الفلسفة وعلم الاجتماع > علم الاجتماع

نظرية التغيير ودورها في المشاريع التنموية

لأن التغيير هو الهدف المشترك لجميع الأطراف في أي برنامج تغيير اجتماعي؛ تبقى كيفية إحداث التغيير واستعراض الطرائق الأكثر فعاليةً لتحقيق الأهداف المرجوّة سؤالاً مطروحاً، من هنا، تقدم نظرية التغيير حلاً فعالاً لتنظيم هذه العملية ضمن برنامجٍ دقيق ومفصّل ينظم عملية التغيير ويضبط أنشطته وأهدافه (6).

لمعرفة أهمية نظرية التغيير بالنسبة لأي منظمة، يجب علينا فهم عناصرها الأساسية، خطواتها، التحديات التي تواجهها، وكيفية تخطيط نظرية فعالة ومتكاملة.

ما هي نظرية التغيير:

من الصعب التنبؤ بدقة متى اُستخدِم مصطلح (نظرية التغيير) أول مرة، ولكن من المؤكد أنه في أوائل التسعينات، وتحديداً بعد نشر  كتاب (مناهج جديدة لتقييم المبادرات المجتمعية الشاملة) (New Approaches to Evaluating Comprehensive Community Initiatives)، بدأت نظرية التغيير تكتسب شعبيةً أكبر وكان هذا لعدةِ أسباب؛ أهمها قدرة النظرية على تحديد المشكلات الأساسية وأسبابها الجذرية وعواقبها، إضافةً إلى أنها تبحث في النتائج قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل للتدخلات المفروضة على هذه المشكلات، وكيف تؤدي هذه التدخلات إلى تفاوتٍ في النتائج؛ سلبيةً كانت أم إيجابية (2).

إنَّ أسلوب النظرية في التخطيط المفصّل لجميع مراحل التغيير غالبًا ما يساعد الممولين في تقييم جدوى الوصول إلى الأهداف، وبناءً عليه، يساعد هذا التفصيل في وضع أهداف نتائج طويلة الأجل معقولة و مقبولة لدى جميع الأطراف (3).

اصطلاحًا؛ نظرية التغيير هي في الأساس وصف وتوضيح شامل لكيفية حدوث التغيير المطلوب إحداثه في سياقٍ معين، ويركز خصوصًا على الربط بين الأنشطة التي نؤديها لإحداث التغيير وبين الكيفية التي تؤدي بها هذه الأنشطة وسلسلة النتائج الناجمة عنها؛ لتحقيق الأهداف المرجوّة، بمعنى آخر، هي مجموعةٍ من الافتراضات والتوقعات عن كيفية عمل خطة التغيير، وتنشأ هذه الافتراضات من المعطيات، والأرقام، والتوقعات، والتقييمات العامة للوضع الراهن (1).

وتتألف نظرية التغيير من خمسة عناصر أساسية هي: 

·        الافتراضات

·        المعطيات (المدخلات)

·        النشاطات

·        النتائج المباشرة (المخرجات)

·        النتائج بعيدة المدى (التأثيرات) (7).

خطوات إعداد خطة التغيير:

1. على خلاف كثير من نماذج إدارة المشاريع؛ يبدأ التخطيط في نظرية التغيير بتحديد الهدف بعيد المدى المطلوب تحقيقه، ومن هذه الخطوة، تُحدَّد الخطوات (النشاطات) التي تسبقها.

2.  عند تحديد الهدف بعيد المدى؛ تُحدَّد نتائج قابلة للقياس وجميع الشروط المسبقة أو المتطلبات الضرورية لتحقيق الهدف.

3. تحديد الافتراضات الأساسية عن سياق عمل النظرية التي تساعد في تحديد الأسباب التي تجعل بعض الروابط بين الأنشطة والنتائج غير ممكنة عملياً.

4. في هذه المرحلة؛ تُصمَّم وتُنظَّم النشاطات والتدخلات التي من شأنها أن تؤدي إلى النتائج المباشرة المرجوة، وفي خلال التخطيط تُحدَّد الموارد المادية واللوجستية اللازمة، ويدرج جميع الأطراف المتأثرة والمسؤولة أيضًا.

5.   تستحدث معايير لقياس نجاح النشاطات، ومن هنا يمكن تحديد تقييم أولي عن إمكانية نجاح النشاط في إحداث النتيجة المرجوة.

6.    في هذه الخطوة يُكتَب ملخص البرنامج، وهنا يمكن كتابة نظرية التغيير كقصةٍ أدبيةٍ مقنعةٍ عن الأسباب التي تجعل المنظمة تؤمن بنجاح هذا البرنامج. يمكن شرح كيف سيحدث التغيير، وما هي الافتراضات أو الأبحاث التي استندت إليها، وما الذي سيؤديه هذا البرنامج، إضافةً إلى أنّه يعدُّ تحديد الأشخاص الذين سينفذون خطة التغيير وتفصيل أدوارهم في خلال المشروع من أساسيات هذه المرحلة، ويمكن في بعض الأحيان ذكر تاريخ المنظمة ورؤيتها في الملخص (3,4).

ولشرح النظرية وانسيابية عملها؛ يُعدُّ مشروع (حكايات سورية) مثالًا ممتازًا لذلك.

مشروع (حكايات سورية) هو عبارة عن تعاون بين القنصلية البريطانية و منظمة (بدايات) إضافةً إلى المعهد الإسكتلندي للأفلام الوثائقية، بدأ المشروع بدعم مهارات وخبرة صانعي الأفلام السوريين الناشئين الموجودين في لبنان والأردن وتركيا، لتحدي الصور النمطيّة الموجودة عن الشعوب المحلية؛ عبر تحضير أفلام وثائقية وإخراجها لتساعد في نشر تجارب النازحين السوريين ووجهات نظرهم في العالم بأكمله (8).

كما هو موضَّح في الجدول أدناه، الأطراف المتأثرة بالمشروع هم اللاجئون السوريون بالإضافة إلى سكان المملكة المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، في البداية أُقِرَّ الهدف العام والتأثير الذي يصبو إليه المشروع وهو تغيير المفاهيم الخاطئة عن اللاجئين، عن طريق إضفاء الطابع الإنساني على التجربة السورية ورواية القصص التي لا تصل إلى العالم إلا من خلال الأفلام، وحُدِّدت الموارد المتمثّلة بالقدرة على نشر الأفلام الوثائقية والقدرة على عقد شراكاتٍ مع أطرافٍ دولية، ووضعت بعض الافتراضات المنطقية كقدرة المخرجين السوريين على إخراج مواد سينمائية على مستوى احترافي واهتمام سكان المناطق المستهدفة بنشر الأفلام، حُدِّدت النتائج بعيدة المدى و قريبة المدى (المباشرة)، ومن هنا، نُظِّمت النشاطات التي يتوقع لها أن تفضي لهذه النتائج، كالورشات التدريبية والجولات السينمائية (9).

كنتيجةٍ للمشروع، عُرضت الأفلام القصيرة التي تم إنتاجها  في مهرجان شيفيلد دوك (Sheffield Doc Fest) ومهرجان أدنبره الدولي (Edinburgh International Film Festival) ومهرجان أرابيشيس السينمائي (Arabisches Film Festival) في ألمانيا (8).

من هذه التجربة الواقعية، يمكننا تحليل قدرة النظريةَ على تمكين جميع الأطراف من تحديد أهدافهم ومسؤولياتهم ونشاطاتهم المنوطة إليهم، وتأمين فهمٍ أكثر شمولاً للتغيير وشروطه وأهدافه، ولأن جميع أعمال التغيير الاجتماعي تحاول أساسًا خلق نوعًا من التحول الإيجابي في العالم؛ يمكن افتراض أن يساعد تطوير نظرية التغيير على مساعدة أي منظمة  في توضيح الروابط بين الجهود والمساهمات في تحقيق هذه النتائج المحددة.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3- هنا

4- هنا

 5- PAGE 5 هنا;

6-PAGE 3--5  هنا

7-هنا

8- هنا

9- Slide 12---14 هنا