الكيمياء والصيدلة > كيمياء

المبادئ الأساسية في تكنولوجيا الحد من استخدام المذيبات - الجزء الثاني

استمع على ساوندكلاود 🎧

تحدثنا في الجزء السابق عن طرق تخفيض اللزوجة وبالتالي تخفيض مستوى المذيباتِ العضويةِ المتطايرة في الطلاءات . وكذلك العلاقات التفاعليّة بين المذيب و الراتنج الذي يُعتبر المُساهمَ الأبرز في لزوجة الطلاء، واختيارَ نوعِ المذيب الذي يلعب دوراً رئيساً في كيفيةِ استجابةِ اللزوجةِ للمذيب المضافِ وفقاً لمعادلةِ مارك-هوينك Ƞ= K * Mᵃ

وسنتحدّث في هذا الجزء عن عملية الاختزال بالماء بجسيم البوليمير الغُروي أحادي الجزيء عن طريق تخفيض معامل دليل القوة a في معادلة مارك-هوينك إلى الصفر a =0 والتي تعتبر ذروة الحقيقة.

عُرفَ مصطلحُ الاختزال بالماء منذُ حوالي خمسينياتِ القرن الماضي، وهو يُشير إلى إذابةِ الراتنج غيرِ القابلِ للإذابةِ بالماءِ في مذيبٍ عضويٍّ ذي درجةِ غليانٍ عاليةٍ وقابلٍ للانحلال بالماء، ومن ثمّ إضافةُ أساسٍ قلوي لتشكيل ملحِ الراتنج الذي يحتوي على سلسلةِ الراتنج غيرِ المحبّة للماء. وعندَ إضافةِ الماءِ فإنّ السلاسلَ تتقلصُ لتشكّلَ جسيماً كُروياً صلباً يحتوي بشكلٍ رئيسيٍ على سلسلةٍ بوليميريةٍ واحدة، وذلك وفقاً لتركيز البوليمير عندَ إضافةِ الماء.

لقد تمّت صياغةُ مصطلحِ جسيمِ البوليمير الغروي أحادي الجزيء (CUP) من قِبَل مجموعةِ أبحاثِ معهد ميسوري الأمريكي للطلاءات، والذي يعتمد على تشتُّتِ جُسيمِ البوليمير الغُروي أحادي الجزيء بالماء بدونِ مذيب. إنّ عمليةَ تشكيلِ جسيمات CUP الغرويّة تُشبهُ إلى حدٍّ كبيرٍ عمليةَ الاختزال بالماء، و لكنّ الاختلافاتِ الرئيسةَ تكمنُ في استخدامِ مذيبٍ عضويٍ ذي درجة غليانٍ منخفضةٍ أقلَّ من درجةِ غليانِ الماء، وأنّه بعدَ الاختزال يتمُّ سحبُ المذيب للحصول على راتنجٍ خالٍ تماماً من المذيبات العضوية الطيّارةِ ومُعلَّقٍ بالماء وفقاً للشكل التالي :

(في الشكل رقم 1: I: محلول الراتنج ذو الجذور الشّاردية في مذيب تتراهيدروفوران. II: تعديل بمحلول قلوي من ماءات الأمونيوم و انحلال جزئي 10% في الماء مع نسبة 90% للمذيب. III: تمديد بالماء ليصبح الراتنج مذاب بمحلول مائي/مذيب. IV: اختزال بالماء و إعادة تشكيل. V: سحب المذيب والحصول على معلق الراتنج بالماء بشكل جسيم كروي صلب.)

تُشير هذه العملية إلى ذروةِ الحقيقة التي تمّ الحديث عنها بالاختزال عن طريق تخفيض معامل دليل القوة a في معادلة مارك-هوينك إلى الصفر a =0 .

إنّ قياسَ وحسابَ أقطارِ جسيماتِ CUP الغرويّة ودرجةِ توزّعها عن طريقِ كروماتوغرافيا الطبقة الهلامية النّفُوذة يُظهِر بشكلٍ متطابقٍ وعمليٍّ حقيقةَ الجسيمِ الغروي أحاديّ الجزيء، حيث تُكَوّنُ هذه الجسيمات معلقاتٍ ثابتةٍ ترموديناميكياً خلافاً لمادة اللاتكس التي تترسبُ مع مرور الزمن.

لقد أظهرتْ إحدى الدراساتِ تأثيرَ تغيير الوزنِ الجزيئيِّ على تركيبِ وثباتِ الجسيمِ الغروي أحادي الجزيء، حيث أنّ حجمَ هذا الجسيم يتبعُ الوزنَ الجزيئيَّ باستثناءِ الحالاتِ التي يكون عندها الوزنُ الجزيئيُّ منخفضاً. أما بالنسبة للراتنجات التقليدية المختزَلة بالماء، فإنّ نسبةَ المذيباتِ العضويةِ المتطايرةِ تزدادُ بازديادِ الوزنِ الجزيئيِّ مما يؤدي إلى استحالةِ استخدامِ راتنجاتٍ بأوزانٍ جزيئيةٍ عالية، وفقاً لضوابط عدم استخدام مذيباتٍ عضويةٍ متطايرةٍ بتراكيزَ عاليةٍ في أيامنا هذه.

تعتمد لزوجة أنظمة جسيمات CUP الغروية على تراكيز وكمية الشحنة لهذه الجسيمات. كلما ازداد تركيز جسيمات CUP فإن المسافةَ بين هذه الجسيمات تنقصُ مما يؤدي إلى تنافرِ الشحنات المتموضعةِ على هذه الجسيمات بعضها مع بعض، مما يؤدي إلى زيادة اللزوجة. لذلك، يجب الحفاظ على هذه الشحنات عند أدنى مستوىً يحتاجه الجسيم للثبات في المحلول، والهدفُ من ذلك هو الوصولُ إلى أدنى قيمة للزوجة.

وكما هو موضح في الشكل الرقم 2 فإن الجسيماتِ التي يغطّي سطحَها الماءُ والحاوية على شحناتٍ يمكنها عشوائياً أن تلتفّ وتغلق مُشكّلةً دوائر. في النهاية يجب على الراتنج الانصياع لمبدأ كابر كونجكتر و الذي يحدّد حجمَ الموادِ الصلبةِ قبل تحوّلها إلى مادةٍ دبقة.

(الشكل رقم 2: يوجد على اليسار جسيمات غروية CUP تحتوي على الماء بداخلها. ووفقاً لكلبر- كونجكشر تتموضع الجسيمات الغروية في الجهة اليمنى حيث يلاحظ انخفاض الماء بداخلها.

إن سماكة طبقة الماء المرتبطة ƕ كما هو موضح بالشكل 2 تساوي تقريباً 0.56 nm. هذه الطبقة هي على الأغلب نفسها في الراتنجات الثلاثة المصورة في الشكل 3 والتي تمثل 100nm لاتكس و 25nm مشتت اليوريثان والجسيم الغروي CUP.)

(الشكل رقم3: حيث يصور Pعلاقة اللزوجة النسبية بالكسر الحجمي)

يمكننا الوصول إلى تخفيض المذيبات بطرقٍ مختلفةٍ وهو مجالٌ نشطٌ للأبحاث، وبهذه الطريقة الفريدة قام فريق البحث بتطوير عمليةِ اختزال الماء إلى تشكيلِ الجسيمات الغروية أحادية الجزيء غير المألوفة سابقاً، والتي تُوصِلُنا لمكوناتٍ خاليةٍ تماماً من المذيبات العضوية الطيارة، وبهذا يكون فريق البحث قد مهّد الطريقَ لأبحاثٍ تطويريةٍ مستقبلية.

المصدر:

هنا