الطب > ‏معلومة سريعة‬

تكيّفات الحرارة؛ هل يُصبح الجسم البشري أكثر برودة؟

إنَّ إلقاء نظرة فاحصة على الأنظمة الدّقيقة التي يعمل بها الجسم البشري قد يكون مثيراً للدهشة، وكذلك عند معرفة الآلية المعقّدة التي تنظم بها درجة حرارة الجسم.(1)

هناك أجهزة معقّدة توازن بين إنتاج الحرارة وفقدانها، وتساعد الجسم في الحفاظ على درجة حرارته المثاليّة. وتجري عملية الموازنة عن طريق منطقة تحت المهاد تؤدي دوراً رئيساً في تنظيم درجة حرارة الجسم الذي يتلقى منبهات داخليّة وخارجيّة على نحو مستمر، وبدوره يستجيب لها بإجراء تعديلات في درجة الحرارة لتبقى بحدود 98.6 فهرنهايت (37 ºC) دون أن تزيد أو تنقص عن ذلك بأكثر من درجة إلى درجتين، وذلك بالتعاون مع أجهزة تنظيم الحرارة الأخرى مثل الجلد والغدد العرقيّة والأوعية الدموية. وكذلك تتحكم منطقة تحت المهاد بالعديد من وظائف الجسم المهمة مثل إحلال التناسق في الجهاز العصبي الذاتي.(1)

وعلى الرغم من أنّ الأطباء يعتمدون على درجة حرارة مطلقة لتحديد ما إذا كان الشخص يعاني الحمّى أم لا؛ إلّا أنّ إحدى الدراسات أظهرت أن درجة الحرارة قد تكون قياساً فردياً يتبع لعمر الفرد وحالته الفيزيولوجية مثل معدل الاستقلاب لديه، إضافة إلى المكان الذي توجد فيه، فقد تكون درجة حرارة معيّنة خطيرة على شخص ما في حين تكون الحرارة ذاتها حالة طبيعية عند شخص آخر!!(2)

وأيضاً أشارت الدراسة إلى وجود صلة بين الاختلافات الفردية في درجة الحرارة وحدوث وفيات مجهولة السبب. وعلى صعيدٍ آخر؛ لدى إصابة الشخص بالسرطان تختلف درجة حرارته إما بسبب التفاعلات الاستقلابية للورم وإمّا بسبب الاستجابة المناعية للجسم ضده، وقد تؤدي الأمراض الروماتيزمية إلى نتيجة مماثلة.(2)

يختلف تقدير متوسط درجة الحرارة بين الدّراسات المجراة؛ إذ تشير إحداها إلى أن متوسط درجة الحرارة لدى عيّنة من الشبان الأصحاء أقل نسبياً مقارنةً بعيّنة من المسنين، وكذلك أظهرت أعمال أُخرى أن تناول مشروبات دافئة في الأيام الدافئة يزيد من فقد درجة حرارة الجسم بالتعرّق! (2)

وحديثاً طُرِح سؤال جديد وهو: هل تنخفض درجة الحرارة المثاليّة للجسم البشري مع مرور الزمن؟؟(3)

نعم، يزداد جسم الإنسان برودةً، فمنذ القرن التاسع عشر انخفضت درجة حرارة الجسم البشري بنسبة ضئيلة؛ إذ درس فريق من الباحثين تغيّرات درجات الحرارة لدى النساء والرجال الذين ولدوا في أوائل القرن التاسع عشر مقارنة بأقرانهم المولودين في أواخر التّسعينبات من القرن العشرين؛ فعلى نحو عام انخفضت درجات الحرارة بمعدل 0.03 درجة مئوية لكل عقد وفقاً لتقارير فريق (Parsonnet) المنشورة في مجلة (eLife).

وانخفاض معدّل الإصابة بالالتهابات يعد واحداً من أفضل الأطروحات المفسرة انخفاض الحرارة الحاصل؛ إذ إنّ استجابات الجهاز المناعي الالتهابية ترفع درجة حرارة الجسم على نحو ملحوظ، كذلك عند الإصابة بالسلّ والتهابات اللثة. وتجدُر الإشارة إلى أنّ فيزيولوجيا الجسم البشري قد تغيّرت، فليس من المفاجئ أن تكون الأجسام أكثر برودةً، فإن ازدياد القامة عبر الزمن وغيرها من العوامل التي ساعدت على ظهور تلك التغيرات في درجات الحرارة.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3-هنا