الفيزياء والفلك > علم الفلك

دراسة جديدة قد تُفسّر غرابة مدار القمر حول الأرض

استمع على ساوندكلاود 🎧

هناك الكثير من الأسئلةِ التي لا نملك لها جواباً قاطعاً حَول جارِنا القريب، ورفيقنا في هذا الكون المترامي الأطراف. كيف تكوّن القمر؟ لماذا يميلُ مدارهُ قليلاً؟ ولماذا يبعُدُ عنّا كثيراً، أيّ حوالي 380،000 كيلو متر؟

إنّ النظرية الرئيسية لنشوء القمر هي نموذج الاصطدام العملاق (giant impact)، وتُفيد هذه النظرية بأنّهُ قبل ما يَقربُ من 4،5 مليار سنة ماضية، اصطدمَ كوكبُ الأرض حديثَ النشوء آنذاك مع كوكبٍ أخر سُمي ثيّــا (Theia).

كوّن الغبار والركام قرصاً، أحاط بما تبقى من كوكبِ الأرض بعد الاصطدام؛ وتجمع هذا الركام فيما بعد ليشكل القمر. لكن محور دوران الأرض الحاليّ، الّذي يميل بزاوية 23.5، لا يتفق مع هذا السيناريو.

تؤكّد الفيزياء أنّ الحطام الذي أصبح قمراً، ينبغي أنّ يدور حول خط الاستواء الأرضي؛ وكلّما دفعت قوى المد والجزر القمر بعيداً، فإنّهُ يجب أن يعود إلى نفس المستوى الذي تدورُ فيه الأرض حول الشمس. ولكن عوضًا عن هذا، فإنّ مدار القمر اليوم يميل خمس درجات بعيداُ عن مستوى مسار الشمس. فما الذي حدث؟

لدى العالم ماتيا كوك (Matija Ćuk)، من معهد سيتي في كاليفورنيا (SETI Institute in California)، بالتعاونِ مع فريقٍ من علماءِ الكواكب الأمريكيين، جوابٌ محتمل لتلك التساؤلات؛ وذلك اعتمادًا على بعض النماذج وعمليات المحاكاة الحاسوبية، التي تُفضي إلى استنتاجٍ مفادهُ، أنّ الاصطدامَ الذي شكّل القمر، كان قويًا، لدرجة أنهُ جعلَ الأرض تميل عن محور دورانها بشكلٍ كبير، حتى كادت تستلقي على جانبها أثناء الدوران.

وكتب الفريق في مجلة نيتشر (Nature) أنّهُ بمرور الزمن، مهّدت التفاعلات بين الأرض والقمر والشمس، إلى الدوران بشكل متناغم، تاركةً الثنائي (الأرض والقمر) يتبادلان رقصة الجاذبية التي نراها حالياً.

ناقش كوك وزملائهُ سيناريوهات مختلفة لعملية تشكّل القمر، من ضمنها السيناريو الذي قاد بالنتيجة إلى ظهور نظام الأرض- القمر الذي نرهُ حالياُ. في هذا السيناريو، تدفعُ عملية التصادم الأرضَ، لتدورُ بسرعةٍ هائلةٍ أيّ تقريباً ضعف السرعة التي خمنتها النماذج الأخرى. كما يتسبّب التصادم بإمالة الأرض على جانبها بزاوية تتراوح بين 60-80 درجة. وتبعًا لهذه المحاكاة، فقد بدأ القمر الوليد، على مسافَةٍ قريبة جدا من الأرض، وتتبع خط الاستواء الأرضي، عن كثب، ولكنه بعد ذلك، جنحَ بعيدًا. وعندما أصبح القمر على بعدٍ من الأرض، يساوي 15 ضعف المسافة الأولية الّتي كانت تفصله عنها؛ بدأت الشمس بفرض نُفوذِها على مدار القمر.

استنتج الباحثون، أنَ المدار الحالي الغريب للقمر، قد يكون بِسبَبِ دورانِ الأرض بسرعةٍ كبيرة آنذاك، وميلانها عن محور دورانها بشكلٍ كبيرٍ؛ في في الوقت الّذي كان القمرَ فيه يُهاجر بعيداً عنها.

يُقرُّ هاملتون بأنّ النموذج في مراحله الأولية، ولا يُجيبُ بشكلٍ قاطعٍ عن جميع الأسئلة. ولكنهُ أوضح "أننا نملك الآن نموذجاً أكثرُ ملائمةً وفعاليةً من النماذج السابقة، وهو بحد ذاته تقدم ملحوظ لفهم ما حدث في تلك المرحلة".

المصدر: هنا