الغذاء والتغذية > الرياضة وتغذية الرياضيين

الرياضةُ في الصغر كالنقشِ على العظم!

لا تخفى على أحدٍ منا أهميةُ ممارسةِ التمارينِ الرياضيّة، ولا يخفى أيضاً كم من المرات التي تهاونّا فيها عن أدائها، لذا فإن مقالنا الآتي قد يكونُ دافعاً لك لممارستها من جديد، إذ كشفت دراسةٌ حديثةٌ أُجريت في Liggins Institute at the University of Auckland بأنَّ تأثير التمارين الرياضية يمتد لفتراتٍ طويلةِ، إذ يمتلك نخاع العظام ذاكرةً تمتد حتى بعد توقفك عن ممارسة التمارين الرياضيّة، وهذه الذاكرة تعمل على تغييرِ آلية استقلاب جسمك للحميات الغذائية العالية الدهون، فقد أجرى باحثون في University of Auckland تجاربَ على عدةِ مجموعاتٍ من الفئران؛ خضعت لحمياتٍ غذائيةٍ وتمارينَ رياضيةٍ مختلفةٍ لمقارنةِ صحة وتجدد العظام عند الفئران عند اتباع حمياتٍ غذائيةٍ وظروفِ تمرينٍ مختلفة، وقد لوحظ بأنَّ النشاط البدني المبكر عند الفئران ذاتِ الحمية الغذائية العاليةِ الدهون قد تتسبب في خفضِ نشاط الجينات المرتبطة بالالتهاب، ومن المعروف أنَّ الالتهابَ هو ردة فعلِ الجسم ضد العدوى والإصابات، علماً بأنَّ الحميةَ الغذائية العالية الدهون تؤدي إلى زيادةٍ في نشاط الجينات المسببة للالتهاب، وقد تُسبِّب الالتهابات المنخفضة الدرجة والمرتبطة بالحمية الغذائية العاليةِ الدهون ضرراً للأنسجة وتزيدُ من خطرِ الإصابةِ بأمراض القلب والسرطان وأمراضٍ أخرى.

 

ومن جهة أخرى، فقد عملت التمارينُ الرياضية على تغيير الطريقة التي يحدث فيها استقلاب الطاقة اللازمة لتجديد العظام وتغيير مسارات الطاقة، وتعطيلِ استجابة الجسم للنظم الغذائية العاليّة الدهون، وبحسب الباحثين فإنَّ هذه التغيرات قد طالت الفئران على الرغم من توقفها عن ممارسة التمارينِ الرياضية في فترةِ منتصف العمر، إذ إنَّه وبحسب الباحثين؛ فإنَّ النخاع العظمي يحمل ذاكرةً عن آثار ممارسة الرياضة، وعلى الرغم من تراكم الدهون لدى هذه الفئران لكنَّ ممارسة الرياضة في مرحلةٍ سابقةٍ من العمر قد خفّض من النتائج السلبية التي كان من الممكن حدوثُها عند الخضوع لمثل هذه الحميات الغذائية العالية الدهون.

 

وتُعدُّ هذه الدراسة أولَ دراسةٍ تشير إلى آثار ممارسةِ الرياضة في مرحلةِ ما بعد البلوغ؛ وعلى الرغم من أنَّ هناك العديد من الدراساتِ التي تُشير إلى ارتباط السمنة والسكري مع بعضهما، لكنَّ هذه النتائج قد تساعدنا على فهم السبب في عدم تطور السمنة عند البعض إلى مرض السكري، وتؤكد أيضاً ضرورة ممارسة الأطفال للرياضة، ولأنَّ الطفولة والمراهقة هما فترتا نمو سريعتان للكتلة العظمية، فإنَّ الوصول إلى كتلة العظام المثلى في وقتٍ مبكرٍ من العمر سيجعلك أقل عُرضةً للإصابة بالكسور وغيرِها من المشكلات المتعلقة بالعظام عند البالغين، وتؤدي تمارين تحمل الوزن دوراً في ذلك، لكنَّ الوزن الزائد بسبب زيادة كتلة الدهون قد يؤثر في نمو العظام، ولأنَّ تجدد العظام يؤثر في استقلاب الطاقة في الجسم، فإنَّ ذلك يوضح سبب حدوثِ السمنة المفرطة عند بعض الأطفال والبالغين.

 

ويأمل الباحثون بمتابعة وتكرار التجارب على الفئران لمعرفة فيما إذا كانت هذه النتائج تشمل مرحلة الشيخوخة، مع ضرورة معرفة نوعية هذه التمارين ومدتِها وكيفيتها التي تؤثر على استقلاب الدهون بفعالية.

 

المصدر: هنا

الدراسة المرجعية:

Dharani M. Sontam، Mark H. Vickers، Elwyn C. Firth، Justin M. O'Sullivan. A Memory of Early Life Physical Activity Is Retained in Bone Marrow of Male Rats Fed a High-Fat Diet. Frontiers in Physiology، 2017; 8 DOI: هنا