التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

رهاب المثلية - Homophobia

استمع على ساوندكلاود 🎧

ما هو رهاب المثلية أو الهوموفوبيا؟

هو حالةُ خوفٍ من التواجد حول أشخاصٍ مثليين، أو حمل مشاعر كرهٍ أو ازدراءٍ نحوهم من قبل غيريي الجنس.

فما هو السبب؟ ما تفسيرُ حالةِ الخوفِ هذه؟ أو حالةِ الكرهِ تلك؟

وجدت دراسةٌ جديدةٌ نُشِرت في the Journal of Sexual Medicine أن هذا الشعورَ قد يُعزى لدى غيريّي الجنس إلى مشاكلَ نفسيةٍ، وأنّ ترافقَ هذه المشاكلِ مع خللٍ في آلياتِ التأقلمِ لدى الفردِ قد يولّد الهوموفوبيا، هذا لا يعني أن أولئكَ الأشخاصَ مريضون نفسياً، إلا أنه يقترح وجودَ بعضِ المشاكلِ النفسيةِ لديهم بحسب الدكتور Emmanuele Jannini مشرف البحث الذي أجري في جامعة Rome Tor Vergata.

وأضافَت الدراسةُ أنَّ هذا الموقفَ المعاديَ قد يقولُ أشياءَ كثيرةً عن أصحابه، فالأشخاصُ الذين يمتلكون نظرةً سلبيةً تجاهَ المثليين لديهم مستوياتٌ أعلى من الاضطراباتِ النفسيةِ ووسائلِ الدفاعِ غيرِ السويةِ مقارنةً بالأشخاصِ الذين يتقبلون المثلية الجنسية. كيف هذا؟

أراد الباحثون في هذه الدراسةِ أن يجدو الرابطَ بين الآلياتِ الدفاعيةِ للأشخاص وعلاقتَها بالهوموفوبيا، فقاموا بسؤالِ 551 طالباً جامعياً تتراوحُ أعمارُهم بين 18-30 عاماً، ليملؤوا استبياناً حولَ درجاتِ الهوموفوبيا لديهم وعن حالتهم النفسيةِ متضمنةً درجاتِ الاكتئابِ والقلقِ لديهم.

تطلّبَ سلمُ الدرجاتِ بالنسبة للهوموفوبيا أن يقيّم المشاركون قوةَ موافقتِهم أو عدمَها للمثلية في 25 حالةً منها: المثليون يجعلونني غاضباً / لا يجب على المثليين تبني الأطفال / أقوم بإطلاقِ النكتِ والسخريةِ من المثليين / لايهمني إن كانَ أصدقائي مثليي أو غيريي الجنس.

أجاب المشاركون أيضاً على أسئلةٍ حولَ حياتِهم ونمطِ علاقاتِهم الشخصيةِ التي تشمل فئتين: الأولى وهي النمط (الصحي أو الآمن) حيث يشعرُ الشخصُ بالراحةِ بالتقربِ إلى الأشخاصِ الآخرين أو بتقربِ الآخرينَ له، أما الفئة الثانية فيشعرُ الشخصُ فيها بعدمِ الراحةِ أو الثقةِ بالآخرين وعدمِ الأمانِ بالتقرب منهم.

وأخيراً أجابَ الطلابُ على أسئلةٍ حولَ آلياتِ التأقلم Coping Strategies لديهم، حيث يستعملُ الفردُ هذهِ الآلياتِ ليواجهَ مواقفَ حزينةً أو مخيفة.

يمكن أن تكون وسائلُ الدفاعِ Defense Mechanism هذه صحيةً (ناضجةً Mature: كالتحكم في مشاعرهِ وعدمِ اعتمادِه في رداتِ فعلهِ على الآخرين) أو غيرَ صحيةٍ (Immature غيرَ ناضجةٍ: رداتُ فعلٍ هجوميةٌ وسلبيةٌ، وإنكارٌ للمشكلةِ بحد ذاتها).

وبالنتيجةِ، وجدَتِ الأبحاثُ (اعتماداً على الاستبيان) أن الأشخاصَ الأقلَّ كرهاً للمثليين يتمتعونَ بصحةٍ عقليةٍ ونفسيةٍ أفضل، كما تبين أن أولئك الذين لا يرغبونَ بتكوين علاقاتٍ اجتماعيةٍ ولا يشعرون بالراحةِ في التعامل مع الآخرين، وكذلك من يمتلكون وسائلَ دفاعٍ غيرَ ناضجةٍ كانوا أكثر كرهاً للمثليين. ومن جهة أخرى، كان الأشخاص الذين يعانون من رُهابِ المثلية أكثرَ غضباً وعداءً تجاه الآخرين.

وجدت آخرُ الأبحاثِ أن الهوموفوبيا موضوعٌ معقدٌ، ولكن لم يسبق لأحدٍ أن يبحثَ في الصحة العقلية والنفسية لهؤلاء الأشخاص.

حيث اقترحت بعض الدراساتِ أن الأشخاصَ العدائيينَ تجاهَ المثليين والمثلية قد يمتلكونَ رغبةً مكبوتةً تجاه الجنس المماثل "أي أنهم مثليون أيضاً"، فيما اعترضتْ أبحاثٌ أخرى على هذه الفكرةِ وقالت أن هؤلاء الأشخاص يمتلكون فعلاً كرهاً شديداً تجاهَ المثليةِ الجنسيةِ تبعاً لعواملَ عديدة تعزز هذا الاعتقاد كالعواملِ الدينية أو الاجتماعيةِ، حساسية أكبر للاشمئزاز، كره للنساء، hypermasculinity "ذكورةٌ زائدة، بمعنى أنهم متعصبون لذكورتهم جداً".

هذه الموجوداتُ جميعُها تضعُ الهوموفوبيا كاضطرابٍ يُشاهَد عند الشخصيات غيرِ الوظيفية، ولكن هذه ليستْ كلُّ الحكاية.

فالهوموفوبيا يمكن اعتبارها (مرضٌ مُحرًّضٌ بالثقافة) حيث تتداخل عدةُ عواملَ في تعزيزِ هذا الشعورِ كالدين والعاداتِ المُحافِظة.

مثلية جنسية مخفية:

قام الباحثونَ، في أربعِ دراساتٍ، بدراسة التباينِ بين ما يقولُهُ الشخصُ عن ميوله الجنسي وما هو ميوله الجنسي فعلياً اعتماداً على اختبار ردودِ الأفعالِ بناءً على الوقت Reaction-time test.

ضمت الدراسات طلاباً من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، توجب على المشاركين فيها تصنيفُ الكلماتِ والصورِ التي تظهرُ على شاشةِ الحاسوبِ إلى (gay / مثلي الجنس) أو (straight / غيريّ الجنس). تضمنت الكلمات مايلي: (gay) و(straight) و(homosexual) و(heterosexual)، بينما عرضت شاشة الكمبيوتر صوراً لأزواجٍ مثليي وغيريي الجنس، وربط هذه الكلمات مع (أنا) أو (هم).

أوضحَ الباحثون أن قيامَ الشخصِ بردِّ فعلٍ سريعٍ عند ربطه بين أنا ومثليي الجنس، أو قيامه برد فعل بطيءٍ عند ربطه بين أنا وغيريي الجنس قد يشيرُ إلى ميولٍ مثليةٍ مخفية.

وفي كل الدراسات، تبين أن الأشخاصَ الذين صرحوا بامتلاكهم آباءً داعمين ومتقبلين للفكرةِ كانوا على مقرُبة أكثرَ من ميولهم الجنسية الواقعيةِ، أما الذين ينتمون إلى عائلاتٍ محافظةٍ كان لديهم تباينٌ كبيرٌ بين القياسَين المعتَمَدين لتصنيفِ الميول الجنسية.

كما وُجِد أن المشاركين الذين قالوا أنهم غيريو الجنس رغم رغباتِهم الجنسيةِ المثليةِ المخفيةِ أظهروا العداءَ تجاه المثليين من خلال مواقفَ شخصيةٍ ضدهم وتشجيع القوانين والتشريعات التي تعاقبهم، وذلك ربما بسبب عائلاتهم المحافِظة وآبائهم المعادين للفكرة، مما يجعل المثليين الصريحين مصدرَ تهديدٍ لهم اجتماعياً وعائلياً

قد نسخرُ أو نحتقرُ مثل هذه الازدواجيةِ أو النفاق التي نراها عند هؤلاء الأشخاص، إلا أننا لا نعلم حقيقةً حجم الصراع الذي يعتمر داخلهم، ولا ندرك في كثيرٍ من الأحيان أنهم أنفسهم قد يكونوا ضحايا تجاربَ سيئةٍ ومشاعرَ متضارِبة.

الهوموفوبيا ليست مدعاة للضحك، قد تكون في كثيرٍ من الأحيان مأساة لفترةٍ طويلةٍ من الزمن.

هامش:

بعيداً عن العلم ونظرياته ودراساته، لا يملك أيُّ أحدٍ الحقَّ في أن يحكم على شخصٍ آخر تحتَ أي ظرف أو قانون. ما يحكم علينا كبشر هو نتاجُ عملنا وتعاملنا مع الآخرين، وليس حياتهم الشخصية! إن كنت تحكمُ على الآخر لكونه مثلياً، يجب أن تتقبل أن يحكم هو عليك لكونك غيريّ الجنس. وتذكر، ما دمتَ تعطي نفسكَ حقَّ الحكمِ على الآخرين، فمن حق الآخرين أن يحكموا عليكَ أيضاً.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا