علم النفس > الصحة النفسية

كيف تغير مستحضرات التجميل صورتك أمام نفسك وأمام المجتمع؟

يترافق تطور الحضارات وتنوع الأعمال التي يمكن أن تؤديها المرأة مع تنوع أوجه الاستفادة من مستحضراتِ التجميل، إذ تشير الدراسات إلى أن الأشخاص ذوي المظهر الجميل، سواء كانوا من الذكور أو الإناث، يحظون بفرصةٍ أكبر في الحصول على أعمالٍ مستقرةٍ والاستمرار بها مقارنةً بالأشخاص ذوي الجمال المتوسط وما دونه. لكن هل يمكن تعميم ذلك على جميع مستويات الأعمال؟

نُشرت في العام 2006 دراسةٌ تفيد بأن النساء اللواتي يرتدين مستحضراتِ التجميل يمتلكن مظهرًا يوحي بأنَّهنَّ ذوات مناصبَ عُليا في أعمالهم، لكنَّ تلك الدراسة لم تحدد تفاصيل هذا المظهر وكيفية ارتباطه بالمستحضرات التجميلية.

وعادةً، يتطلب المنصب المهني العالي وجود واحدةٍ من صفتين؛ هما النفوذ أو الهيمنة، إذ يمكن لامتلاك إحديهما أن يؤهب صاحبها ليكون قياديًا في مجال عمله. ولدراسة كيفية تأثير مستحضرات التجميل في هاتين الصفتين، قامت Viktoria R. Mileva وزملاؤها بتجربةٍ أضيفَ فيها مستوى موحدٌ من مستحضراتِ التجميل الكترونيًا إلى صورِ مجموعةٍ من النساء، في حين تُركت صورُ مجموعةٍ أخرى دون أي تعديلات أو إضافةٍ لمستحضرات التجميل، ومن ثمَّ طُلب تقييم هؤلاء النساء من قِبل مجموعة من المشاركين الذكور والإناث، وذلك وفق ثلاث صفات هي الجاذبية، والهيمنة، والنفوذ، وكانت النتائج على النحو الآتي:

وجد الذكور والإناث أن النساء اللواتي يرتدين المكياج كنَّ أكثرَ جاذبيةً ممَّن لا يرتدينه، كذلك قَيَّمهن المشاركون الذكور بأنَّهن أكثرُ نفوذًا، في حين قيَّمتهنَّ المشاركات الإناث بأنَهن أكثر هيمنةً فقط، وعُزي التقييم بالهمينةِ الوارد من قبل الإناث إلى غيرتِهنَّ من أقرانهنّ!

وجاءت النتيجة المجملة لتؤكد دور المكياج في الحصولِ على مناصبَ وظيفيةٍ أعلى، بغضِّ النظر عن الطريقة التي يؤثر فيها. لكنْ، هل يعني هذا أن النساء اللواتي يطمحن لشَغل مناصب قياديةٍ في المجتمع يجب أن يضعن مزيدًا من مستحضرات التجميل لتحقيق هدفهن؟

للتحقيق في هذا الأمر، قامت Esther A. James بتجربةٍ قاموا فيها بتعديل صورٍ لمجموعةٍ من النساء من خلفيات عِرقيةٍ مختلفة، وعُرضت الصور في حانةٍ على مجموعةٍ من الأشخاص بهدف معرفة تقييمهم لمدى قدرةِ النسوة الظاهرات في الصور على القيام بأدوارٍ قيادية في المجتمع، وكانت المفاجأة بأن المستحضرات التجميلية كانت ذات تاثيرٍ سلبي على التقييم بغض النظر عن جنس المقيِّم وعِرق النساء الظاهرات في الصور، إذ يبدو أنّها مستحضرات التجميل قد أشارت إلى افتقار هؤلاء النساء إلى السِّمات القيادية.

وكما رأينا، فقد كان كلُّ ما سبق عن أثر المكياج في تغيير نظرة الآخرين إلى النساء اللواتي يرتدينه، لكنْ ماذا عن نظرةِ الشخص إلى نفسه؟ كيف تغيرُ مستحضرات التجميل من احترام الفتاة التي ترتديها لذاتها؟ وإن كان لتلك المساحيق أثرٌ في زيادةِ الجاذبية واحتماليةِ الحصول على عملٍ أو زوج، هل يجب على كل الفتيات اللجوء إليها؟

في هذا السياق قام كلٌّ من Kathleen Brinegar وElyse Weddle بدراسةٍ للتحقيق في علاقة استخدام مستحضرات التجميل والثقة بالنفس، وطلبوا فيها من مجموعةٍ من المشاركات ملء استبيانٍ خاص لتقدير ثقتهم بأنفسهم، واستبيانًا آخر لمقدار استعمالهم للمكياج. وفي الوقت نفسه، قام الباحثون بتقييم مقدارِ مساحيق التجميل على وجوه المشاركات، وعند تحليل النتائج، تبيَّن أنَّ الفتيات اللواتي أبدين ثقةً أقلَّ بأنفسهنَّ كنَّ ممن يمِلن إلى استخدام مستحضرات التجميل بتواترٍ أكبر، وذلك طبعًا بهدف الحصول على مظهرٍ أكثرَ جاذبية. وقد يكون هذا ما يُفسّرُ سبب صعوبةِ تخلي الفتاة عن مستحضراتِ التجميل بمجرد بدءِ استخدامها، فالشعور بزيادةِ الجاذبية بعد استخدامِها أولَ مرةٍ يتحول إلى مبالغةٍ في تقديرِ الجمال عند تطبيقِها على نحوٍ دائم، مما يجعل مظهر الفتاة دون المكياج غيرَ مقبولٍ لها قبل غيرِها ممن يحيطون بها.

لكنَّ تعميم نتيجةٍ كهذه والجزم بأنَّ كلَّ فتاةٍ ترتدي مستحضراتِ التجميل تفتقر إلى الثقة الكافية بالنفس أمرٌ غيرُ صحيح، وإنَّ إثباتَ علاقةٍ بين هذين المتغيرين لا يعني أبدًا وجود سببيةٍ بينهما، وبمعنى آخر فإنَّ ارتباطَهما لا يعني بالضرورة أن إحدَيهما سببٌ للأخرى.

وفي الختام، نؤكد أنَّنا لسنا هنا بصدد توجيه الأحكام والاتهامات لأيِّ فتاةٍ ترتدي مستحضرات التجميل أو لا ترتديها، فإن كنتِ ممّن يرتدونه بكثرة، عليك سؤال نفسك عن سبب استمرارك بذلك، وحاولي تعرُّفَ تأثير التخفيف منه أو التخلص منه كليًا في نظرتك تجاه نفسك ونظرةِ من حولك إليك، سواء كان ذلك في منزلك أو بين أصدقائك أو في محيط عملك.

مصادر المقال

هنا

هنا

هنا

هنا