علم النفس > الأطفال والمراهقين

رسومات الأطفال وتحليلها - الجزء الثاني

من المهم الحفاظ على سلامة أطفالنا وصحتهم الجسدية والنفسية، وخاصة أن كثيرًا من خبرات الطفولة تبقى عالقة في مستقبل الطفل، لذلك -ولمحاولات عديدة للحفاظ على صحة الطفل النفسية- تُطوَّر دائمًا أدواتٌ لفهم الطفل وما يجول في خاطره، ومن هذه الأدوات اختبارات تُجرى عن طريق رسومات الأطفال هدفها الدخول إلى عالم الطفل وفهمه وبذلك مساعدته.

تُستخدم رسومات الأطفال لفَهم ما يدور داخلهم من صراعات تحدث في أثناء نموهم الطبيعي، وأيضًا تُعدُّ مؤشرًا للمشاعر وتقدير الذات والكفاءة الاجتماعية لديهم كما الكثير من جوانب شخصيتهم، وتُعدُّ وسيلة مهمة للتنبه لأحداث حياتهم المهمة والمؤثرة.

حتى يستطيع أي اختبار تحقيقَ نتائج نستطيع بواسطتها وضع فرضيات صحيحة؛ عليه أن يحقق ما يأتي:

أولًا يجب تحضير الأدوات مسبقًا، وأن يكون المكان مناسبًا لإجراء اختبار رسم بعيد عن الضوضاء وخال من أية رسومات أو صور قد تكون مصدر إيحاء للطفل، وأن تكون الإضاءة جيدة، ويجب تحضير الطفل مسبقًا وإعلامه بما سيفعله وأنه سيُسأل عن رسمته، وأيضًا يجب على الطفل أن يرسم دون أي تدخل، وإن لم يستطع الطفل الرسم لسبب ما؛ من الممكن أن يرسم أحدٌ عوضًا عنه، ولكن شرط أن يُمليَ الطفلُ على الشخص كيفيةَ الرسم.

ومن هذه الاختبارات اختبارُ رسم العائلة؛ إذ يعرف أنه أداة اختبار إسقاطية، يستخدم هذا الاختبار لتحديد موقف الأطفال ومخاوفهم وضغوطاتهم وعلاقاتهم داخل أسرهم وتجاهها وتكون عن طريق رسم الطفل عائلتَه وتفسير الرسمة.

بعض التفسيرات التي يجب الانتباه لها في هذا الاختبار:

_ موقع الطفل من الرسمة؛ أي إذا كان في أقصى اليسار من الزاوية العليا فقد تدل على شعوره بعدم الأمان وصعوبة اختلاطه بالآخرين، وإذا كان في أسفل الصفحة فإنه يشعر بالضغط، وإذا كان في الوسط فالطفل يميل الى الوسطية.

_ يكون الشخص الذي يرسمه الطفل أولًا شخصًا له تأثير مهم عند الطفل حتمًا، وعن طريق الأسئلة الموجهة للطفل يُعرَف تأثير الشخص إيجابًا أم سلبًا.

_ أي الأشخاص في الرسمة يكون الطفل قريبًا منهم وأيهم يكون بعيدًا عنهم؟ غالبًا ما يرسم الأطفال أنفسهم قريبين ممن يحبون وبعيدين عمن بينهم علاقة متوترة، ويُحدَّد هذا المعيار عن طريق إجابة الطفل عن الأسئلة بعد الرسمة.

_ هل هناك أشخاص في الرسمة لا يُعدُّون من العائلة؟ بناء على إجابة الطفل تُعرَف أهمية رسم الشخص ولماذا اختاره الطفل.

_ ترتيب رسم الأشخاص في الرسمة (أيهم اختار الطفل أن يرسم أولًا وهكذا)؛ غالبًا يرسم الطفل في البداية من ينجذب له وينتمي له.

_ تُعدُّ أيضًا طريقة رسم هؤلاء الأشخاص مهمةً سواء تعابيرهم أم أحجامهم أم مدى شدة الضغط على الخطوط أم رسم الخطوط بطريقة فكاهية.

التفسيرات الشائعة لرسومات الأشكال البشرية عند الأطفال:

الرأس: في المرحلة ما قبل المدرسة قد يرسم الطفل الرأس أكبر من الجسم وهو أمر طبيعي، وفي سن 7 أو 8 سنوات يكون حجم الرأس طبيعي لدى الجسم؛ فحينما يرسم الطفل الرأس أكبر من الحجم المناسب للجسم في هذا العمر فإنه يدل على رغبة الطفل في أن يكون أذكى أو أكثر قدرة على تحقيق شيء ما، وعندما يكون الرأس أصغر حجمًا من المناسب تدل على شعور الطفل بالقصور الفكري.

الوجه: يكشف الفم -حسب شكله- مشاعر الطفل (سعادة أم حزن)، وعندما يشدد الطفل على الفم في الرسمة من الممكن أن تكون دلالة على صعوبات لغوية أو كلامية أو أنه اعتمادي على نحو مفرط، وعندما يرسم الطفل أسنانًا قد تدل على العدوانية وفي بعض الأحيان على اعتداء جسدي. رسم الأنف والعين والأذن له دلالات أيضًا؛ فعند التشديد على الأنف قد يدل ذلك على مشكلات في الجهاز التنفسي، والتشديد على الأذن قد يدل على الصعوبات في السمع وإن لم تكن موجودة قد تدل على وجود شبهات لدى الطفل عما يتحدث الناس عنه، وعندما يرسم العين من غير بؤبؤ قد يدل ذلك على وجود مشكلات خفية أو على عدم قدرة الطفل على إقامة علاقات مع من حوله، ويقول البعض إنه عندما يرسم الطفل العين على شكل X فإنها قد تدل على وجود اعتداءات جسدية.

الجسم: عندما يرسم الطفل الجسم بشكل مائل فهو دليل المراوغة، وإذا كان في الرسمة أعضاء جنسية واضحة فهي تدل إما على قلق حول الجسم وإما دليل العدوانية، وقد تعد دليلًا قويًّا على التحرش، (بعض من الآتي قد يدل على وجود تحرش: وجود دم يتدفق على الساقين، شخص مع فم كبير مفتوح، اختفاء بعض أجزاء من الجسم).

الأذرع والأيدي: رسم الطفل أذرعًا طويلة أو كبيرة قد يدل على رغبته في السيطرة على الآخرين أو الوصول لهم أو الرغبة في القوة والسلطة. في حين رسم أذرع قصيرة قد يدل على الخوف من السلطة أو أن الطفل يرى نفسه ضعيفًا وغير فعال، وقيل إنها قد تدل على حسن التصرف أو أن الطفل منعزل. ورسم الأيدي كبيرة يدل على العدوانية وخاصة عندما تنتهي بما يُشبه المخالب.

الأرجل والأقدام: عندما يرسم الطفل الأرجل ملتصقة ببعضها قد يدل ذلك على التوتر أو محاولة السيطرة على الدوافع الجنسية أو الخوف من محاولة اعتداء. ورسم القدم الكبيرة أو ظاهرة بوضوح قد يدل على أن الطفل يبحث عن الأمان. والقدم الصغيرة تدل على عدم شعوره بالأمان وشعوره بالعجز.

قبل وضع الفرضيات عن رسمة ما -وإضافة إلى ما سبق- يجب أخذ بعض التوجيهات الأخرى بعين النظر مثل: تفسير الطفل للرسمة نفسها، وموقع الرسمة من الصفحة، والألوان المستخدمة، وسماكة الخطوط أو نحافتها أو حتى التظليل.

حُدِّدت ثلاثة مصادر رئيسة لاختلاف الأطفال في أنحاء العالم برسوماتهم؛ وهي: مدخلات الأطفال الإدراكية + خبرات الرسم + بيئات التعلم. فما يتعلمه الطفل في بيئته من مبادئ وقيم وأعراف كلها يُعبَّر عنها بالرسم، وهنا موضع الاختلاف بين الأطفال في أنحاء العالم. 

وعلامات على الاختلاف بين الثقافات يُصوَّر الأفراد في السياق الحضري المتعلم بوصفهم أفرادًا منفصلين مع التأكيد على الحالة العقلية وسماتهم الشخصية؛ إذ تظهر أهمية معايير الثقة بالنفس والاستقلال العاطفي والاقتصادي، في المقابل يُصوَّر الأفراد في السياق الريفي بوصفهم وحدة اجتماعية غير منفصلة، وهنا تظهر أهمية معايير الوفاء والتعاون وأهمية القيم.. تظهر هذه الاختلافات في الرسومات.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا