الفنون البصرية > فن وتراث

الفلفل... الذهب الأسود

هالإيام منسمع كلمة "الدهب الأسود" للإشارة عن النفط والبترول... بيوم من الإيام كان البهار هو الدهب الأسود... وبيقولوا إنو بالـ 1400 كان سعرو متل سعر الدهب! خلونا نتابع سوى رحلة الفلفل من الهند حول العالم

الفلفل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفلفل الأسود، Piper nigrum ، هو نبتة مثمرة من عائلة الـ Piperaceae، تزرع للحصول على ثمارها التي غالباً ما يتم تجفيفها واستخدامها كتوابل. وتشكل الهند الموطن الأصلي للفلفل الذي جرى استخدامه في الطبخ الهندي من قبل القرن العشرين قبل الميلاد، وقد راجت تجارة الفلفل في السابق بشكل كبير وغالباً ما كان يشار إليه بالذهب الأسود، إلى درجة أن جرى استخدامه في التبادل المالي. وبانتهاء العصور الوسطى، انتشر الفلفل في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا من إقليم مالبار في الهند.

إن أقدم أثر للهند خارج الهند كان العثور على حبوب الفلفل الأسود محشوة في أنف رمسيس الثاني، كجزء من طقوس التحنيط بعد فترة من وفاته عام 1213 قبل الميلاد. وعلى الرغم من ذلك، لا يعرف الكثير عن استخدام الفلفل في مصر القديمة وكيف وصلت إليها من الهند.

وغالباً ما يُربط التاريخ القديم للفلفل الأسود مع تاريخ الفلفل الطويل وهو الفاكهة المجففة وثيقة الصلة بها Piper longum. وقد عرف الرومان كلاً من النوعين وغالباً ما أشير إليهما على حد سواء بالفلفل. ولم يتغير ذلك إلا بعد اكتشاف العالم الجديد وفلفل تشيلي حيث تراجع الفلفل الطويل بشكل كبير.

كان كلاهما معروفاً في اليونان في وقت مبكر، على الأقل منذ القرن الرابع قبل الميلاد على الرغم من كونها غير شائعة وغالية حيث لا يتمكن إلا الأغنياء من الحصول عليها. حيث كانت طرق التجارة مقتصرة على الطرق البرية أو البحرية عبر بحر العرب. وكان الحصول على الفلفل الطويل من الشمال الغربي للهند أسهل بكثير من الفلفل الأسود من الجنوب، وهذه الميزة التجارية إضافة إلى الخصائص الأفضل للبهار الطويل لربما جعلت الفلفل الأسود أقل رواجاً في تلك الأثناء.

وبحلول العصر المبكر للإمبراطورية الرومانية، وخاصة بعد غزو روما لمصر عام 30 قبل الميلاد، أصبحت الطرق التجارية البحرية مباشرة عبر البحر العربي إلى جنوب الهند أمراً روتينياً. وقد تم تدوين الكثير من التفاصيل حول هذه التجارة عبر المحيط الهندي في كتاب الطواف في البحر الإرتيري. ووفقاً للجغرافي الروماني سترابو، فإن الإمبراطورية الأولى أرسلت أسطولاً من حوالي 120 سفينة في رحلة مدتها سنة واحدة ذهاباً وإياباً إلى الهند. وقد وَقَّتَت الرحلة موعدها عبر البحر العربي للاستفادة من الرياح الموسمية المتوقعة. وبالعودة من الهند مرت السفن في البحر الأحمر حيث وضعت بضائعها لتنقل فيما بعد براً أو عبر نهر النيل إلى الاسكندرية وتشحن بعد ذلك إلى روما. وقد هيمنت هذه الخطوط التجارية للفلفل إلى أوروبا لألف ونصف ألف عام أخرى.

ومع هذه السفن، كانت الطريق التي يقطها الفلفل الأسود أقصر من طرق النوع الطويل، وهذا الأمر الذي عكسته الأسعار أيضاً. ويروي لنا التاريخ الطبيعي لبليني الأكبر عن الأسعار في روما في العام 77 ميلادية: "الفلفل الطويل بخمسة عشر ديناراً للرطل الواحد، بينما رطل الفلفل الأبيض بسبعة والأسود بأربعة". ويشكو بليني أيضاً: "لا يمر عام دون أن تستنزف الهند من الإمبراطورية الرومانية خميسن مليون سسترس". كما يحلل أخلاقية استعمال الفلفل أيضا: "فمن المستغرب كيف أصبح استخدام الفلفل موضة، مقارنة مع المواد الأخرى التي نستخدمها غالباً بسبب حلاوتها أو شكلها الذي يجذبنا، بينما لا يملك الفلفل أي شيء يمكن أن يشدنا إليه كما للفاكهة أو التوت. قد يكون مرغوباً لطعمه اللاذع بشكل ما ليس إلا... أولهذا نستورد كل هذا القدر من الهند! من كان أول من جعله مادة من المواد الغذائية؟ وأتعجب من كان الرجل الذي عمد لتجويع نفسه فقط من أجل وجبة جشعة!".

وعلى الرغم من كونه مكلفاً، فإن الفلفل الأسود كان منتشراً على نطاق واسع في الإمبراطورية الرومانية. وقد ضم أبيسيوس دي ري كوكويناريا Apicius' De re coquinaria وهو كتاب طبخ من القرن الثالث، مستند بشكل ما على كتاب آخر من القرن الأول الميلادي، ضم الفلفل في معظم وصفاته.

وقد كانت للفلفل قيمة كبيرة حتى جرى استخدامه في المعاملات الورقية كضمان أو عملة. وقد ترك الفلفل أثره حتى على أولئك الذين أرادوا سقوط روما. حيث يقال أن كلاً من الألاريك والأقوام الغوطية الغربية وأتيلا الهوني طالبوا روما بفدية قدرها أكثر من طن من الفلفل عندما حاصروها في القرن الخامس الميلادي. وبعد سقوط روما، استولى آخرون على تجارة التوابل، فكان أولهم الفرس وتبعهم فيما بعد العرب، وبحلول نهاية العصور المظلمة، كانت الأجزاء المركزية لتجارة التوابل تحت السيطرة الإسلامية بشكل حازم. وأما في البحر الأبيض فقد كانت تجارتها محتكرة من قبل القوى الإيطالية وخاصة البندقية وجنوة، وكانت نهضة هذه المدن ممولة بشكل كبير من تجارة التوابل.

 

المصدر:

هنا

 

مصدر الصورة:

هنا