الهندسة والآليات > الروبوتات

الروبوت الغواص (OceanOne) لاستكشاف كنوز البحار

استمع على ساوندكلاود 🎧

غرقت سفينة الملك لويس الرابع عشر عميقاً في البحر المتوسط مقابل الشواطئ الفرنسية، وذلك في القرن السابع عشر وتحديداً عام 1664. تقبع سفينة القمر أو La Lune بالفرنسية هنالك في أعماق البحر منذ غرقها محملة بالكنوز، وبالرغم من ذلك لم يلمسها أي أحد. تغيّر الأمر منذ فترة ليست بالبعيدة وتم الوصول إلى كنوز تلك السفينة، ولكن من وصل إلى تلك السفينة لم يكن أحد البشر وإنما OceanOne الروبوت الغواص الذي يشبه حورية البحر، للمزيد عن هذا الروبوت تابعوا المقال التالي:

حبس الدكتور أسامة الخطيب أنفاسه وهو يسبح ضمن حطام سفينة الملك لويس، واستطاع أن يرصد خلال السباحة إناءً اثري قابع ضمن الحطام، التف الدكتور حول ذلك الإناء ومن ثم مدّ يده باتجاهه والتقطه، تحسس وزنه وحجمه وهو يمسكه بأصابعه. سبح الدكتور عائداً إلى السلة التي يجمع بها ما التقطه من كنوز ومن ثم وضع الإناء بلطف داخل السلة، أغلق السلة ومن ثمّ احتفل هو وفريق العمل بهذا النجاح، والمفاجأة أن الدكتور أسامة استطاع أن يفعل ذلك وهو على ظهر القارب ودون أن ينزل بالماء أبداً، والذي قام بكل العمل هو محور مقالتنا الروبوت الغواص (OceanOne).

لنتفق إذاً أن هنالك من يقوم بالتحكم بالروبوت من خارج المياه ولنسميه "القبطان" أما الروبوت يقوم بباقي المهمة داخل المياه. يتمتع هذا الروبوت بالعديد والعديد من المميزات التي تمكنه من القيام بمهامه في اكتشاف أعماق البحار والمحيطات على أكمل وجه، من هذه المميزات امتلاكه للرؤية المجسمة التي تمكن القبطان من رؤية كل ما يراه الروبوت. يملك الروبوت أيضاً ذراعين تمكنه من القيام بعمليات الالتقاط والحمل والنقل، كما أن هذه الأذرع مزوّدة بحساسات للقوى تنقل إحساس اللمس للقبطان، كما لو أنه يمسك القطعة التي يمسكها الروبوت بشكل فعلي. وتسمى هذه التقنية بتقنية (Haptic)، وللمزيد عن تقنية (Haptic) نقتبس من كلام الدكتور أسامة وهو قبطان الروبوت حيث قال عن هذه التجربة "ستشعر تماماّ بما يشعر الروبوت، إنّه تقريباً كما لو أنك هنالك فعلاً. مع هذه التقنية سنبني بعد جديد تماماً من الإدراك".

بعد وصول الإناء إلى القارب لمسه الدكتور أسامة بشكل شخصي هذه المرة، وكان هو أول شخص يلمسه بعد بقائه في أعماق البحر لمئات السنين. كان الفريق يعيش سعادة غامرة بعد هذا النجاح الكبير حيث كانت هذه أول رحلة للغواص (OceanOne)، وبناءً على نجاحها ستتكرر هذه التجربة وسيحاول فريق العمل إيصال الروبوت إلى أعماق سحيقة أكثر، وذلك في محاولة لاكتشاف هذه الأعماق التي لم يستطع الغواصون البشر الوصول إلها حتى يومنا هذا.

يمتلك (OceanOne) شكل قريب من شكل حوريات البحر، فله جسم من الأعلى يشبه جسم الإنسان برأس وذراعين، وأما بقية الجسم فعبارة عن ذيل. طول هذا الروبوت من الرأس وحتى نهاية الذيل حوالي خمسة أقدام. يحوي رأسه على الكاميرات التي تزوّد القبطان بالرؤية المجسمة، كما أن الذراعين مزوّدتان بحساسات القوة والتي تعني بإيصال إحساس اللمس للقبطان كما سبق وذكرنا. يحوي ذيل الروبوت على الحواسب التي تتحكم بعمل الروبوت والتي تشكل دماغ الروبوت، بالإضافة إلى ذلك يحوي الذيل على البطاريات التي تؤمن التغذية. كما أنّ الروبوت مزوّد بثمانية محركات دفع تتمثل مهمتها بتحريكه ونقله بالاتجاهات المختلفة.

تتلخص مهمة دماغ الروبوت (الحواسب المتواجدة في الذيل) بالحصول على البيانات من الحساسات المتوزعة على كامل هيكل الروبوت، ومنها حساسات القوة وحساسات قياس شدة التيار وقياس الاضطرابات، ومن ثمّ إعطاء الأوامر للمحركات والأجزاء المتحركة المختلفة للقيام بمهام الروبوت، وكل ذلك بشكل تلقائي دون الحاجة للتدخل من القبطان. مثلاً يستطيع الروبوت البقاء في مكانه سواءً كانت التيارات البحرية قوية أو خفيفة وذلك عن طريق تشغيل محركات الدفع بعكس جهة التيارات. كما أن للروبوت المقدرة على بقاء ذراعيه ثابتتين وهو يعمل على قطعة أثرية ما بالرغم من أن جسمه يتحرك. إنّ مثل هذه العمليات تتم عبر برمجة الحواسب عن طريق خوارزميات ذكية مهمتها التعامل مع البيانات وتحليلها ومن ثم إعطاء الأوامر للمحركات بشكل مثالي. بالتالي يمكن القول إن (OceanOne) هو خليط ناجح من علم الروبوتيك والذكاء الصناعي وتقنية (Haptic).

يمكن لـ (OceanOne) أن يغوص جنباً لجنب مع البشر، ويتمكن القبطان من التواصل مع الغواصين البشر من خلال حركات معينة ليد الروبوت كما لو كان هنالك فعلاً. يقول الدكتور أسامة: "ربطنا من خلال هذه التجربة الروبوتات مع البشر ففي حين يمكن للبشر تقديم خبراتهم ومعارفهم السابقة، يمكن للروبوت تقديم قدرة هائلة على التحمل والغوص لأعماق سحيقة بالإضافة إلى الدقة في العمل. مع هذا الروبوت نكون قد حققنا تآزر مذهل بين البشر والروبوتات". حيث يلخص هذا الكلام الحاجة إلى مثل هذا الاختراعات.

بعد أن أدى الروبوت مهامه على أكمل وجه سيعود إلى منزله في جامعة ستانفورد حيث سيكمل فريق العمل تطويره، ومن ثم صناعة روبوتات أخرى تشكل فرق من الروبوتات الغوّاصة. فإذا كنت تسبح عزيزي القارئ ووجدت نفسك ضمن مجموعة من حوريات البحر فلا تظن نفسك تحلم فلربما هذا هو (OceanOne) وأفراد عائلته.

تابعوا معنا هذا الفيديو:

هنا

المصدر: هنا