البيولوجيا والتطوّر > علم المورثات والوراثة

اكتشاف حرف جديد في الحمض النووي الريبي RNA له دور هام في عملية التعبير الجيني

استمع على ساوندكلاود 🎧

يُعتقد بأن الأبجدية المسؤولة عن التشفير في الدنا DNA* والرنا RNA** تتألف من أربعة حروف (A, G, C, T) للدنا DNA وأربعة أخرى (A, G, C, U) للرنا RNA، لكن ليس بعد الآن فقد تبين أن الرنا RNA يمتلك أكثر من هذه الأحرف...

في دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature وجد مجموعة من العلماء أن الحمض النووي الريبي RNA يحتوي على حرف آخر يُستخدم في التشفير ( RNA الرنا – يُعتبر القالب الذي يُستخدم لنقل التعليمات الموجودة على الدنا والموجود في النواة غالباً ليتم استخدامها في صناعة البروتينات أو في عمليات حيوية أخرى داخل الخلية). هذا الحرف له دور مُنظّم لدور الرنا في التعبير عن المحتوى الجيني الموجود على الدنا. هذا الاكتشاف المثير للحرف الجديد الموجود على آلاف نسخ الحمض النووي الريبي الرسول mRNA سيعطينا معلومات جديدة عن دور الرنا RNA في العمليات الخلوية الحيوية ودوره في تطور الأمراض.

يقول البروفسور Gidi Rechavi من فريق البحث: ’’ كان يُعتقد سابقاً أن Epigenetic أو الوراثة الفوق جينية تساهم في التعبير الجيني (بالإضافة إلى الدنا DNA) عبر التعديلات التي تقوم بها على الدنا والبروتينات، ولكن الاكتشاف الجديد يضع الرنا RNA في قلب المعادلة فيما يخص الوراثة فوق الجينية‘‘.

ويضيف البروفسور He: ’’يفتح هذا الاكتشاف نوافذ على آفاق جديدة في علم الأحياء؛ فهذه التعديلات لها دور رئيسي في كل العمليات الحيوية تقريباً‘‘.

ويُقدّر عدد النكليوتيدات المُعدَّلة (الأحرف) في الرنا RNA بعشرة أضعاف تلك الموجودة على الدنا DNA (المقصود بالنكليوتيدات المعدلة هي النكليوتيدات التي خضعت لتعديل على بنيتها عبر إضافة جزيئات معينة إلى مواقع محددة منها). إن سبب ظهور أحرف جديدة في الرنا RNA هو الوظائف المتعددة التي تقوم بها جزيئات الرنا سواء في تخزين المعلومات الوراثية، أو دورها التحفيزي للعمليات الحيوية، أو أدوارها البنائية و التنظيمية الأخرى. بينما يحمل الدنا DNA وظيفة واحدة وهي تشفير ونقل المعلومات من جيل لآخر فقط.

يقول البورفسور Rechavi: ’’إن المُعدِّلات (يُقصد بها التعديلات modifications على البنية أو الإضافات التي يخضع لها الرنا) والتي تقارب الـ 140 الموجودة في الرنا RNA ترفع بشكل ملحوظ عدد المفردات التي يستخدمها هذا الحمض في نقل المعلومات وتمكنه من أخذ العديد من الأنواع كـ mRNA, rRNA, tRNA, siRNA, miRNA, IncRNA والتي تقوم بطيف واسع من الوظائف الخاصة بالرنا RNA‘‘. (حيث أن كل تعديل على بنية الرنا RNA الأساسية وكل إضافة لجزيء ما له تجعل منه نوعاً جديداً).

إذاً تتشكل الأنواع السابقة من الحمض الريبي RNA عندما يُضاف له جزيئات أخرى تسمى بالمُعدِّلات. عندما نُضيف مجموعة الميثيل Methyl group إلى الموقع السادس للأدينوزين (m6A) فإن الناتج يسمى mRNA الرنا المرسال. هذه الإضافات يُمكن قراءتها من قبل بروتينات محددة فقط كما أنها مرنة وتستجيب لتغيرات ومحرضات البيئة المحيطة.

هذه النتائج تتكامل مع اكتشاف البروفسور He من جامعة شيكاغو للإنزيم FTO والذي يقوم بانتزاع الجزيء m6A من الرنا المرسال mRNA معيداً إياه لبنيته الأساسية RNA. هذه العملية العكسية تُؤثر على ثباتية الرنا RNA وقدرته على نقل المعلومات، وبذلك ينشأ فرع جديد للوراثة الفوق جينية epigenetics يسمى بالـ "الوراثة الفوق جينية الخاصة بالرنا" epitranscriptomics.

اكتشف العلماء خلال البحث تعديلاً حيوياً لبنية mRNA– وهي إضافة جزيء الميثيل Methyl إلى الموقع 1 من الأدينوزين Adenosine (m1A). المهم في الأمر أن هذا التعديل يوجد بوضوح قرب بداية الجين (الكود) الخاص بصناعة البروتينات ويؤدي إلى زيادة تركيبها. وتم تعديل آلاف الجينات بطريقة مماثلة لتؤدي إلى تعديل وتنظيم عملية صناعة البروتينات اللازمة للعديد من العمليات الحيوية.

يقول البروفسور Rechavi: ’’نتوقع أن بعض الأمراض كالسرطان والاضطرابات التنكسيّة العصبية تتعلق بخلل يصيب عمليات التعديل هذه‘‘.

يقوم فريق البحث حالياً بدراسة العمليات الخلوية التي تتدخل في إيجاد (كتابة) أو إزالة (محو) التعديل m1A، بالإضافة إلى العمليات الحيوية الناتجة عن هذا التعديل على الرنا RNA. وسيحاول الفريق مستقبلاً دراسة أثر هذا التعديل m1A على تطور الجنين أو دوره في السرطان والاضطرابات التنكسيّة العصبية.

الحاشية:

* الدنا DNA :Deoxyribonucleic Acid الحمض النووي الريبي منزوع الأكسجين واختصاراً الدنا. مسؤول عن حفظ ونقل المعلومات الوراثية في الخلية ويتواجد داخل النواة.

** الرنا RNA : Ribonucleic Acid الحمض النووي الريبي واختصاراً الرنا. مسؤول (عبر أنواعه المختلفة كالرنا المرسال mRNA) في نقل التعليمات الموجودة على الدنا من داخل النواة إلى مقرات تصنيع البروتينات في الخلية (لتتم بذلك عملية التعبير الجيني).

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا