كلّ ماتشاهده وتقرؤه يؤثر عليك وعلى اختياراتك، وقد يوحي لك فيلم شاهدته مؤخّراً بتسمية أحد الكائنات إذا طُرح الموضوع للتصويت تيمّناً بشخصيّة تأثّرت بها، هل تتساءل ماذا أقصد؟ دع فضولك يدفعك الى قراءة المقال ..

إذا كنت من متابعي أفلام هاري بوتر أو قرات سلسلة كتبه، فأنت طبعاً تتذكّر تلك الأشباح المخيفة الطائرة، ال"ديمينتور" dementors، حرّاس سجن أزكابان، والذين كادو يقتلون هاري في الجزء الثالث قبل أن يعود بالزمن لينقذ نفسه.
اذ يتجسّد دور هذه الأشباح في امتصاص المشاعر الايجابيّة من جسد الإنسان، وقد يمتصّون روحه ليتركوه جسداً بلا روح (زومبي) كالهيكل الأجوف من الداخل، ليكمل حياته دون أي شخصيّة أو مشاعر.

ولكن يبدو أن المملكة الحيوانيّة سبقت هاري للتعامل مع مثل هذه الكائنات، حيث يوجد دبّور في تايلاند يملك خصائص مشابهة لتلك الأشباح، وقد تمّت تسميته حديثاً تيمّناً بها وفقاً لتصويت الزوار في متحف التاريخ الطبيعيّ في برلين.

هذا الدبور، واحد من أصل 200 نوع وفصيل من الدبابير التي تتكاثر عبر كائن حاضن "ليضع فيه البيوض"، ويتميز هذا النوع بلونه الأحمر والأسود، وكذلك بأنّه يختار الصرصور كحاضن لبيوضه. هذا الدبور ليس الوحيد من نوعه بين الدبابير الذي يقوم باستخدام حشرة أخرى لحضن بيوضه، فهناك أنواع تعتمد على حضن بيوضها في إحدى فصائل العنكبوت وأخرى على يرقات الفراشات.

يُقلّد هذا الدبور النمل في تصرفاته وشكله، لكن عندما تصادف أنثى هذا الدبور صرصوراً ما تقوم بحقن رأسه مباشرة بسمّ عصبيّ، ممّا يؤدّي إلى تغيّرات عصبيّة مع بقاء بقية الأجهزة الحيويّة سليمة، وبذلك يُصبح الصرصور منزوع الإرادة خاضعاً للدبور وعبارة عن هيكل حي فقط.
ثم يتبع الصرصور الدبور الى العش، إذ تقوم الانثى بحقن بيوضها داخله، وبالتالي يقوم الصرصور بحضن البيوض لعدة أيام حتى تفقس، ثم تتغذى اليرقات على حاضنها حتى تكبر وتصبح عندها قادرة على الاعتماد على أنفسها في الحياة.

وقد تمّ طرح اسم الدبور للتصويت أمام العامّة في متحف برلين للتاريخ الطبيعي، حيث قام الزوّار بالتصويت لاختيار اسم لهذا الدبور، وذلك في محاولة من المتحف لجذب انتباه العامّة لمختلف النواع الحيوانيّة، وكانت الاحتمالات تشمل:
- Ampulex.dementor حيث Ampulex فصيلة من فصائل الدبابير، أمّا dementor فهي الشخصيّة الخياليّة التي تظهر في هاري بوتر وتقوم بامتصاص المشاعر والروح من الجسد.
- A. mon تيمّناً بواحدة من أقدم المجموعات العرقيّة في تايلاند، والتي تعيش في موطن الدبور الأصلي.
- A.bicolor مشتقّة من اللاتينيّة، حيث تعني bi ثنائي و color اللون، نسبة للّون الأسود والأحمر الذي يتميز به الدبور.
- A. plagiator تعني المقلّد أو السارق، إذ يقوم الدبور بتقليد سلوك النمل سواء بشكله او طريقة حركته.
حيث تمّ أخيراً اختيار Ampulex dementor بتصويت الأغلبيّة!

لكن ما الهدف من إشراك العامّة في إنتقاء اسم هذا الدبور؟
في الواقع، هذه خطوة جديدة قام بها المتحف من أجل تحفيز الناس على المشاركة في العلم وتقديره، وتوسيع مشاركتهم وتحفيزهم على الاهتمام به من خلال ربط الاكتشافات بمشاعر وتجارب الناس الشخصيّة، اذ يقوم العلماء عادة بتسمية المكتشفات والأنواع الجديدة نسبة لشخص ما ساهم في الاكتشاف، أو اسم العالم، أو شيء يُميّز الاكتشاف الجديد. إلّا أنّ هذا الأسلوب لا يُستخدم دائماً، فهناك جين تمّت تسميته بـ sonic hedgehog تيمّناً بلعبة فيديو، وبروتين تمّت تسميته pikachurin نسبة لشخصيّة بيكاتشو في برنامج الرسوم المتحركة الشهير "بوكيمون".
الأمر الذي لاقى ردود فعل مختلفة، حيث واجه انتقادات عدّة، خاصّة في حال أراد الطبيب أن يخبر المرضى بأنّهم يعانون من مشكلة في إحدى هذه البروتينات أو الجينات، ما قد يعتبره المريض نكتة أو قلّة احترام من طرف الطبيب.

هنا
هنا
هنا