرة منها تصبح ضارة بنحو خطير.

تعتمد الجرعة المناسبة غالبًا على قابلية الذوبان ، إذ تُصنف الفيتامينات إلى مجموعتين:

- فيتامينات ذوابة في الماء: وهنا يطرد الجسم الكميات الزائدة منها.

- فيتامينات ذوابة في الدهون: وهنا لا يملك الجسم طريقة سهلة للتخلص من الكميات الزائدة التي تتراكم على مدى فترات طويلة من الزمن.

تشمل الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون A و D و E و K، الفيتامينات E و K غير سامة نسبيًا، ولكن يمكن أن يكون للفيتامينات A وD تأثيرات سامة إذا استُهلكَت بإفراط.

وهذه بعض التأثيرات السمية (2,5,6):

- تٌحذر النساء الحوامل خصوصًا من تناول فيتامين A بكثرة؛ إذ ثبت أن الكميات الزائدة ترتبط بإحداث عيوب خلقية للأجنة.

- تناول المكملات الفيتامينات بنحو مترافق مع تناول الكثير من الأطعمة الغنية بالفيتامينات والعناصر الصغرى، يمكنك بسهولة من تجاوز المدخول اليومي الموصى به للعديد من العناصر الغذائية.

- يوصى المدخنون بتجنب الفيتامينات المتعددة المحتوية على كميات كبيرة من بيتا كاروتين أو فيتامين A، لأن هذه العناصر الغذائية  تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة.

- المعادن كذلك قد تكون ضارة بجرعاتها عالية، فمثلًا يمكن أن يشكل الإفراط في تناول الحديد خطرًا على الأشخاص الذين لا يحتاجون إليه.

 المصادر:

 
1-Supplements Who needs them? A Behind the Headlines report (June 2011), Nhs.uk. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

2-Do Multivitamins Work? The Surprising Truth [Internet]. Healthline. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

3-Safe Upper Levels for Vitamins and Minerals (May 2003) Expert Group on Vitamins and Minerals; Cot.food.gov.uk. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

4-Human Vitamin and Mineral Requirements, Report of a joint FAO/WHO expert consultation Bangkok, Thailand; Fao.org. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

5-Do You Need to Take Vitamins? [Internet]. Healthline. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

6-Evans C, Lacey J. Toxicity of vitamins: complications of a health movement. BMJ. 1986;292(6519):509-510. هنا

7-Can the immune system be boosted? [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

8- foods to boost the immune system [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from:هنا

9-Radimer K. Methodological Issues in Assessing Dietary Supplement Use in Children. Journal of the American Dietetic Association. 2005;105(5):703-708. هنا

10- Publishing H. Can supplements help boost your immune system? - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

11-Probiotics [Internet]. nhs.uk. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا