الفيزياء والفلك > سلسلة أضخم التلسكوبات على الأرض

تلسكوب Arecibo في بورتو ريكو

يقع تلسكوب أريسيبو Arecibo ببلدة أريسيبو في بورتوريكو ، أتت فكرة بناؤه من العالم وليام غوردن،تم البدء بتشييد التلسكوب في عام 1960 وافتتح عام 1963 . المرصد جزء من مركز الفلك والغلاف الأيوني الوطني ،يدار هذا المركز من قبل جامعات أبحاث الفضاء ،معهد ستانفورد للأبحاث ، جامعة متروبوليتان بموجب اتفاقية تعاون مع مؤسسة العلوم الوطنية (وكالة فدرالية مستقلة تهدف الى تشجيع التقدم العلمي والهندسي في الولايات المتحدة) كما يتم توفير دعم اضافي من ناسا .

سيذهل من يشاهد تلسكوب أريسيبو للمرة الأولى بضخامة السطح العاكس ( المرآة الراديوية )حيث يبلغ قطر الصحن الضخم 305 متر بعمق 50 متراً ، يغطي حجم قدره حوالي 81 ألف متر مكعب . يتألف السطح العاكس من حوالي 40،000 صفيحة ألمنيوم مثقبة ، كل صفيحة ابعادها بحدود 180 سم بـ 90 سم . و طبعا كل هذه الصفائح مدعومة بشبكة من الأسلاك الفولاذية .

تعلق منصة على ارتفاع 135 متر فوق العاكس ( الصحن ) و تزن 900 طن ، يشبه في تصميمها لجسر معلق في الهواء بـ 18 كبل تربط هذه الكابلات من طرفها الأخر بثلاث أبراج خرسانية مسلحة لتتحمل الوزن الكبير لهذه المنصة. ارتفاع أحد الأبراج 111 متر و البرجين الآخرين بحدود80 متر بحيث تكون القمم الثلاثة بنفس السوية ،يصل الحجم المغطى بهذه الأبراج الى 6957 متر مكعب و لكل برج سبع كابلات فولاذية تثبته بالأرض (قطر كل كبل 8.25 سنتمتر ) . و هناك ايضا ثلاث منظومات من الكابلات التي تتصل بالمنصة و ترتبط بكتلة خرسانية تحت العاكس (الصحن). تربط برافعات عملاقة تسمح بتعديل زوايا اللاقط بدقة تصل الى عدة ميلمترات .

تحت الهيكل المثلث الشكل في القسم العلوي من المنصة يوجد سكة دائرية تتحرك عليها ذراع السمت – ذراع السمت هو قوس بطول حوالي 100 متر – بدوره ذراع السمت يمثل سكة أخرى يتحرك في احدى جهتيها بيت النقل carriage house وفي الجهة الأخرى تتواجد قبة غريغوريان the gregorian dome تحوي هذه القبة أيضا عاكسين ثانويين( الثانوي و ثالثي ). يعلق بالبيت المتنقل هوائيات خطية ، كل هوائي مصمم لأجل حزمة ضيقة من الترددات . يوجه الهوائي الى نقطة معينة نحو الأسفل باتجاه العاكس الكروي ، فتلتقط هذه الهوائيات الأشعة المركزة والمنعكسة عن الصحن العاكس القادمة بالأصل من منطقة صغيرة من السماء .

يتم وصل مجموعة من المستقبلات العالية الحساسية بهذه الهوائيات تعمل هذه الأجهزة وهي مغمورة في حمامات من الهيليوم السائل للحفاظ على درجات حرارة منخفضة للغاية لخفض التشويش الالكتروني بحيث تمكننا من استقبال الاشارات الراديوية الضعيفة القادمة من الفضاء ليتم تضخيمها . هذا التلسكوب صمم لدراسة الترددات التي تبدأ من 50 ميغا هيرتز ( طول الموجة يصل الى ستة امتار ) حتى 10،000 ميغا هيرتز ( طول الموجة يصل الى 3 سم ). هناك 26 محركاً كهربائياً للتحكم بالمنصة ،حيث تتحكم هذه المحركات بذراع السمت والقبة الغريغوريانية والبيت الحامل في أي موضع بدقة ميليمترية ( رغم ضخامة المنظومة و ثقلها الكبير ) .

يوجد داخل القبة منبع للإشارات الراديوية باستطاعة مقدارها 1 ميغا واط . تبث حزمة راديوية في اتجاه الجسم الهدف في الفضاء من كواكب ،أقمار ، كويكبات ومذنبات، قسم ضئيل من الطاقة سينعكس عن الهدف عائداً الى الأرض . يُجمع هذا الصدى الراديوي الضعيف ،يُركز ويُكشف بواسطة تلسكوب أريسبو وكأنه رادار فلكي. تتم معالجة الاشارة ومن ثم تحليلها لنحصل على معلومات عن مدى خشونة سطح الهدف ،تكوينه ، قياسه ،شكله ،مساره ودورانه . تم استخدام هذا التلسكوب الراديوي لقياس معدل دوران عطارد (عام 1964 ، حيث تم اثبات أن معدل دوران عطارد 59 يوم فقط وليس 88 يوم كما كان معتقد بالسابق ) وقد تم أول اكتشاف لصدى رادارمن مذنب بواسطة أريسبو.

سمح هذا التلسكوب بدراسة و تفحص غلافنا الجوي من ارتفاع عدة كيلومترات وصولاً الى عدة آلاف من الكيلومتر حيث حدود الفضاء الخارجي ممدنا بمعلومات عن تكوين الغلاف الجوي العلوي ،ودرجة حرارته ، وكثافته. يمكن أن يقيس التلسكوب الراديوي الاضطرابات في الطبقات التي تملأ منطقة تدعى الغلاف الأيوني (على ارتفاع أكبر من 48 كيلومتر ) .

اما بالنسبة لمجرتنا فقد استطاع تلسكوب أريسيبو الكشف عن النبضات الراديوية الخافتة الناتجة عن النجوم النترونية (النجوم النابضة ) يصل معدل دوران هذه النجوم الى مئات المرات في الثانية الواحدة .كما أن بامكانه اكتشاف الاشارات الراديوية الناجمة عن المجرات البعيدة و الكوازارات ،التي تحتاج الى ما يقارب 100 مليون سنة حتى تصل ارضنا و تكون ضعيفة للغاية بحيث تحتاج مثل هذا التلسكوب الضخم حتى تكتشف .

الحجم الكبير للعاكس هو ما جعل مرصد أريسيبو مميزا جدا للعلماء . انه اكبر هوائي عاكس مقعر في العالم و معنى ذلك أنه ادق تلسكوب راديوي في العالم . مراصد أخرى راديوية قد يلزمها عدة ساعات لرصد مصدر اشارات راديوية و ذلك لأنها بحاجة لجمع طاقة تكفي للقيام بتحليل المعلومات أما مرصد أريسيبو فلا يلزمه سوى عدة دقائق للقيام بنفس المهمة .

يعمل التلسكوب يومياً على مدار 24 ساعة دون توقف بفضل جهد نحو 140 شخص في المرصد بين مهندسين وخبراء كمبيوتر وتقنيي تصميم وفنيين .... يبقون المرصد في الحالة الأمثل ،تتألف الكوادر العلمية من حوالي 16 شخص مقسمين وقتهم بين البحث العلمي و مساعدة العلماء الزائرين ،فمرصد أريسيبو متاح لجميع العلماء حول العالم ، كل عام يزور المنشأة حوالي 200 عالم لمتابعة أبحاثهم ،بالاضافة لعدد هائل من طلبة الدراسات العليا الذين يجرون مراقباتهم بواسطة هذا التلسكوب الضخم .

المصادر: الموقع الرسمي لمرصد Arecibo

هنا