الكيمياء والصيدلة > تأثير أدوية

السيفيكسيم Cefixime

كان اكتشاف البنسلين في عشرينيات القرن الماضي ذا بصمةٍ واضحةٍ في تاريخ الإنسان، ولا يعود ذلك إلى التغلب على التهاباتٍ كانت لتكون مميتةً فحسب، بل إنَّه قد فتح آفاقاً لإيجاد مضادات حيويةٍ جديدة، ويمكننا اليوم ملاحظةَ تنوعٍ واسعٍ في أنواعها وآليات تأثيرها.

تعمل الصادات الآنفة الذكر بانتقائيةٍ واضحةٍ، إذ إنَّها تستقصد مكوناتٍ موجودةً في الخلايا الجرثومية، غير موجودةٍ في الخلايا البشرية.

ولتوضيح ذلك سنعود إلى البنسلين مثلاً، الذي يعمل على منع الجراثيم (البكتيريا) من بناء جدران خلاياها، والجدار هو أحد المكونات التي تتميز بها الخلية الجرثومية عن نظيرتها البشرية.

وتختلف هاتان الخليتان عن بعضهما البعض في بنية الغشاء الخلوي أيضاً، وكذلك في الإستراتيجية التي تستخدمها لاصطناع بروتيناتها وانتساخ الـ DNA، وعليه؛ فإنَّ بعض الصادات تعمل على حل الغشاء الخلوي البكتيري، فيما تعمل أخرى على تعطيل عملية اصطناع البروتين أو نسخ DNA لدى الخلايا الجرثومية، بانتقائية عالية كما ذكرنا.

والآن؛ سنتعمق أكثر قليلاً في بحار الصادات لنصل إلى هدفنا…

يطلقُ اسم  "بيتالاكتام" (Beta Lactam) على إحدى مجموعات الصادات القاتلة للجراثيم، وهي تعمل عن طريق تعطيل عملية اصطناع الجدار الخلوي لها، وهذا يقودنا إلى أنَّها فعالة على الجراثيم التي تمتلكُ جداراً خلوياً.

عرفنا سابقاً أنَّ البنسلين يعملُ بهذه الآلية، والبنسلينات بالفعل إحدى العائلات المنتمية لهذه المجموعة، إضافةً إلى عائلاتٍ أخرى أهمها عائلة السيفالوسبورينات، ولمجموعة الأدوية العاملة بهذه الآلية استخدامٌ واسعٌ في العديدِ من الالتهابات. 

للسيفالوسبورينات أجيال عدّة، ينتمي السيفيكسيم -موضوع نقاشنا الأساسي- إلى الجيلِ الثالث منها، ويُستطبُّ في حالاتٍ مرضيةٍ عديدةٍ، كالتهاب البلعوم واللوزتين، والتهاب الأذن، والتهاب القصبات المزمن، وإنتانات الجهاز البولي غير المعقدة، والسيلان غير المعقد.

ويُستخدم أيضاً في التهاب السحايا الجرثومي (باستثناء المُسبَّب بجرثومة الليستيريا Leisteria)؛ إذ إنَّ أصناف الجيل الثالث والرابع عموماً تعبر الحاجز الدموي الدماغي (Blood Brain Barrier" (BBB" لتصل إلى السائل الدماغي الشوكي Cerebral Spinal Fluid" CSF" .

ولكنّه يكون مضاداً للاستطباب في حالة التحسس المختلط مع البنسلين.

ويُقصدُ بالحساسيّة الدوائية التفاعل غير الطبيعي للجهاز المناعي تجاه دواءٍ ما، وهي مختلفة تماماً عن الآثار الجانبية للدواء، وعن الآثار السمية له؛ إذ تظهر الأخيرة عند تناول جرعةٍ مفرطةٍ من الدواء.

وعلى الرغم من أنَّ أيّ دواءٍ قد يسبب تحسساً؛ لكنَّ بعض الأدوية تمتلك احتماليةً أكبرَ من غيرها.

أما أهم العلامات والأعراض الظاهرة عند حدوث التحسس الدوائي فتتجلى بالشرى (الطفح الجلدي)، والحمى، إضافةً إلى امتلاك المريضِ أعيناً مخرشةً ودامعة، ومعاناته من قصر النفس، وصفير الصدر، وسيلان الأنف، فضلاً عن الوذمات.

قد تستغرق هذه الأعراض ساعاتٍ، أو عدة أيّامٍ، أو حتى أسابيع للظهور، خاصّة الشرى، ولكنَّ الأمر يختلفُ بالطّبع في بعض الحالات الخطرة، التي تتميز بظهور سريع للأعراض قد يستغرق ساعة واحدة فقط من وقت تناول الدواء، وتشملُ التأثيراتُ هنا أجهزةً متعدّدةً، والأسوأ أنَّها قد تكونُ مهدّدةً للحياة، وتُعرف هذه الحالة باسم الصدمة التآقية أيضاً.

وللتعرف إلى الصدمة التآقية أكثر، فهي حالةٌ مهدّدةٌ للحياة، نتيجةَ تسببها بتوقفٍ في عمل العديد من أجهزة الجسم كما ذكرنا، ولعلّ أبرز ما يعانيه المريض هو التصلب في الطرق الهوائية والحنجرة، والنبض الضعيف والسريع، والانخفاض في ضغط الدم، والأعراض الهضمية من تشنّجات بطنية وغثيان وإقياء أو إسهال، ودوار، وقد يصلُ الأمرُ إلى نوباتٍ صرعيةٍ وفقدانٍ للوعي.

نعود الآن إلى ضيفنا السيفيكسيم مجدداً، لنطرحَ سؤالاً هنا، ترى هل يجوز استخدامه لدى الحوامل؟

يُصنف السيفيكسيم ضمن الفئة الحملية B (وهذا يعني أنَّ دراسته على الحيوانات فشلت في إظهار أيّة نتائج على الأجنة، ولكن ما من دراساتٍ كافية ومضبوطة تماماً لدى الإنسان، إضافةً إلى أنَّه يُستخدم بحذرٍ لدى المرضى الذين اختبروا تحسُّساً سابقاً للبنسلين (5- 10% من الحالات قد تشملُ حساسيةً مختلطة مع البنسلينات)، وغالباً ما نحتاج إلى تعديلِ الجرعة في حالاتِ الفشل الكلوي الشديد فقط.

أمّا المضاعفات والتأثيرات الجانبية التي قد يشعر بها المريض فتعدُّ الأعراض الهضمية أولها، التي قد تتجلى بغثيانٍ، إقياءٍ أو إسهال. وقد يحدثُ ما يُسمى بالتهاب الغمد (التهاب المهبل).

إضافةً إلى احتمال حدوث إصاباتٍ فطرية، وهذا الأمر محتمل الحدوث عند استخدام أي نوعٍ من المضادات الحيوية، وليس السيفيكسيم فقط.

سؤالنا التالي، كيف يعطى السيفيكسيم ؟ وما هي الجرعة الموصى بها منه؟!

يُعطى فموياً، على شكل مضغوطاتٍ أو معلقات.

أما الجرعة فهي كالآتي:

يعطى للبالغين والأطفال الذين تزيد أوزانهم عن ال 50 كغ، أو أعمارهم عن ال12 سنة؛ بجرعة 400 ملغ/اليوم، إما على شكل جرعة وحيدة وإما مقسوماً على دفعتين بفرق 12 ساعة.

ويعطى للأطفال بمقدار 8 ملغ /كغ / اليوم، إما على شكل جرعة وحيدة وإما جرعتين بفرق 12 ساعة.

نهايةً، يجب التذكير بوجوب مراعاة درجة حرارة الغرفة، والرج الجيد قبل استخدام المعلقات، وتفضيل استخدامه قبل مرور 10 أيام من فتح العبوة، والأهم من هذا وذاك، ينصحُ دوماً بإنهاء الكورس العلاجي كاملاً لمنع تطور سلالاتٍ مقاومةٍ للصادات، الأمر الذي بدأ بالحدوث في الوقت الحالي للأسف.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا