الهندسة والآليات > كيف تعمل الأشياء

كيف يعمل المحرّك النّفّاث؟

يتساءل الكثيرُ من متابعينا عن كيفيّةِ طيرانِ الطّائرةِ بدونِ مراوحَ في أعلاها ودونَ الحاجةِ للتّزوّدِ بالوقود بعد قطع مسافةٍ صغيرةٍ إضافةً إلى نوعِ المحرّكاتِ الّتي تطيرُ بالطّائرةِ في أعالي السّماء.

في الأسطرِ القليلةِ التّاليةِ نُجيب عن تلكَ الاستفساراتِ وعن طريقةِ عملِ المُحرِّكاتِ النّفّاثة.

تابعونا

المُحرّكاتُ النّفّاثةُ تخلق دفعًا إلى الأمامِ عن طريقِ سحب كميّةٍ كبيرةٍ من الهواء وتفريغها كغازٍ بتدفُّقٍ عالي السّرعة. وتُصمَّمُ هذه المحرِّكاتُ بطريقةٍ تسمحُ للطّائرات بالطّيرانِ أسرعَ ولمسافاتٍ أطولَ مقارنةً بالطّائراتِ الّتي تطيرُ باستخدامِ المراوح. وجعلَ تطويرُ المُحرّكاتُ النّفّاثةُ وصقلها على مدى السّنواتِ الخمسةِ والسّتينَ الماضية من السّفرِ الجويّ التّجاريّ أكثرَ عمليّةً وربحيّةً، وفتحَ العالمَ للمسافرين من رجالِ الأعمالِ وغيرهم.

المحرِّكُ النّفّاثُ هو عبارةٌ عن توربينٍ غازيٍّ، في أبسطِ صورةٍ، مكوّنٍ من ضاغطٍ، لديه شفراتٌ مثل الأجنحة تدورُ بسرعةٍ كبيرةٍ. تسحبُ هذه الشّفراتُ الهواءَ و تكبسه، ما يجعلُ ضغطَ الغازِِ عالٍ. بعدَ ذلكَ يتمُّ حقنُ الوقودِ في الغازِ وإشعالِهِ فيصبحُ الغازُ ذا ضغطٍ عالٍ ودرجةِ حرارةٍ مرتفعةٍ على حدٍّ سواء.

تدفُّقُ الغازِ الملتهبِ ذي الضّغطِ العالي، ودرجةِ الحرارةِ المرتفعةِ يمرُّ من خلالِ مجموعةٍ أخرى من الشّفراتِ الّتي تستخرج الطّاقةَ من الغازِ، وتُخفِضُ الضّغطَ ودرجةَ الحرارةِ. يقوم التوربين بسحبِ الغاز عبر المحرِّكِ وإلى الخلفِ من خلالِ فوَّهةٍ تزيدُ السّرعةَ بشكلٍ ملحوظٍ على حسابِ الضّغطِ أي ينخفضُ الضّغطُ بازديادِ السُّرعة . هذا يعني انَّ قوّةَ طردِ الغازِ هي الّتي توفِّرُ القوّةَ الدّافعةَ لتحريكِ الطّائرةِ إلى الأمام.

وإلى جانب الضّغطِ ووقودِ الاشتعالِ وطاقةِ التّوربيناتِ للمحرِّكاتِ النّفّاثةِ، فإنّ الهيكلَ المحيطَ بها يجعلها أيضًا أكثرَ فعاليّةً من محرِّكاتِ المروحةِ الظّاهرةِ. بدونِ هذا الهيكلِ المحيطِ، فإنَّ الهواءَ المتَّجهَ نحو المروحةِ سيرتطمُ بها بغضِّ النَّظر عن السُّرعةِ الّتي تسير بها الطّائرةُ وهذا يحدُّ من مدى السّرعةِ الّتي يمكنُ أن تدور بها المروحةُ قبلَ أن تبدأ كميّةَ ناتجِ الدّفعِ بالانحسارِ ممّا يحدُّ من سرعةِ تحليقِ هذه الطّائراتِ وبما أنَّ هيكلَ المحرِّكاتِ النّفّاثةِ يُبقي الهواءَ الدّاخلَ للمحرِّكِ يتحرَّكُ تقريبًا بنفسِ السّرعةِ بغضِّ النّظرِ عن سرعةِ الطّيرانِ، فيمكنُ للطّائرةِ حينها أن تطيرَ بشكلٍ أسرع.

حتّى سبعيناتِ القرنِ الماضي، كانت الرَّحلاتُ الجويّةُ المسافرةُ عبر المحيطِ الهادئ تحتاج للوقوفِ من أجلِ التّزوُّدِ بالوقود. أمّا في يومنا هذا فإنَّ المحركاتِ النّفّاثةِ هي أكثرُ تقدّمًا وتعقيدًا من نموذجاتِ التّوربيناتِ الأساسيّةِ الّتي شرحناها سابقًا. حيث أصبحَ للمحرِّكاتِ اليومَ مراوحُ ضخمةً في الجهةِ الأماميّةِ، وبدًلا من إطلاقِ الغازِ من الخلفِ مباشرةً، فإنَّهُ يمرُّ عبر توربينٍ ثانٍ والّذي بدورِهِ يُشغِّلُ مروحةً في المقدمة. في حين كانت المحرِّكاتُ النّفّاثةُ القديمةُ تأخذُ كميّةً أقلَّ من الهواءِ وتزيدُ سرعتها بشكلٍ كبيرٍ، فإنَّ المحرِّكاتِ النّفّاثةِ الجديدةِ تُدخِلُ المزيدَ من الهواءِ وتزيدُ سرعته قليلًا. والنّتيجة هي أنّ المحرِّكَ يستخدمُ طاقةً أقلَّ بكثيرٍ.

وفي مختبر توربيناتِ الغازِ في معهدِ ماساتشوستس للتّكنولوجيا يعملُ الباحثونَ على جعلِ المُحرِّكاتِ النّفّاثةِ أكثرَ هدوءًا وأكثرَ كفاءةً من خلال استكشافِ تغييراتٍ في التّصميمِ مثل نقل المُحرِّكاتِ من على الأجنحةِ ووضعها بجانبِ هيكلِ الطّائرةِ حيث تتباطأ جزيئاتُ الهواءِ عن طريق الاحتكاك. في أكبرِ أحجامها، يمكن للمُحرِّكاتِ النّفّاثةِ أن تملكَ مراوحَ يبلغُ قطرها أكثرَ من 3 أمتارٍ، ولكنّها يمكنُ أيضًا أن تكونَ صغيرةً كفايةً لتتّسعَ في راحةِ اليد. من المفيدِ أن نلاحظَ أنَّ توربيناتِ الغازِ الضّخمةِ الّتي بُنيت مع نفسِ لمبادئِ محرِّكاتِ الطّائراتِ النّفّاثةِ تُستخدَمُ أيضًا لتوليدِ الطّاقةِ في محطَّاتِ توليدِ الطّاقةِ من الغازِ الطّبيعي.

المصدر:

هنا