نظرية العقل

مجرد حقيقة أنه يمكن للأشخاص أن يسألوا بعضهم عن تجاربهم الداخلية، و أنه يمكننا أن نتساءل بشكل جماعي عن مفهوم الإحساسات الأساسية qualia هو شيء مثير بحد ذاته! هو شيء يتميز به الإنسان!

يمكن للحيوانات أن تقوم بمعظم الأعمال الذكية التي نقوم بها، يمكنها استخدام الأدوات، حل المعضلات، التواصل فيما بينها، التعاون فيما بينها، الاحساس بالفضول، التخطيط للمستقبل، و لا يمكننا أن نتأكد و لكنّ معظم الحيوانات تتصرف و كأنها تحسّ بالمشاعر، الوحدة، الخوف، الفرح. و حتى أنه تم تعليم القرود استخدام اللغة للتحدث للإنسان، و هي نوع من لغة الإشارة التي تمكنهم من الإجابة على الأسئلة، التعبير عن المشاعر، أو حتى التعبير عن أفكار هامة. و على عكس أي حيوان آخر، تملك القرود القدرة على فهم اللغة و الاستجابة بمستوى طفل بشري يبلغ من العمر سنتين و نصف. و لكن هناك شيء لم يتمكن أي قرد على الإطلاق من فعله، و هو أن يسأل سؤالاً، لم يسبق لقرد متكلم أن سأل سؤالاً!

على طول المدة التي استخدم فيها البشر لغة الإشارة للتواصل مع القرود، لم يسبق لقرد ما أن طرح سؤالاً أبداً عن شيء يمكن أن نعرفه و هو لا يعرفه، بالطبع هذا لا يعني أن القرود أو أي كائنات أخرى لا تملك فضولاً، من الواضح أنها فضولية، و لكنها على الأرجح ينقصها نظرية العقل theory of mind ، و هي القدرة على فهم أن الأشخاص الآخرين يملكون عقل و إدراك مختلف، يملكون معرفة أكبر، معلومات أكثر قد لا تملكها أنت.

حتى نحن كبشر لا نولد مع نظرية العقل، و هناك تجربة مثيرة لمعرفة متى يطور الدماغ البشري نظرية العقل، و تدعى بتجربة سالي و آن، خلال التجربة يروي الباحثون قصة للأطفال عن فتاتين سالي و آن، سالي و آن لديهم سلة و علبة و قطعة من الكعك، تقوم سالي بوضع الكعكة داخل العلبة و تخرج من الغرفة، و في غياب سالي تقوم آن بإخراج الكعكة من العلبة و تضعها في السلة، و عندما تعود سالي للغرفة يسأل الباحثون الأطفال في أي مكان ستبحث سالي عن الكعكة في العلبة أم السلة؟ من الواضح بالنسبة لنا أن سالي ستبحث في العلبة حيث تركت الكعكة لأنها لا تعلم ما فعلت آن بغيابها، و لكن حتى عمر الأربع سنين تقريباً، يصرّ الأطفال أن سالي ستبحث في السلة لأن الكعكة موجودة هناك، رأى الأطفال أن آن قد وضعت الكعكة في السلة فلماذا لا تدرك سالي هذا أيضاً! يفشل الأطفال في إدراك أن معرفة سالي العقلية للموقف مختلفة عن معرفتهم، و أن المعلومات المتوفرة لديها مختلفة عن المعلومات المتوفرة لديهم.

و القرود الذين يتكلمون لغة الإشارة و لكنهم لا يسألون أبداً يقومون بفعل نفس الشيء، فهم يفشلون بإدراك أن شخصاً ما قد يكون لديه معرفة مختلفة عن معرفتهم، و يمكن استخدامه كمصدر للمعلومات.

بالأخير، يمكن ما نقدر نلاقي جواب لكل أسئلتنا، بس الحلو انو فينا نسأل، خليكن فضوليين، خليكن بشر، و خليكن عم تسألوا، و إلا ما نوصل لجواب يوماً ما.

المصدر: هنا