الهندسة والآليات > اسألوا مهندسي الباحثون السوريون

كيف كان بمقدورنا التنقل بين القمر والأرض بهذه الدقة؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

كيف كان بمقدورنا التنقل بين القمر والأرض بهذه الدقة؟

خصوصاً في تلك الفترات السابقة التي لا تحتوي على التقنيات الكافية والدقيقة لهده المهمة؟

قبل أيام أنظمة الملاحة وتحديد المواقع، في الأيام الماضية كان على المهندسين استخدام نظام كمبيوتر قديم الطراز، ولكنهم مع ذلك استطاعوا الوصول إلى القمر، والعودة منه أيضاً. تابعوا معنا هذا السؤال؛ لنتعرف كيف استطاع المهندسون تدبر ذلك الأمر وبدقة عالية:

في ستينيات القرن الماضي، أًصبح من الممكن تأمين المسار من قاعدة انطلاق الصاروخ إلى موقع هبوطه على القمر، والعودة مرةً أخرى عبر استخدام حسابات صعبة جداً، وهي ما نسميه آليّة عمل جسمين متحركين (the mechanics of the two bodies):

كل من القمر والأرض يتحرك عبر مساره الخاص، وواحد منهما يدور بسرعة طوال الوقت، ولحسن الحظ فإننا نستطيع التنبؤ بهذه الحركات تماماً؛ لأنه ليس لها الكثير من التقلبات والانعطافات على كامل مسارها، طالما وضعت قدمك على المسار الصحيح فسوف تبقى عليه دون تغير لعدة أيام متتالية.

على الرغم من ذلك فإن هذا المسار "الصحيح" سيتطلب العديد من التعديلات الصغيرة، خصوصاً عندما تصل لنهاية هذه الرحلة، من أجل أن نضمن أن المركبة لن تهبط على حافة حفرة على سطح القمر، أو أن تحترق، أو تضيع في الفضاء. عند العودة إلى الغلاف الجوي للأرض، فمن المهم لرواد الفضاء معرفة ثلاثة أشياء بشكل دقيق عن مركبتهم الفضائية:

1- أين هي في الفضاء وإلى أين وجهتها؟ (الملاحة)

2- ما المسار الذي تحتاجه المركبة أو تبقى عليه من أجل العودة إلى الأرض؟ (الإرشاد أو التوجيه)

3- كيف ومتى يجب عليه تشغيل الدافعات من أجل الوصول للأرض؟ (تحكم)

في رحلة أبولو الفضائية: طوّر المهندسون في مختبر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (اسمه الحالي: مختبر تشارلز ستارك دريبر) المرشد الرئيسي، نظام الملاحة ونظام التحكم (PGNCS)، والتي تتألف من كمبيوتر، نظام تشغيل، وحدة لقياس العطالة، وأجهزة بصرية. استخدم الفريق آلة السدس (وهي أداة تستخدم لقياس مسافات الزاوية بين الأشياء وخصوصاً عند حساب الارتفاعات في الملاحة)، ومنظار من أجل حساب الزوايا بين النجوم، ووخط الأفق للأرض أو القمر، يقوم الكمبيوتر بحساب هذه الزوايا، ويقدم معلومات الملاحة اللازمة. في تلك الأيام، كان يعتبر هذا الكمبيوتر تحفة فنية، وسابق لعصره بمراحل، لكن اليوم أنت تحمل جهازك بين يديك، وقادر على القيام بعمليات معالجة أكبر بكثير من ذلك الجهاز.

الرحلة إلى القمر بحاجة إلى بيانات حول الوضع الحالي، والسرعة الحالية مع الالتزام ببعض الحدود المرجعية. على سبيل المثال: صحن استشعار كبير على سطح الأرض يمكنه تحديد المسافة بينه وبين المركبة الفضائية، عن طريق قياس زمن التأخير في الإشارة المرسلة من الأرض إلى الكبسولة وعودة الإشارة، كما يمكنه حساب السرعة الشعاعية أو معدل المسافة التي تقطعها المركبة الفضائية على طول الخط الواصل بين الصحن والمركبة باستخدام تأثير دوبلر؛ لحساب فرق التردد بين الإشارة المرسلة والعائدة. تتبع موجات الراديو يعتبر دقيق بشكل لا يصدق في أجواء الأرض وقياس المسافة ضمن حيز خطأ أقل من 30 متر فقط.

من أجل التوجيه والتحكم، تضمنت مركبة أبولو الفضائية محرك كبير ونظام صغير للتحكم برد الفعل للدفاعات، فعند تشغيلها فإنها ستغير من جهة المركبة وتوفر قوة الدفع اللازمة لإعادة المركبة، وتوجيهها إلى مسارها الصحيح. يجب على المركبة الفضائية معرفة توجهها في الفضاء؛ من أجل تشغيل المحركات في اتجاه معين، وهنا يأتي دور وحدة قياس العطالة التي حجمها يساوي كرة قدم، وتحتوي على منصة محمولة على ثلاثة مساند، الحساسات في المساند تعطي عدد الدرجات التي دارتها المركبة الفضائية حول كل محور من المحاور الثلاث بالنسبة للمنصة، وتعطي تقرير عن اتجاه المركبة الفضائية إلى الطاقم فيها ليتحكموا بالمركبة عن طريق الكمبيوتر، فيستطيع الطاقم مع هذه المعلومات اتخاذ الخطوات اللازمة للبقاء على المسار الصحيح.

شاركنا في رحلة المعرفة، ما هو التساؤل الذي طالما شغلَ تفكيرك دون أن تحصل على جوابٍ علميٍّ دقيق له؟ حان الوقت لتعرف الجواب.

المصدر: هنا