الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

النزف الهضمي السفلي Lower GI bleeding

استمع على ساوندكلاود 🎧

قد يُلاحِظُ المرء أنَّ بِرازه قد تحوَّل إلى لونٍ أسودَ زفتي، وربّما يرى دماً يخرج مع البِراز، هذا ما يسمّى بالنزف الهضمي السفلي. هل هو حالة خطرة يا ترى؟ لنتعرَّفَ في هذا المقال على أهم أسبابه وأعراضه وكيفية علاجه؟

قبل أن نبدأ علينا أن نتعرَّفَ على مصطلح النزف الهضمي الذي يشير إلى النزف الحاصل من السبيل الهضمي، ويُقسَم إلى نزفٍ هضمي علوي ونزفٍ هضمي سفلي. النزفُ الهضمي العلوي هو النزف من المريء أو المعدة أو القسم الأول من الأمعاء الدقيقة، أما النزفُ الهضمي السفلي فهو النزف من بقية أقسام الأمعاء الدقيقة أو من الأمعاء الغليظة أو المستقيم أو الشرج.

يُعدُّ النزفُ الهضمي السفلي من الأسباب التي تستدعي دخولَ المستشفيات، وقد يؤدي إلى الوفاة أحياناً. يكون النزفُ الهضمي السفلي الغزير أكثرَ شيوعاً لدى المتقدمين في السن ويُفسّر ذلك بأنَّ كلَّاً من داء الرتوج وعسر التنسُّج الوعائي اللذين يُعدَّان من أهم أسبابه يكونان أكثرَ شيوعاً لدى أصحاب هذه الفئة العمرية. أمّا أشيعُ أسباب النزف الهضمي السفلي الخفيف فهي البواسير، وتشيع البواسير عند البالغين الذين تقلُّ أعمارُهم عن الخمسين عاماً.

ما أعراض النزف الهضمي السفلي؟

• تتنوّع أعراض النزف الهضمي السفلي تبعاً لمكان النزف التشريحي؛ إذ يظهر برازٌ ذو لون كستنائيّ مُحمر إذا كان النزفُ من الجزء الأيمن من الكولون، ويكون مُختلِطاً بلونٍ أحمرَ إذا كان النزفُ من القسم الأيسر من الكولون، بينما يكون البِراز مغطّىً بلونٍ أحمرَ دموي فاتح إذا كان النزفُ من المستقيم والشرج، ويكون زفتياً أسودَ إذا كان النزفُ من الأعور.

• قد تُلاحَظُ بعضُ الأعراض كالتعب والشحوب والتجفاف والزَّلة التنفسية (ضيق النفس) والدُّوار والألم البطني والإسهال عند فقدان كميات كبيرة من الدم.

• قد يكون النزف الهضمي السفلي خفيفاً لا يُلاحظ عيانياً ولكنه يؤدي عند استمراره إلى فقر دم تدريجي وتعبٍ وشحوب.

قد يلاحظ تحوّل لون البراز إلى الأسود بعد تناول طعامٍ معين أو دواءٍ ما، فقد لوحظ أنَّ بعضَ الأدويةِ (كالحديد والبزموت وبعضِ المُضادات الحيوية) وكذلك بعضَ الأطعمةِ (كالشمندر) تعطي البراز لوناً أحمرَ أو أسودَ ما قد يختلط مع لون البِراز الناجم عن النزف الهضمي السفلي.

ما أشيع أسباب النزف الهضمي السفلي؟

• داءُ الرتوج (التهاب الرتوج): الرتوج هي جيوبٌ صغيرةٌ تبرزُ ضمن جدار الكولون، ويُعدُّ داءُ الرتوج السببَ الأشيعَ للنزف الهضمي السفلي غزير الكمية.

• سرطانُ السبيل الهضمي السفلي (سرطان الكولون أو سرطان الشرج).

• الداءُ المعوي الالتهابي: كداء كرون والتهاب الكولون التقرحي وهي من الأمراض الالتهابية التي تصيب السبيلَ الهضمي وتتجلّى سريرياً بألم بطني وإسهال مدمّى.

لمعرفة المزيد عن الداء المعوي الالتهابي، يُمكن قراءة هذا المقال:

هنا

• الإسهالُ الناتجُ عن بعض الإنتانات كالشيغيلا وهي بكتريا تنتقل عبر تناول الأطعمة والمياه الملوثة.

• البوليبات (المراجل): هي تنشّؤات تنمو داخلَ الكولون، وقد يتحوَل بعضُها فيما بعد إلى سرطان كولون.

• عسرُ التنسُّج الوعائي: هي أوعية دموية شاذة ضمن الطبقات النسيجية للأمعاء، تؤدي إلى حدوث نزف هضمي سفلي عند تمزقها.

• البواسير والشق الشرجي: تُعدُّ البواسيرُ من أشيع أسباب رؤية دم أحمر مع البراز، فالبواسير هي أوردة متضخمة قد تتمزق مؤدية إلى خروج دم أحمر مع البراز.

لمعرفة المزيد عن البواسير، يمكن الاطلاع على مقالنا هذا:

هنا

كيف يُشخَّص النزفُ الهضمي السفلي؟

بعد أخذ القصة السريرية المُفصَّلة وإجراء الفحص السريري يلجأ الأطباء إلى إجراء تنظير هضمي سفلي يقوم الطبيب من خلاله بإدخال أنبوبٍ طويلٍ مُزودٍ بكاميرا صغيرة في مقدمته عبر فتحة الشرج وصولاً إلى المستقيم ثم إلى الكولون ما يساعده على رؤية مصدر النزف وتحديده ليتمكن من إيقافه، كما تُطلَبُ بعضُ الفحوصِ الدموية الروتينية مثل: تعداد الدم الكامل وقياس مستوى الشوارد وعوامل التخثر وزمن النزف وتعداد الصفيحات واختبارات وظائف الكبد. ومن الوسائل التشخيصية الأخرى: التصوير بالأشعة السينية مع رَحضة الباريوم (يُطلب من المريض تناول محلول الباريوم ثم يتمّ تصويره بواسطة الأشعة السينية للبحث عن أي مشكلات ضمن السبيل الهضمي) والتصوير الوعائي وكذلك التصوير المقطعي المحوسب.

ما الخطواتُ العلاجية المُتبعة عند حدوث النزف الهضمي السفلي؟

علينا أن ندرك أولاً أنَّ النزفَ الهضمي السفلي الشديد هو حالةٌ إسعافيةٌ ولا بدَّ من الذهاب إلى المشفى فورَ حدوثه، أما بالنسبة للنزف الهضمي السفلي الخفيف (كالنزف الناجم عن البواسير أو الشق الشرجي) فلا يُعدُّ مخيفاً، ويُنصح باتباع حمية صحية غنية بالألياف تجعل البراز طرياً ما يُسهم في تفادي حدوثه. ومن الخطوات العلاجية المتبعة بالنسبة للنزف الشديد:

التقييمُ الأولي لحالة المريض وإنعاشه (يُفتح وريدٌ وتوضع قثطرةٌ لتعويض النقص الدموي الحاصل عن طريق إعطاء المحاليل الوريدية وربما نقل الدم)، ثم تحديد موضع النزف (بواسطة التنظير الهضمي السفلي) والتدخل العلاجي لإيقاف النزف. تختلف الأساليب المتبعة لإيقاف النزف وفقاً لسبب النزف ومنها:

إذا كان النزفُ ناجماً عن داء الرتوج، يحقنُ الطبيبُ عن طريق التنظير مادةً مُقبِّضةً ضمنَ الوعاء ما يُوقِف النزفَ، وقد يقوم بتخثير الوعاء النازف، أمَّا إذا تكرر النزف الهضمي السفلي عدة مرات، يُلجأ إلى استئصال الجزء النازف من السبيل الهضمي، وقد يتطلّبُ الأمرُ تدخلاً جراحياً لإيقاف النزف.

ما إنذارُ النزف الهضمي السفلي وما درجةُ خطورته؟

يختلفُ إنذارُ النزفِ الهضمي السفلي وفقاً لعدة عوامل كعمر المريض وحالته الصحية بالإضافة إلى مكان النزف وكميته والسبب المؤدي للنزف.

ختاماً ننصحك بمراجعة الطبيب إذا لاحظتَ إحدى الأعراض التالية:

- بِرازٌ أسود.

- بِرازٌ مترافقٌ مع دم.

المصادر:

هنا

هنا

هنا