الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

قواعد توجيه الفكر عند رينيه ديكارت

قواعد توجيه الفكر عند ديكارت

الفرضية الأساسية لديكارت عند إجابته حول عدالة توزيع العقل بالتساوي بين البشر هي أن العقل أعدل الأشياء قسمةً بين الناس بالتساوي.

و يستدل ديكارت على هذه الفرضية بما يلي:

كل فرد يعتقد أنه أوتي من العقل ما فيه الكفاية، حتى الطامعين بكل شيء حولهم، لا تراهم يطمعون في زيادة عقولهم، و هذا برهان كافٍ على موضوعية فرضيته و ليس على أن الناس جميعهم مخطئون في حكمهم.

أما تعريف (العقل) عند ديكارت: هو قوّة الإصابة في الحكم، والقدرة على تمييز الحق من الباطل، وهي قدرة يتساوى جميع الناس بها. ولكن السؤال: طالما أن الناس يمتلكون القدر نفسه من العقل، فلماذا تنشأ الخلافات بينهم؟

يجيب ديكارت عن هذا السؤال بأن اختلاف الآراء ليس ناتجاً عن تفاوت في درجات امتلاك العقل، إنما ينشأ عن الاختلاف في توجيهه. ويرى ديكارت أنه لا يكفي للإنسان أن يكون مالكاً للعقل بل يجب أن يعرف كيف يستخدمه، حيث أن العقل بحد ذاته مجرد استعداد للتعقّل وليس موجّهاً بطبيعته ليعمل وفق طريقة معينة، شأنه شأن النفس التي هي قابلة لأن تكون فاضلة أو شريرة، و هذه الإمكانية تتجلى واقعيّاً عبر توجيه الشخص نفسه لها.

ولا يكتفي ديكارت بالإشارة لضرورة إعمال العقل، بل ينبّه إلى أن الأساس هو توجيهه (الوجهة السليمة) إذ أنه يجب إعمال العقل في الوجهة السليمة بتأنٍ وتروِّ حتى نصل من خلاله لنتائج سليمة.

لنسأل ديكارت : ما هو الشيء المشترك بين البشر و الذي يجعل منهم نوعاً واحداً؟

يجيبنا ديكارت أن (المنطق و العقل) هو الشيء الوحيد الذي يميزنا كبشر متميزين عن كافة الحيوانات، أما (التخيل والذاكرة وسرعة البديهة... إلخ) هي أعراض تختلف من إنسان لآخر كاختلاف الفروق الجزئية العَرَضيّة للشيء مع ثبات صورته ومضمونه الأساسي.

ويخبرنا أنه لكي نوجّه العقل والفكر بالاتجاه السليم لا بد لنا من أن نمتلك منهجاً يتبع قواعد محددة.

وضع ديكارت في كتابه "مقال في المنهج" أربع قواعد رئيسية يجب على العقل الاقتداء بها، و هذه القواعد هي: ق

1- قاعدة البداهة و الوضوح: فلا اعتقد ببداهة أي حقيقة حتى يتبين لي يقيناً أنها كذلك أي يجب أن تتصف الحقائق بالوضوح التام في عقلي، الأمر الذي ينفي إمكانية أي شك فيها.

2- قاعدة التحليل: أي أن أقسم كل فكرة صعبة إلى أجزائها البسيطة لإزالة كل غموض في معناها كي أتمكن من حلها على أحسن وجه.

3- قاعدة التركيب: أي أن أعيد وضع أفكاري وفقاً لترتيب منطقي يبدأ من البسيط إلى المركّب ومن الأسهل إلى الأعقد.

4- قاعدة الإحصاء: و فيه أقوم بإحصاء تام و مراجعة شاملة لجميع الأفكار التي حلّلتها وأعدت تركيبها كي أتأكد من أنني لم اغفل شيئاً.

راجع كتاب: (رينيه ديكارت: مقال عن المنهج، ترجمة محمود الخضيري، مراجعة: د. محمد مصطفى حلمي، الهيئة المصرية للكتاب، ط2، 1985، ص 161 و ما بعدها)

مصدر الصورة: هنا