العمارة والتشييد > التشييد

آلة حفر الأنفاق العملاقة TBM

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل تساءلتم يوماً كيف يتم حفر الأنفاق العملاقة بهذا الحجم والدقة المتناهية ! إذاَ دعونا نتعرف في هذا المقال على آلة حفر الأنفاق الشهيرة Tunnel Boring Machine TBM من أضخم وأعقد آلات العالم!

آلة اشتهرت بقدرتها الخارقة وعملها الدؤوب، بضخامتها وآلية عملها المعقدة مهدت الطرق تحت الأرض وأنجزت أهم مراحل مترو الأنفاق، إنها آلة حفر الأنفاق Tunnel Boring Machine TBM المهيبة بحجمها و دقة عملها.

تتلخص وظائف هذه الآلة بنقاط بسيطة وهي : حفر التربة، إزالة المواد التربة التي حفرت، الحفاظ على مسار ومستوى ميلان الحفر، تدعيم النفق المحفور حتى يتم تأمين تدعيم دائم له، التعامل بطرق خاصة مع انهيارات التربة.

هذه المهام تضاف إليها الشروط المؤهلة والمرافقة لإنجازها مثل: السلامة، والفعالية، والسرعة، والاقتصادية في الأداء، والاستمرارية في العمل لعدة أشهر، والقدرة على العمل في جميع ظروف التربة وعلى اختلاف أنواعها.

تطورت آلية عمل وتصميم آلات حفر الأنفاق عبر السنين. ففي بداية القرن التاسع عشر تم بناء العديد من آلات حفر الأنفاق بشكل كبير في كل من الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا العظمى، حيث أنه قبل ذلك الوقت كانت تستخدم طرق بسيطة لحفر الأنفاق كالحفر اليدوي والتفجير. واستخدمت أول آلة لحفر الأنفاق ضمن التربة الطرية حيث أنها قد طورت من قبل J.H Greathead و Marc I.Brunel في بريطانيا. وكانت تعمل على تفتيت الصخور والتربة إلى أجزاء صغيرة يمكن حفرها باليد فيما بعد، وفي عام ١٨١٨م تم الحصول على براءة اختراع لآلة حفر أنفاق Brunel Shield. بدأ حفر أول نفق تحت الماء في بريطانيا تحت نهر التايمز Thames River في عام ١٨٢٧م باستخدام أحد التصاميم التي حصلت على براءة اختراع في عام ١٨١٨م و لكن مع بعض التطوير.

بعد أن ظهر عصر السكك الحديدية أصبح هنالك حاجة متزايدة لحفر الأنفاق، وفي العام ١٨٦٩م حُفر نفقين في كل من نيويورك و لندن. وفي عام ١٨٨٢م ظهرت أول آلة تمتلك في مقدمتها وجه دوار يدور بالكامل تستطيع حفر الصخور الطرية. حيث أنها كانت الآلة الأولى والوحيدة التي نجحت في حفر الصخور والتصميم الأولي الذي بنيت على أساسه آلات حفر الأنفاق الحالية، استطاعت الحفر في الصخور الجيرية البيضاء والصخور الرسوبية التي تحتوي على الطين والجير Clay And Marl المتواجدة في مضيق دوڤر Straits Of Dover، وبعد ذلك استطاعت الحفر في الحجر الرملي الطري Soft Sandstone المتواجد في نهر ميرسي Mersey River.

وبسبب الطلب المتزايد على أنفاق خطوط السكك الحديدية في لندن تطورت هذه الآلة بشكل سريع، حيث أنه في عام ١٨٩٣م قام J.J. Robins بتسجيل براءة اختراع لآلة تمتلك رأساً دواراً مجهزة بقاطعات انسحابية Drag Picks ودعامات هيدروليكية Hydraulic Jacks ونظام إزالة الحفريات Mucking System.

وفي العام ١٩٥٢م بدأ العصر الجديد للأنفاق التي تخترق الصخور عندما قام James S.Robbins وبعده Chicago بتصميم آلة عملت بنجاح في مشروع سد Oahe Dam في ولاية ساوث داكوتا South Dakota. حيث أنها حفرت نفق بقطر ٨م تقريباً واستطاعت اختراق طبقات صخرية رسوبية وطينية. فقد كان الرأس القاطع لهذه الآلة يملك قدرة تبلغ ٤٠٠ حصان.

اليوم أصبحت TBM عبارة عن نظام معقد يربط بين أجزاء عديدة، فهي تحتوي على معدات قطع و دفع Shoving و توجيه و إمساك Gripping و سيطرة و تدعيم إضافةً إلى أنظمة حفر استكشافي و تبطين داخلي للنفق Lining Erection وإزالة أنقاض وتهوية وتزويد بالطاقة، ويجب أن تكون مرافقة لهذه الآلة عناصر أخرى مثل : عربات عمل ومزودات الطاقة وأن تكون هنالك أنابيب تهوية موصولة خلف آلة حفر الأنفاق. لذلك فإن كلمة السر لعمل الآلة هو الترابط، حيث أنه يجب على جميع المعدات والأنظمة أن تكون قادرة على العمل بما يتوافق مع تقدم الرأس القاطع للآلة وأي نقص في معدة أو خلل في نظام قد يعيق تقدم الرأس القاطع وبالتالي التأثير على الجدول الزمني و التكلفة للمشروع.

إن تشغيل آلة حفر الأنفاق يعتمد على الوظيفة المناط بها أداؤها، فقد يكون الحفر هو العملية الأساسية لها ولكن في الحقيقة هي عملية مركبة لا سيما اذا كان هناك حاجة للتبطين الداخلي للنفق والذي يتم خلف آلة الحفر نفسها التي تستمر في التقدم. حيث يبقى الحفر مستمر حتى تصل وصلات مكابس الضغط إلى نهايتها، عندها تتوقف عملية الحفر حتى يتم تأمين دعم إضافي خلفي للآلة إما بماسكات أو دعامات مُثبِته ، حيث أن الماسكات تتقدم للأمام في حين تُسحب مكابس الضغط، عند هذه النقطة تتم عملية تبطين داخلي مؤقته أو دائمة للنفق عندها تعود العملية إلى بدايتها حتى تعيد نفس الخطوات و تمارس دوريتها، وبذلك يتحتم على هذه الآلة أن تحتوي على ضغط كافي حتى تستطيع القاطعات اختراق التربة التي أمامها. أما في الصخر الصلب فإننا نجد هذه الآلة بأبسط شكل لها حيث أنه لا حاجة تبطين داخلي للنفق، فهي تحتوي فقط على رؤوس قاطعة و محركات و سنّادات رئيسية وماسكات أمامية مرتبطة بأسطوانات هيدروليكية مع ماسكات ثانوية تتوضع في الإطار الخلفي للآلة. وتتم عملية الحفر عن طريق التحكم بالضغط المطبق على الرؤوس القاطعة وسرعة دوران الآلة، في حين ضغط زائد وسرعة دوران بطيئة ستؤدي إلى تعطيل الآلة أو عجز في قضيب تعشيق الآلة ، أما ضغط قليل وسرعة دوران عالية ستؤدي إلى عدم تحرك الآلة.

إنَّ الحديث عن آلات حفر الأنفاق أكثر تعقيداً وتشعباً مما تم عرضه هنا، وتنتشر حالياً العديد من التصاميم والأنواع المختلفة لهذه الآلات التي تستخدم تقنيات تتطور يوماً بعد يوم، حتى أنها تصمم بما يلائم متطلبات الحفر في كل نفق على حدا ووفق قطر النفق المطلوب. ولا بد من الإشارة الى تكلفتها الباهظة وصعوبة نقلها وتركيبها بسبب حجمها الكبير أحد أبرز سلبيات استخدامها. لكن الحاجة الماسة لها لن تتوقف في المستقبل المنظور.

المصدر:

هنا