الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية

الحبوب الكاملة والحبوب المكررة، بين الفوائد والمضار!

هل الحبوب مفيدة أم ضارة؟ في الحقيقة، بقي هذا السؤال موضع جدلٍ لدى العلماء، فنجد بعض الصحية تفيد بوجوب تناول النساء قرابة 5-6 حصصٍ من الحبوب يوميًا، والرجال قرابة 6-8 حصصٍ يوميًا أيضًا، في حين يرى بعض خبراء الصحة ألا حاجة إلى تناول هذه الكميات الكبيرة منها.

ما هي الحبوب؟

الحبوب هي بذور جافةٌ صغيرة وصلبة وقابلة للأكل، وتشكل غذاءً أساسيًا للأفراد في معظم البلدان، كذلك توفر كمًا من الطاقة الغذائية يفوق أي مجموعة غذائية أخرى، وتعد زراعة الحبوب واحدةً من العوامل الرئيسية التي أدت دورًا في تطور الحضارة البشرية، وأكثرها استهلاكًا الذرة والأرز والقمح يليها الشعير والشوفان والدخن والجاودار وعدة أنواع أخرى. كذلك فإن هناك عديدًا من الأطعمة التي تصنع من تلك الحبوب، مثل الخبز والمعكرونة وحبوب الإفطار ودقيق الشوفان ورقائق التورتيا، إضافة إلى الأطعمة السريعة مثل الحلويات والكعك وبعض المكونات التي قد تضاف إلى الأغذية مثل شراب الذرة عالي الفركتوز. وفي حين أن بعض الحبوب تؤكل كاملةً، نجد أن بعضها الآخر يؤكل مكررًا، وبعضها تطحن إلى دقيق. فما الاختلافات بين هذه الأصناف؟ وما فوائدها لجسم الإنسان؟

ما هي فوائد الحبوب الكاملة؟

تتكون الحبوب الكاملة من 3 أجزاء رئيسية:

النخالة Bran: وهي القشرة الخارجية الصلبة، وتحتوي على الألياف والمعادن والمواد المضادة للاكسدة.

السويداء Endosperm: وهي الطبقة الوسطى من الحبوب وتتكون في الغالب من الكربوهيدرات.

الجنين Germ: الطبقة الداخلية وتحتوي على فيتامينات ومعادن وبروتين ومركبات نباتية.

وللحبوب الكاملة فوائد صحية عديدة لغناها بالعناصر المغذية، وفيما يأتي قائمةٌ بأهم هذه العناصر:

الألياف: وتتركز على نحو أساسي في النخالة.

الفيتامينات: وخاصة مجموعة فيتامينات B  كالنياسين والثيامين والفولات.

المعادن: فهي مصدر جيد للمعادن كالزنك والحديد والمغنيزيوم والمنغنيز.

البروتين: يمكن للحبوب أن توفر بضعة غرامات من البروتين.

مضادات الأكسدة: ومنها حمض الفايتيك والليغنين ومركبات الكبريت.

مركبات نباتية تؤدي دورًا مناعيًا كالليغنان والستانولات والستيرولات.

وبالطبع تختلف نسب هذه العناصر من نوع لآخر، فبعض الحبوب كالقمح الكامل والشوفان غنية بتلك العناصر، في حين تفتقر أنواع أخرى كالأرز والذرة إلى تلك العناصر الغذائية حتى في شكلها الكامل.

وللحبوب الكاملة فوائد صحية أخرى، فقد أظهرت مئات الدراسات ارتباط استهلاكها كاملةً بعديدٍ من الفوائد الصحية، فهي تساعد على التخفيف من الالتهابات التي تعد عاملًا أساسيًا للإصابة بالأمراض المزمنة، إضافة إلى دورها في تحسين الوظيفة الهضمية، وتقليل خطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني، وأمراض القلب، والسكتات، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم، وسرطان القولون، والموت المبكر. لكنَّ معظم تلك الدراسات لم يقترح أن تناول الحبوب الكاملة كان السبب في خفض خطر الإصابة بتلك الأمراض، بل أشار الباحثون عادةً إلى أن احتمال الإصابة به قد انخفض لدى الأشخاص الذين تناولوها.

ما هو تأثير تكرير الحبوب على قيمتها الغذائية؟

في الحبوب المكررة، تزال النخالة والبذرة وتبقى السويداء، لذلك فهي تفتقر إلى العناصر الغذائية الهامة بسبب إزالة الجزء المغذي منها، ممّا يجعل منها "سعراتٍ حراريةً فارغة"، فضلًا عن تسببها بحدوث ارتفاع سريع في سكر الدم عند استهلاكها يتبعه انخفاض سريع أيضًا، الأمر الذي قد يؤدي إلى الشعور بالجوع، والإفراط في تناول الطعام، ومن ثم زيادة الوزن والسمنة كما تظهر العديد من الدراسات. كذلك ارتبط تناول الحبوب المكررة بعديدٍ من الأمراض الاستقلابية، فقد تؤدي إلى حدوث مقاومة الأنسولين، والإصابة بمرض السكري من النمط الثاني وأمراض القلب، وباختصار، ومن وجهة نظر تغذوية، لا يوجد شيءٌ إيجابي في الحبوب المكررة، التي تشكل - للأسف- القسم الأكبر من الحبوب المتناولة من قِبل معظم الناس.

ولمزيدٍ عن السعرات الحرارية الفارغة هنا هنا

هل يمكن لأي شخص تناول الحبوب؟

للأسف فإن تناول الحبوب غير محبذٍ لبعض الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية معينة، لأنها ستزيد حالتهم سوءًا، فمثلًا قد تتسبب بعض أنواع الحبوب مثل القمح والجاودار والشعير ببعض المشكلات الصحية لاحتوائها على بروتين الغلوتين، إذ إن كثيرًا من الناس يعانون من عدم تحمُّل الغلوتين، وهذا يشمل المصابين بالداء الزلاقي وحساسية الغلوتين. كذلك تحتوي بعض الحبوب، وخاصة القمح، على نوعٍ من الكربوهيدرات قصيرة السلسلة تدعى FODMAPs تتسبب بعسر الهضم لكثير من الناس، ولذلك يجدر تجنبها من قِبل الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون المتهيج IBS، ومثلهم المرضى المصابون بالتهاب الرتج Diverticulitis بسبب احتوائها على الألياف. من جهةٍ أخرى، نجد أن الحبوب ذات المحتوى العالي من الكربوهيدرات قد لا تناسب مرضى السكري كونها تؤدي إلى ارتفاع سكر الدم (لكن ذلك لا يشمل كل أنواع الحبوب، بل إن بعضها قد يكون مفيدًا لهؤلاء المرضى، كالشوفان).

ماذا عن مضادات التغذية الموجودة في الحبوب؟

في حين أن الحبوب غنيةٌ بالعناصر الغذائية، لكنَّها قد تحتوي على مركبات تُعرف بمضادات التغذية antinutrients، وهي مواد تؤثر في هضم وامتصاص العناصر الغذائية، وعلى سبيل المثال يقوم حمض الفايتيك بربط المعادن ومنع امتصاصها، وقد تؤدي الليكتينات إلى تضرر الأمعاء، وعادة يمكن التخلص من مضادات التغذية تلك عن طريق بعض الإجراءات البسيطة كالنقع والبرعمة والتخمير، وحتى في حال وجودها في الحبوب الكاملة فإنَّها لن تشكل مشكلة كبيرة، لأن فوائدها في شكلها الكامل تفوق تأثير مضادات التغذية بكثير.

المصادر:

هنا

هنا