سنعيد كتابة العلم بأبجدية عربية

  • الرئيسية
  • الفئات
  • الباحثون السوريون TV
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • About Us
x
جارِ تحميل الفئات

الهيليكونيا يتفرّد باستقبال ملقحات دون أخرى بما يوافق مصالحه

الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عجائب الأحياء


تم حفظ حجم الخط المختار

Image: https://www.flickr.com/photos/oregonstateuniversity/16509571269

يبدو أن النباتات أضحت قادرةً على التعرف على الكائنات الحية التي يمكنها لعب الدور الأفضل في نقل غبار الطلع لزيادة فرص نجاح التلقيح، وصارت تنتقي هذه الكائنات دون سواها بدلاً من انتظار أي عابر سبيل ليساعدها على إنتاج جيل جديد من البذور؛ على الأقل هذا ما خلصت إليه دراسة أجريت على نبات الهيليكونيا Heliconia tortuosa نورد تفاصيلها فيما يلي:
دعونا بدايةً نذكّر بالطريقة التي تنتج بها النباتات البذرية البذور. تعتبر أزهار النبات مسؤولةً عن التكاثر الجنسي، وما ألوانها الجذابة وروائحها العطرة إلا وسيلة لجذبٍ الملقحات من حشرات وغيرها لتساعدها في عملية التلقيح. تحتاج النباتات -كما جميع الكائنات المتكاثرة جنسياً- لالتقاء الأعراس المذكرة مع المؤنثة ليتم الإخصاب الذي ينتج عنه بيضة ملقحة تتطور –في النبات- إلى بذرة. يتم ذلك بانتقال حبوب الطلع من المئبر (المتك) إلى الميسم، ويكون التلقيح ذاتياً إذا انتقلت حبوب طلع مئبر زهرة إلى ميسم الزهرة نفسها وخلطياً إذا انتقلت إلى ميسم زهرة أخرى الأمر الذي يتم بمساهمة الملقّحات أو الرياح.
ربما نعتقد أن النبات العاجز عن الحركة ليس له إلا الصبر وانتظار أي حشرة أو كائن ليقوم بعملية النقل تلك، لكن تبين أن بعض النباتات صعبة الإرضاء من حيث أنواع المُلقّحات، قد تكون قادرةً على زيادة تنوّعها الجيني مما يمنحها ميزة تنافسية على أقرانها، علماً أن ذلك ينطوي على خطر يتمثل باحتمالية قلة عدد الكائنات المُلقّحة المُثلى لسبب ما، لتبقى النباتات عاجزةً عن التكاثر بسهولة، فتتناقص أعدادها؛ بمعنى أن النبات الانتقائي سيربط مصيره بمصير الكائن الذي فضّله ليقوم بتلقيحه.

قامت الدراسة على نبات هيليكونيا، النبات الاستوائي الفريد، الذي يمتاز بأزهاره ذات الألوان المبهرجة (الحمراء والصفراء) والذي تربطه بطائر الطنّان علاقة لطيفة؛ فبينما ترتشف طيور الطنّان رحيق أزهار الهيليكونيا، يستفيد النبات منها في نقل حبوب الطلع بين الأزهار، الأمر الذي يزيد من فرص نجاح تشكيل البذور.
أعلن باحثوا جامعة ولاية أوريغون ومؤسسة سميث سونيان Smithsonian عن أول دليل على قدرة النبات على تمييز الملقحات واختيار الأفضل من بينها، إذ قاموا بمحاولة تلقيح نباتات الهيليكونيا باليد، إلا أن الأمر لم ينجح علماً أنه أسلوب ناجح مستخدم عادةً في الإكثار. تم إجراء التجربة في حيز مُسيَّج يعرف باسم المطير (قفص كبير لحفظ الطيور)، حيث عُرِّضت الهيليكونيا إلى ستة أنواع من الطيور الطنَّانة إضافةً إلى الفراشات. اكتشف الفريق أن نوعين من الأنواع المستخدمة فقط استطاعت تحقيق نجاح وصل إلى أكثر من 80% في إلقاح النباتات، كان النوعان الناجحان طائري طنّان؛ سيفيّ الجناح البنفسجي والناسك الأخضر.
تتميّز الطيور الأكثر قدرة على إنجاح التلقيح بامتلاك منقار طويل مقوس يمكنه الوصول إلى الرحيق، وقد استفاد العلماء من النجاح الحاصل في الإلقاح فقاموا بتعديل الأسلوب اليدوي التقليدي بحيث يحاكي طريقة استخراج تلك الطيور لرحيق الأزهار. من الملفت أن نوعي طائر الطنان الأكثر فعالية في الإلقاح، تشاركا في خاصية أخرى؛ هي الميل إلى السفر مسافاتٍ واسعة في أنحاء الطبيعة بالمقارنة مع الأنواع الأخرى المستخدمة في التجربة. افترض الباحثون أن الأنواع التي تتميز بالقدرة على الطيران لمسافات ذات نطاق واسع قادرة على جمع حبوب اللقاح من نباتات أكثر بعداً، الأمر الذي يفضي إلى تنوع جيني نباتي أكبر؛ يعزز الملاءمة التنافسية بين الأنواع، إذ يمكن لحبوب اللقاح القادمة من النباتات القريبة أن تكون ذات صلة قربى وتتسبب بانخفاض التنوّع الجيني، فزواج الأباعد أفضل غالباً من الأقارب.

ربما تطورت هذه الآلية (تمييز الملقّحات) في النباتات لتتمكن من فرز المُلقحات التي يحتمل أن تحمل حبوب لقاح ذات جودة عالية عن تلك الحاملة لحبوب رديئة من نباتات شقيقة قريبة، وبدلاً من صرف الطاقة في كل مرة على إنتاج ثمار وبذور من جينات قريبة غير مفضلة، لمَ لا يتم صرف هذه الطاقة على إنتاج بذور أفضل ناتجة عن اختلاط جيني أكبر مع نباتات أبعد، فحبوب اللقاح عالية الجودة والآتية من مسافات بعيدة تعتبر ميزةً تكيفية.

عُرفت أمثلة عن التطور المشترك للنباتات والملقحات منذ أيام تشارلز داروين، ولكن الآليات التي تكمن وراء هذه الشبكة المعقدة لازالت غير مفهومة بشكل جيد، وبصرف النظر عن مثال هذه الدراسة فمن الممكن وجود أمثلة أخرى من تمييز المُلقحات في الغابات الاستوائية.
الخلاصة؛ أن النباتات يمكنها أيضاً أن تحمل سلوك صنع قرار أكثر تعقيداً مما نتوقع. وأما عنا كبشر فلا بد من الأخذ بالحسبان أن سلامة وكمال النظم البيئية قد يعتمد على المحافظة على الممرات التي تعزز حركة المُلقحات من أجل بقاء بعض الأنواع على قيد الحياة، خصوصاً أن بعض مناطق الغابات الاستوائية قسمت إلى أجزاء أصغر بسبب التوسع بالزراعة والتنمية مما دمر تلك الممرات.

المصدر:
هنا

مواضيع مرتبطة إضافية

المزيد >


شارك

تفاصيل

17-04-2015
1346
البوست

المساهمون في الإعداد

ترجمة: Samar Zreik
تدقيق علمي وتعديل الصورة ونشر: Deaa Alwanney

تابعونا على تويتر


من أعد المقال؟

Samar Zreik
Deaa Alwanney

مواضيع مرتبطة

ما الذي يجعل الصرصور كائناً خارقاً؟

تلوث الصين، ضريبة النمو الصناعي

أشجار تتمشى متراً كل عام بحثاً عن الضوء

هل الحمام أكثر ذكاء مما نعرف؟

رأسٌ كالمكنسة وأسنانٌ كالسّحّاب... إنَّه Atopodentatus

كهفٌ معزول ينبض بحياةٍ عمرها ملايين السنين

العلم يثبت, كما نعرف جميعاً, أن الطبيعة جيدة لصحتك.

التربة.... لم نحتاجها في الزراعة ولم نريد الاستغناء عنها؟

الأوزون سلاح ذو حدين

العصر الجليدي القادم - متى الموعد؟ ومن يحدده؟

شركاؤنا

روابط مهمة

  • الشركاء التعليميون
  • حقوق الملكية
  • أسئلة مكررة
  • ميثاق الشرف
  • سياسة الكوكيز
  • شركاؤنا
  • دليل الشراكة
جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "الباحثون السوريون" - 2019