دليلك العلمي للتنبؤ بالبطيخ الناضج
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> زراعة
نعلم أن وزن ثمرة البطيخ بمعظمه ماء لكن المواد الصلبة الذائبة (Total dissolved solids/TDS) (التي تبقى فيما لو استبعدنا الماء) تعد أحد أهم المؤشرات الداخلية على النضج، حيث تعتبر الثمرة ناضجة عندما تتجاوز الذائبات نسبة الـ 10%. تشكل السكريات معظم تلك المواد الذائبة لذلك، فزيادتها تعني ثمرةً أكثر حلاوة. وبما أن البطيخ عاجز عن تكوين السكريات بعد انفصاله عن الأم وجب قطافه في وقت قريب من النضج الكامل للحصول على ثمار حلوة.
تستخدم في الواقع العديد من المؤشرات الخارجية لتحديد نضج الثمار من قبيل:
1- مدى اصفرار البقعة الملامسة للأرض من الثمرة؛
2- فقدان اللمعان العائد لتغير شمع الثمرة؛
3- الـ thumping وهو الصوت الخفيف الناتج عن ضرب البطيخة بمفاصل اليد.
لكن المشكلة في هذه المؤشرات أن أياً منها لا ينطبق على جميع الأصناف، فالصغيرة من البطيخ تصدر صوتاً مختلفاً عن الكبيرة عند نضجها كما تفتقد بعض الأصناف للبقعة الصفراء.
يقرأ معظمنا المقال الآن لكونه مستهلكاً ويرغب بمعرفة سر اختيار ثمرة البطيخ المثالية. في الواقع إن المشكلة الأكبر هي تلك التي تواجه المزارع: فإذا ما جنى الثمار ناضجة، فسنضمن كمستهلكين أن تصل إلينا ناضجة أيضاً. لأجل هذه الغاية، يستخدم اليابانيون الأشعة تحت الحمراء infrared لفحص البطيخ، حيث تحدد الأشعة مستوى المواد الصلبة الذائبة والتي تستخدم كمؤشر تجاري لقبول البطيخ. أما في الولايات المتحدة يستخدم المزارعون نظاماً أكثر بدائية لتحديد موعد الحصاد. حيث يختار طاقم الحصاد عدة ثمار يبدو عليها النضج من الحقل ثم يفتحونها لرؤية لونها وتذوق طعمها وبناءً عليه يبدؤون بانتقاء الثمار التي تظهر نفس صفات تلك التي اختيرت وتبين أنها ناضجة. توجد بعض التطبيقات الصوتية Acoustic applications التي اختبرت للاستفادة منها في تحديد النضج لكنها كما الحال مع الأشعة تحت الحمراء، ثبت بأن نجاحها متعلق بشكل كبير بالصنف والنوع (المتطاولة منها والدائرية، وذات البذور منها وعديمتها).
أظهرت دراسات سابقة أن نضج البطيخ كبير الحجم (أثقل من 10 كغ) غالباً ما يرتبط بذبول المحلاق* الأقرب إلى عنق الثمرة، بينما تشير البقعة الصفراء المواجهة للأرض أكثر إلى درجة النضج في أصناف أخرى، فكلما تلونت هذه البقعة أكثر باللون الأصفر دل ذلك على بداية فقدان الثمرة لصباغ الكلوروفيل والذي يترافق مع زيادة الكاروتينات والأصبغة الأنثوسيانية anthocyanins المسؤولة عن إعطاء اللب لونه الأحمر. بالتالي فإن ازدياد اصفرار البقعة يعني لوناً أشد احمراراً في الداخل، على الأغلب.
أما عن وزن الثمرة فإنه يتأثر كثيراً بالكثافة النباتية إضافة ً لتبعيته للصنف. فالكثافة العالية تعني توفير موارد أقل للنبات تدفعه إلى تشكيل ثمار أصغر، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها غير ناضجة. يبقى تحديد نضج الثمار ذات الأصناف الصغيرة (الثمرة 2-4 كغ) أصعب منه في ثمار الأصناف الكبيرة الأكثر انتشاراً في بلادنا العربية.
فيما يتعلق بثمار الأصناف الصغيرة والتي يصعب التنبؤ ينضجها، أجرى الأمريكيون تجربة لتقييم صنفي بطيخ أحمر صغير بعد 20، 30، 40 و50 يوماً من الإزهار الكامل لتحديد درجة النضج خلال هذه الفترات. تم قياس محيط الثمار، وزنها ولون بقعة الأرض ground spot color وعدد المحاليق* الهرمة كمؤشرات خارجية على النضج، بينما قِيس محتوى المواد الصلبة الذائبة والحموضة كمؤشرات داخلية.
استخدمت المعايير الإحصائية لمعرفة مدى العلاقة بين المؤشرات الخارجية وعوامل النضج الداخلية. وقد بينت الدراسة أن المؤشرات الخارجية كانت أكثر ارتباطاً بحموضة الثمار وضعيفة الارتباط بالمواد الذائبة الكلية.
إن وصول حموضة الثمار إلى الدرجة التي تعتبر عندها ناضجة ارتبط بكل من الصفات الخارجية التالية:
1- وجود محلاقين جافين بشكل كامل قرب الثمرة؛
2- وصول محيط الثمرة إلى ما لا يقل عن 53 سم ووزن 3 كجم.
3- تلون بقعة الأرض مقداره 40 على المقياس الدولي International Commission on Illumination.
إن كل ما ذكرناه آنفاً يتعلق بالتنبؤ بجودة الثمار بناءً على الصفات الخارجية على افتراض أن الثمار قطفت حديثاً، بحيث افترضنا أننا نحاول معرفة فيما إذا كانت الثمرة قطفت قبل نضجها أم بعد نضجها. لكن مهلاً ... ماذا لو أنها قطفت ناضجة ثم تم تخزينها؟؟
تناول بحث آخر التغييرات التي تطرأ على البطيخ أثناء تخزينه (حرارة 20 م لمدة 7-14 يوماً) فتبين أن تدهور الثمار العائد لنشاط الميكروبات لم يكن يذكر نظراً لسماكة القشرة، بينما عُزِيت التغييرات إلى النشاط الأنزيمي في خلايا الثمرة والذي يؤدي إلى فقدان في الوزن (نتيجة تنفس خلايا الثمرة وطرحها لبخار الماء) وانخفاض في السكريات وصل إلى 42% بعد 7 أيام مقارنةً مع الطازجة ثم إلى 4% تقريباً بعد أسبوعين آخرين مقارنةً مع المخزنة لأسبوع. لا يخفى علينا أيضاً التغير الحاصل بمتانة اللب والبنية البللورية له بعد التخزين. وهنا يشكل الكشف عن الثمار المخزنة بغية استغلال تغير الأسعار من الطازجة منها تحدياً آخراً أمام المستهلك.
يمكننا أن نجمل النصائح المتبعة لاختيار أمثل لثمار البطيخ بما يلي:
1- ابحث عن الثمرة المتناظرة غير مشوهة الشكل، والخالية من الكدمات والخدوش؛
2- ارفع الثمرة التي وقع اختيارك عليها، يجب أن يكون وزنها ثقيلاً نسبةً إلى ما يوحيه حجمها. فـ 92% من وزن البطيخ ماء مما يوجب أن تكون البطيخة ثقيلة، كما يدل على أنها لم تخزن فالتخزين يفقدها ماءها. البطيخة ذات الجانب المصفر في الصورة مثلاً وزنها 8 كغ؛
3- يفضل أن تحمل الثمرة البقعة الصفراء على أحد جوانبها، حيث يجب أن تكون دسمية اللون، ولا يفضل اختيار بطيخة بقعتها بدرجة مختلفة من اللون الأخضر أو بيضاء أو لا تحمل البقعة أساساً؛
4- اختبار الطرْق (النقر) يعد من أكثر الأمور جدلية لكن يعتقد أن الثمرة الناضجة تعطي بالطرق صوت جهير مجوف hollow bass. الأمر الأهم أن الصوت الضعيف أثناء الطرق سيعني أن لب الثمرة لين وهذا ما لن ترغب بتناوله؛
5- عنق الثمرة الجاف إذا كان لا يزال عالقاً بها يشير إلى أن الثمرة نضجت لكون النبات بدأ فعلاً بمحاولة التخلص منها.
إذا كنت جد مهتما باختبار صوت الطرق الذي يجب أن تسمعه على البطيخة فيمكنك الاستفادة من خبرة هذا المزارع الأمريكي من هنا:
هنا
أخيراً فلا بأس عليك ان تستعمل خبرتك العملية وثقتك بالبائع إضافةً لما قرأته هنا ففي النهاية .... أنت وحظك !
البقعة الصفراء التي تكون على الجانب الملامس للأرض أثناء وجود الثمرة في الحقل
(*) المحلاق: هو عضو نباتي ذو شكل لولبي تستعمله بعض أنواع النباتات المتسلقة للتعلق على دعامة (حائط أو صخرة أو حتى نبتة أخرى أو شجرة). علميًا المحلاق عبارة عن ساق أو ورقة متحورة.
مصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا