البيولوجيا والتطوّر > كائناتٌ رهن تجاربنا

أعضاء منماة مِخبريًّا قد تحل محل النماذج الحيوانية

لقد تمكَّن العلماء من تنمية عدد متزايد من نماذج الأعضاء الحيوية في المختبر، بعض هذه النماذج تمتلك القدرة على أداء وظائف معينة في الجسم البشري في حالتي الصحة والمرض الأمر الذي يقلل الحاجة إلى النماذج الحيوانية.

يقول أحد الباحثين: "أعتقد أن نماذج الأعضاء التي تُنمَّى مِخبريًّا ستحل محل كثير من التجارب الحالية على الحيوانات" ومع ذلك هناك حاجة دائمة لتأكيد أي اكتشاف جديد في الجسم الحي؛ ويُشير الباحثون أن علم السموم هو أحد المجالات التي تكون فيها هذه النماذج مناسبة تمامًا لتقليل استخدام النماذج الحيوانية.

يمكن استخدام هذا النمط من الأبحاث لدراسة الأمراض المستعصية، وخصوصًا الأمراض الوراثية،

ومن التجارِب المهمة التي دراستها حاليًّا، زراعة سائل عضوي من خلايا الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي (CF) لتحديد إمكانية استفادتهم من أدوية معينة، وتُجرِي مجموعات أخرى دراسات مماثلة تشمل مرضى السرطان.

وتُستخدَم هذه الأعضاء المنماة مِخبريًّا لنمذجة الأمراض التي من غير الأخلاقي أن تُدرَس على البشر.

وقد نجح علماء الأحياء التنموي في تنمية نماذج  دماغية تُعيدُ إنتاج سمات الدماغ في طور النمو بما في ذلك طبقات الخلايا الفردية، وطَوَّرت عالمة الأحياء الخلوية ميليسا ليتل من معهد مردوخ لأبحاث الأطفال في أستراليا وزملاؤها نماذج عضوية للكُلى لنمذجة أمراض الكُلى البشرية، وهذا مفيد خصوصًا لدراسةالأمراض الوراثية النادرة، وأضافت أنَّ استخدام خلايا المريض سيعطي كل الجينات غير الطبيعية التي عُدِّلت في الاضطراب وهذا لن يحدث عند الفئران.

أما فيما يخصُّ الأمراض الأكثر تعقيدًا التي تنطوي على أجهزة أعضاء متعددة؛ مثل مرض السكري أو أمراض الكلى المزمنة يُشير الباحثون إلى أنه من غير المرجح أن تحل الكائنات العضوية محل نماذج الحيوانات حلولًا كاملًا.

ويُعبِّر اختصاصيُّ الأخلاقيات البيولوجية آرثر كابلان من مركز لانجون الطبي بجامعة نيويورك عن قلقه من مسارعة الباحثين إلى استخدام تلك النماذج  العضوية بدلًا من النماذج الحيوانية قبل أن يصادق عليها مصادقة صحيحة، وأن ما يقلقه هو الرغبة في تقليل استخدام الحيوانات إلى جانب توفير المال، وتجنب إجراء التجارب على البشر؛ فاليوم نحن نندفع نحو عالم جديد من المواد العضوية ولا نعاير معايرة صحيحة وقال: "أنا لست ضد هذه النماذج؛ لكن علينا المُضي بحذر شديد."

إحدى المشكلات التي يمكن أن تواجه هذه التجارب هي مصدر الخلايا، إذ تُنمَّى بعض هذه النماذج العضوية من خلايا جذعية جنينية؛ مما قد يثير اعتراضات من الجماعات الدينية، ويمكن التغلب جزئيًّا على هذه المشكلة باستخدام الخلايا الجذعية المحفزة المستحثة (iPSCs)  التي يُعاد برمجتها من الخلايا البالغة، ولكن لا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه الخلايا بديلًا مناسبًا للخلايا الجنينية.

مشكلة أخرى تواجه القائمين على هذه التجارب تتمثل بنوع الأنسجة التي تُنشَأ؛ فربما لن  ينزعج بعضٌ من تنمية البنكرياس عضويًّا، ولكن يُمكن للأصوات المعترضة أن ترتفع في حالات تنمية العقل البشري والغدد التناسلية البشرية في الطبق.

وتوجد أفكار علمية أخرى كتنمية نماذج عضوية بشرية؛ مثل القلب أو الجنين البشري في الخنازير أو الأغنام ثم إعادة زرعها مرة أخرى في البشر، الأمر الذي يُقلل  الحاجة إلى المتبرعين بالأعضاء.

وفي هذا الخصوص  أعلنت المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة في سبتمبر الماضي أنها لن تمول مثل هذا النوع من الأبحاث حتى تتاح لها الفرصة للنظر في التداعيات المحتملة.

بالنهاية؛ كل ما نأمله هو أن نصل إلى مرحلة نستطيع فيها نقل هذه النماذج العضوية إلى داخل الجسم البشري، وعلى الرغم من أن هذا الهدف ما زال بعيد المنال؛ فإن الدراسات والأبحاث ما زالت مستمرة..

المصدر:

هنا