الهندسة والآليات > الهندسة البحرية

آلية إيقاف السفينة،لماذا لا يمكن أن يكون للسفينة مكابح؟

على اعتبار أنّ السفينة وسيلة نقل كغيرها مثل السيّارات والطائرات يتبادر إلى الذهن سؤال عن امكانية إيقافها باستخدام المكابح.

إن الإجابة ستكون وبدون أي تردد «لا».

سيتناول هذا البحث وبشيءٍ من التّفصيل آليّة إيقاف السفينة بشكلٍ عامٍ، وعند تعرّضها لحادثٍ مفاجئ يستلزم التوقّف الاضطراري.

لنفهم طريقة إيقاف السفينة نحتاج أولًا لمعرفة آليّة عمل المكابح.

إنّ مبدأ عمل المكابح والّذي تمّت دراسته في علم الفيزياء يعتمد على توليد قوّة احتكاك بين عجلة الجسم المتحرّك والوسط الذي تسير فيه لإيقاف حركة دورانها.

يُظهر الفيلم التوضيحي المرافق آليّة إيقاف السيّارة:

بمقارنة آلية إيقاف السيّارة بالسفينة يتّضح عدم وجود عجلات للسّفينة، إذ أنّ السفينة تُبحر ذاتيًا في الماء باستخدام الرّفاص (propeller) المتوضع عند مؤخّرتها (stern) ، وعند دورانه تتولد قوة دفع تدفع السفينة في الاتجاه الأمامي.

يظهر الشكلان (١) و (٢) توضع الرفاصات في مؤخرة السفينة

من الجدير بالملاحظة أنّ بدن السفينة (hull) يتحرّك في وسطٍ سائلٍ، وبالتالي من غير الممكن جعل السفينة تقف بشكلٍ فوريٍّ وذلك نظرًا لوجود قوى القصّ الناتجة عن تماس السفينة مع الماء.

وذلك يعني بأنّ إيقاف السفينة لا يتم باستخدام نظام الكبح التقليدي (المستخدم في السيّارات) بل باستخدام عدّة طرقٍ، تطبق أحيانًا بشكلٍ فرديٍّ وقد تدمج مع بعضها البعض، للإيقاف والحفاظ على وضعية الثبات (الموقع الجغرافي).

عندما تتحرّك السفينة في الماء تتولّد قوّة احتكاك (قوة السحب اللّزج) بين الجزء المغمور من بدن السفينة وجزئيات الماء. وهذه القوّة تنشأ نتيجةً للزوجة الماء وتتناسب طرديّاً مع مساحة السطح المغمور من السفينة، كما تتغيّر مع تغيّر مربع سرعة السفينة.

يمكن التعبير رياضيًا عن علاقة قوة السّحب مع المتغيرات كما يلي: (موضحة في الصورة)

قوة السحب

حيث أن:

p = كثافة الماء

S = مساحة الجزء المغمور

V = سرعة السفينة

العمل الأساسي المطلوب لإيقاف أي جسم متحرّك هو زيادة قوّة السحب الناتجة عن حركة الجسم. في حالة السفينة، واعتمادًا على العلاقة الرياضية السابقة، فإن قوة السحب ستزداد وبالتّالي ستتوقّف السفينة عند زيادة العاملين المؤثرين عليها كالتّالي:

<1> مساحة السطح المغمور للسفينة.

<2> سرعة السفينة

سيتم فيما يلي مناقشة تأثير كلّ عاملٍ على إيقاف السفينة.

- زيادة مساحة السطح المغمور:

بالرغم من أنّ هذا التغيير سيزيد المقاومة، إلا أنّه لن يُسهم في الإيقاف التّام للسّفينة، ويمكن استخدامه في بعض الحالات فقط لتخفيض سرعة السفينة إلى المستوى المطلوب. على سبيل المثال، في السفن السياحيّة يتم تصميم ما يسمى بزعانف الاستقرار (stabilizer fins) بغية زيادة مساحة السطح المغمور والّتي تؤدّي بدورها إلى خفض السرعة مع تحقيق ثبات واستقرار السفينة.

- زيادة سرعة السفينة:

إنّ زيادة سرعة السفينة من النّاحية النظريّة سيزيد المقاومة، وكلّما زادت السرعة إلى ما لا نهاية فإنّ المقاومة ستصل إلى قيمة غير محددة، وبالتّالي ستحقّق السفينة وضعية التوقف. لا يمكن عمليًا إنجاز هذا الحل، ولا بد من البحث عن حلٍّ ممكن التطبيق.

ما يمكن تطبيقه فعليًا لإيقاف السفينة هو تقليل قيمة قوة الدفع أو تغيير اتجاهها، وفي بعض الأحيان يمكن تطبيق الحلين معًا.

إذا تناقصت قوة الدفع على السفينة -والّذي يمكن تحقيقه بتخفيض عدد دورات الرفّاص بالدقيقة RPM-فإنّ مقاومة السفينة ستزيد من قوّة الدفع ليتم بعدها إبطاء حركة السفينة. يمكن إنجاز هذا التأثير بشكلٍ سريعٍ بتغيير اتجاه قوة الدفع وذلك بتغيير اتجاه دوران الرفاص (في حالة الرفّاصات ذات الخطوة الثابتة Fixed-pitch propellers) أو عن طريق تغيير زاوية ريش الرفّاص (في حالة الرفّاص ذو التحكّم في الخطوة أو ما يسمى بالرفّاص ذو الريش المتحركة controllable-pitch propellers).

لذا عندما تبحر السفينة سينتج انعكاس في اتجاه الدفع سيؤدّي بدوره إلى الوصول لحالة الكبح أو التوقف.

إن أهم معايير الكبح الواجب مراعاتها عند تصميم السفينة تقاس خلال اختبار يعرّض السفينة لصدمات مفتعلة ليتم مراقبة آليّة التوقّف المفاجئ (crash stop test). يجرى هذا الاختبار لجميع أنواع السفن خلال التجارب البحريّة (sea trial).

سيتم فيما يلي شرح كيفية إجراء اختبار التوقف للسفينة لكونه موضوع هام بالنسبة للمهندس البحري.

اختبار التوقّف المفاجئ

إن الغرض الأساسي من هذا الاختبار هو تقدير العوامل المؤثرة على إيقاف السفينة وتسجيلها ضمن قاعدة بيانات السفينة لجعلها متاحة لجميع أفراد طاقمها، من خلال قياس المسافة التي تقطعها قبل التوقّف التام عند تعرضها لصدمة مفاجئةٍ.

يجرى الاختبار عند سرعة التصميم وعندما تكون السفينة مبحرة بخطٍّ مستقيمٍ بتسارعٍ قيمته مهملة حتّى تصل السفينة إلى حركة ثابتة في المسار المطلوب.

يتم تتبع مسار السفينة باستخدام نظام تحديد المواقع (GPS) المثبت على السفينة.

بمجرد وصول المحرك إلى المعدل المطلوب من عدد الدورات RPM يتم عكس اتّجاه ذراع القيادة (Steering arm) إلى السرعة القصوى بالاتجاه الخلفي (full a stern). تسمى المسافة التي تقطعها السفينة بين وضعية الاتجاه للأمام (full a head) و وضعية الاتجاه للخلف (full a stern) بطول المسار (track length).

يعتبر طول المسار هام جدًا، لأنه يساعد القبطان على تقدير المسافة والوقت المطلوبين لتحقيق التوقف التام للسفينة في حالة الطوارئ.

يوضح الشكل (٣) مسار نقطة منتصف السفينة (midpoint) خلال تجربة التوقف المفاجئ.

أخيرًا، يمكن تلخيص موضوع البحث بأن السفينة تتأخّر بالاستجابة لما يحدث عند أي تغير في حركتها، ولا تتوقّف باستخدام المكابح التقليديّة نظرًا لاختلاف الوسط الّذي تتحرك به.

بعد أن تمّ توضيح آلية توقيف السفينة، يكون من المفيد توضيح كيف تحافظ السفينة على اتّزانها في الماء.

عندما تبحر السفينة في بحر هائجٍ فإنها تستخدم نظام المواقع الديناميكية، وهو نظام شبكي من أجهزة الاستشعار (sensors) والدوافع والرفاصات لمساعدة السفينة في الوقوف بوضعيّة ثابتةٍ اعتمادًا على توزّع القوى الناتجة عن الماء.

عندما تكون السفينة في الميناء فإنّ المحافظة على وضعية الثبات تتم بواسطة حبال الربط (mooring lines) التي تربط السفينة بالمخطاف (anchor).

كما يمكن لبعض أنواع السفن وفي حالاتٍ خاصةٍ استخدام المخطاف كوسيلة كبح تساعد على تخفيض السرعة تدريجيّاً بصورة تختلف عن تخفيض السرعة في حالة التوقف المفاجئ عند التعرض لحادث.

ملاحظات:

1-تمت ترجمة البحث بطريقة علميّة عمليّة (أي باستخدام مصطلحات صحيحة لغويّاً ومعروفة من الناحية العمليّة لطاقم أيّ سفينة في معظم الدول العربية).

2-تمّت كتابة المصطلح العلمي باللغة الانكليزيّة لضرورة معرفتها إذ أنّ السفينة ستبحر حول العالم.

المصدر :

هنا