الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

هل يمكن لحميةٍ مدتها ثمانية أسابيع أن "تشفي" داء السكري؟!

استمع على ساوندكلاود 🎧

بدأت الدّراسةُ بـ 30 متطّوعاً يعانون من مرض السّكري من النّوع الثّاني، حيث أُجريت عليهم الفحوصات اللازمة ثمّ بدؤوا باتّباع حمية منخفضة السّعرات الحرارية لمدة ثمانية أسابيع. وقد اعتمدت الحمية بشكل أساسي على مشروباتٍ منخفضةِ السعراتِ الحرارية مخصصةٍ للحمية، إلى جانب الخضروات غيرِ النشوية بحيث لم يتجاوز مدخولهم اليومي من الحريرات 700 كيلوكالوري، تبعتها فترةٌ مدتها ستةُ أشهر التزم خلالها المتطوعون بحميةٍ خاصةٍ للحفاظ على الوزن الذي تمّ الوصول إليه بعد اتباع الحمية السابقة.

تم تكرار الفحوصات الأولية خلال مدة الحمية وفي الأشهر الستة اللاحقة وشملت:

- متوسط مستوى الغلوكوز في الدّم خلال فترةٍ زمنية باستخدام مقياس يُدعى *HbA1c.

- حساسيّة الإنسولين، والتي يُفَضَّل أن تكون ذاتَ قيمةٍ مرتفعة نظراً لأنها تعبّر عن مدى حساسيّة الجسم وأنسجتِهِ لتأثير الإنسولين.

- إنتاج الغلوكوز في الكبد.

- المقدرة على إنتاج الإنسولين من خلايا بيتا في البنكرياس.

- مقياس الدّهن في الكبد، والبنكرياس والجسم بشكل عامّ.

وقبلَ البدءِ بسردِ نتائج هذه الدراسة، لا بدّ لنا من التأكيد على أنّ اتباعَ حميةٍ شديدةِ الانخفاض بالسعرات الحرارية يعدُّ أمراً غيرَ مستحسنٍ ولا يُنصح بإجرائه دون مراقبة أخصائيّ التغذية، إذ لا بدَّ من الانتباه إلى حصولِ المريضِ على كامل العناصر الضروريةِ لحياته اليومية ضمن هذا المستوى المنخفض من الحريرات، وهو ما حرصَ الباحثون على مراقبتِه خلالَ هذهِ التجربة.

أما نتائج الدراسة فيمكن تلخيصها في النقاط التالية:

 عودة متوسط مستوى الإنسولين إلى حدوده الطبيعية بعد الحمية منخفضة السعرات الحرارية، والمحافظة على هذا المعدّل بعد مرور ستة أشهر، وذلك لدى اثني عشر شخصاً من المتطوعين.

 انخفاض متوسط أوزان المتطوّعين من 98 كيلوغراماً في بداية التجربة إلى 84.7 كيلوغرام بعد انتهاء الأشهر الستة، علماً أن متوسط خسارة الوزن كان متشابهاً لدى جميع المتطوعين بغض النظر عن انخفاض مستويات سكر الدم لديهم أم لا.

 انخفاض مستويات الغلوكوز إلى حدودها الطبيعية لدى الأشخاص الذين لم تتجاوز مدة معاناتهم من المرض الـ 10 سنوات، كما بدا هؤلاء المتطوّعون أصغر عمراً بعد انتهاء مدة التجربة.

 انخفاض محتوى الّدهون في كلٍّ من الكبد والبنكرياس عند الأشخاص الّذين استجابوا لهذه الحمية بغض النظر عن انخفاض مستويات سكر الدم لديهم أم لا، وقد فسّر الباحثون ذلك بأنّ خسارة الوزن من خلال هذه الحمية قد ساهمت في إزالة الدّهون الزّائدة حول البنكرياس مما سمح لخلايا بيتا بالعودة إلى وضعها الطبيعي في إنتاج الإنسولين.

ما هي الخصوصية التي تتمتع بها هذه التجربة؟

إنّ مشاركةَ المتطوعين في هذه التجربةِ كانت بناءً على استجابتِهِم لإعلانٍ عنها، وهذه يدلّ على استعدادِهم ورغبتِهم الشديدة لخسارةِ الوزن، الأمرُ الذي انعكسَ إيجاباً على التزامِهم بحميةٍ شديدةِ الانخفاضِ بالسعرات الحرارية. وهذا يعني أنّ النتائجَ قد لا تكونُ مشابهةً لما سبق ذكرُهُ فيما لو تمّ اختيارُ المتطوعينَ عشوائياً.

لم تتضمنُ التجربةُ مقارنةً بين هذه الحميةِ وغيرها من العلاجاتِ التقليدية لداء السكري، مما يفتحُ المجالَ إلى تكرارِ هذه التجربة وفقَ شروطٍ مختلفة تسمح بمعرفة مدى إمكانية تطبيقِ هذا الأسلوب كمحاولةٍ لعلاج داء السكري أو التحكم به شريطةَ أن يكون اتباع حميةٍ كهذه تحت إشراف أخصائيّ التغذية. ولكن ما سبق لا يُقلّل من أهمية هذه التجربة، فهي تحملُ أملاً بوجودِ أساليبَ علاجيةٍ لم تكن في الحسبان عن طريق التحكم بالغذاء والوزن فقط، وهو أمرٌ يدعو إلى التفاؤل بالفعل!

HbA1c*: مصطلح يشير إلى الهيموغلوبين الغلوكوزي، حيث أنّ بروتين الهيموغلوبين الموجود ضمن خلايا الكريات الحمر في الدّم يتّحد مع الغلوكوز في الدّم ليشكّل الهيموغلوبين الغلوكوزي، وقياسُهُ يعتبر دليلاً على تركيز الغلوكوز خلال الأشهر الثلاثة السابقة من عمر الكريّة الحمراء.

المصادر:

هنا

هنا