الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

إعادة تدوير المدخرات ( البطاريات)

استمع على ساوندكلاود 🎧

يمكن لإعادة التدوير أن تخفّف الأثرَ البيئيّ للمدخرات عن طريق الحدِّ من الطاقة اللازمة لإنتاج هذه المدخرات، كما يمكنها الحدُّ من الضرر البيئيّ الناتج عن التخلُّص من المواد الخطرة للمدخرات وعن استخراج موادّ جديدةٍ لتصنيعها. إضافةً إلى الحافز الاقتصاديّ، نظراً لقيمة المواد المُسترجَعة والتي يمكن بيعها.

لا توجد قوانين تطالب بإعادة تدوير المدخرات في أغلب الدول، لذلك تجد أنّ معظم أنواع المدخرات لا تتم إعادة تدويرها، ومع ذلك هنالك بعض الولايات الأمريكية لديها سياساتٌ تشجّع على جمع وإعادة تدوير أنواع مدخرات معيّنة، ولكنها لا تجعل إعادة تدوير المدخرات مطلباً إلزاميّاً.

مدخرات الرصاص تأخذ زمام المبادرة:

تتصدّر مدخرات الرصاص الحمضيّة المتواجدة في السيّارات التي تعمل بوقود البنزين قائمةَ المدخرات الّتي يُعاد تدويرها، بمعدّل إعادة تدوير يُقدّر بحوالي 98% في معظم الدول المتقدّمة، والسبب في ذلك هو أنّ الرصاص مادّةٌ سامّة والتخلُّصُ منها يُضبَطُ بصعوبة.

لإعادة تدوير مدخرات الرصاص الحمضيّة جدوى اقتصاديّة، لأن تكلفتها أقل من تكلفة استخراج رصاصٍ جديد وبما أنّ هذا المعدن الثقيل يشكّل 65% من كتلة المدخرة فيَسهُل استردادُه. هذه العمليّة توفّر الكلفةَ على المصنّعين وبنفس الوقت مربحةٌ لتجّار الخردة.

مدخرات شوارد الليثيوم مازالت متأخرة:

تعتبر إعادة تدوير مدخرات شوارد الليثيوم المستعمَلة في الهواتف النقّالة والإلكترونيّات المحمولة والسيّارات الكهربائيّة أقلُّ شيوعاً بكثير من سابقتها. ، تمت إعادة تدوير 5٪ فقط من مدخرات شوارد الليثيوم التي بيعت في عام 2010 في الاتحاد الأوروبي. والسبب في ذلك هو أنّ إعادة تدويرها معقّدة جداً على عكس مدخرات الرصاص الّتي تحتوي موادّ قليلة وتصاميم متشابهة، أمّا مدخرات الليثيوم فتحتوي كيماويّاتٍ عديدة وتأتي بأشكالٍ مختلفة.

الكثير من عمليّات إعادة تدوير مدخرات الليثيوم حتى الآن تتمّ بدافع استخراج الكوبالت من القطب السالب ومعها، إلى حدٍّ أقلّ، النيكل والنحاس. قيمة هذه العناصر تجعل إعادةَ تدويرها جذّابةً اقتصادياً. وخصوصاً لأنّ الكوبالت من المواد الباهظة والتي يصعب الحصول عليها.

طرق إعادة التدوير المستخدمة حاليّاً:

طُرُق إعادة التدوير المستخدَمة تجاريّاً اليوم تعتمد على تكرير المعادن، أوّلها وأكثرها انتشاراً طريقة بايرو-ميتالورجي pyrometallurgy ، وفيها توضع المدخرات في مِصهَر وتُذاب لاسترداد المعادن. في مدخرات شوارد الليثيوم القديمة، يشكّل الكوبالت 18% من المدخرة، لكنّ باقي المعادن من بينها الليثيوم والألمنيوم تنتهي مع نفاياتِ صهرِ المعادن لتُدفَنَ أو يتمَّ خلطُها مع البيتون. تستخدِم بعضُ شركات إعادة التدوير طريقةpyrometallurgy لاسترداد الكوبالت، النيكل، النحاس وغيرها من المعادن من مدخرات شوارد الليثيوم ، ومن مدخرات النيكل هيدريد.

وهناك طريقةٌ ثانية، تُدعى hydrometallurgy في هذه العمليّة تُقطَّع الخلايا في الماء وتُفصل إلى منتجاتٍ مختلفة على أساس أيٍّ منها يطفو، يغرق أو يبقى معلّقاً في المحلول. تُضاف بعدها موادّ كيميائيّة إلى المياه حيث تتفاعل مع مكوّنات القطب السالب لتشكّل مركّباتٍ جديدةً يكون فصلها أسهل.

الاسترداد المباشر:

إنّ كِلا الطريقتَين السابقتَين لهما حدود، فبجانب الطاقة العالية المستهلَكة والانبعاثات الكبيرة، العديد من المواد، من ضمنها الليثيوم والألمنيوم تنتهي كفضلات وهو ما يعني أننا بحاجةٍ لاستخراج مواد أكثر لصنع مدخرات جديدة.

لذلك قام Steve Sloopرئيس شركة OnTo Technology المعنيّة بالأبحاث والتطوير والّتي تعمل على إعادة تدوير المدخرات، بتطويرِ طريقةٍ تُسمّى الاسترداد المباشر، فبدلاً من استرجاع العناصر الأساسية أو التفكيك الجزئي للبنية الجزيئية كما في الطريقتين السابقتين، تتضمّن هذه الطريقة وضعَ القطب السالب في محلول كيميائي ضعيفٍ لتجديدِه، التفاعلات الحاصلة لا تغيّر من بنية عناصر القطب السالب، لكنّ تركيبها الكيميائي يتغيّر وبهذه الحالة مواد المهبط كالليثيوم التي يكون استرجاعها باستخدام طريقتَي pyrometallurgy و hydrometallurgyليس مُجدياً، يمكن إعادة استعمالها في المدخرات. إنّها عمليّةٌ تحتاج لحرارة منخفضة، طاقة منخفضة، وتصدر انبعاثاتٍ قليلة مع كميّة نفاياتٍ محدودةٍ جداً. ومعظم التوفير في الكلفة يأتي من عدم الحاجة لصنع قطبٍ سالبٍ (مهبط) جديد. وهي عمليّةٌ بنظام دورةٍ مغلقة ويمكن عبرها إعادة استخدام جميع أجزاء الخليّة من الألمنيوم، البلاستك، الكربون، والمعادن. ولا يوجد حتى الآن طريقةٌ أخرى بإمكانها إنتاج مواد قيِّمة من الأقطاب السالبة الّتي لا تحوي عناصر قيِّمة بداخلها، بهذه الطريقة تكمن القيمة بالإبقاء على المواد في حالة التأهّب للاستعمال في المدخرة. وعلى الرغم من عدم استخدام الاسترداد المباشر بعد تجارياً، إلّا أنّ الاختبارات الحاليّة واعدة.

التخطيط للمستقبل:

المدخرات في يومنا صعبة التفكيك وتحتاج إلى عمالةٍ كثيفة، وذلك بسبب عدم توجُّه التفكير إلى نهاية فترة استخدامها، إنّ عدم التبصُّرِ أمرٌ مؤسفٌ، لأنّ عدم التفكير في إعادة التدوير في وقتٍ مبكرٍ، قد يؤدّي إلى تطوير بعض المدخرات الكيميائيّة التي ستكون إعادةُ تدويرها مستعصية تماماً. ومع ذلك، هنالك أملٌ حول مستقبل إعادة تدوير المدخرات، لا سيّما بسبب الاسترداد المباشر الّذي يبشِّر بجعل العمليّة أكثر اقتصاديّةً، حتى اذا فشلت الحكومات بالسيطرة على العمليّة من خلال العقوبات السياسيّة، فإنّ المكافآت الاقتصاديّة كفيلةٌ بتحقيق مستقبل طاقةٍ أكثر اخضراراً.

المصدر الرئيسي:

هنا