الفيزياء والفلك > فيزياء

سلسلة الأمواج الصوتية: 3- ظاهرة دوبلر، الصدمة الصوتية.

استمع على ساوندكلاود 🎧

تحدثنا في المقال الأول هنا عن الموجة الصوتيّة بشكلها البسيط حتى نفهم طبيعتها وخصائصها. في المقال الثاني هنا تحدثنا عن تداخل الأمواج الصوتية وتفاعلها فيما بينها، والتطبيقات المختلفة لها في حياتنا اليوميّة.

كل ما تكلمنا عنه من قبل اعتبرنا فيه أنَّ مصدر الصوت ثابت في مكانه، اليوم سوف نتكلم عن خصائص الصّوت عندما يكون المصدر متحركاً بسرعات كبيرة، والظواهر التي تنتج من جراء ذلك.

1-ظاهرة دوبلر:

عندما نشاهد سباقات السيارات نلاحظ اختلاف تردد (تواتر) صوت محرّك السّيارة عندما تقترب من المصور، حيث يزداد التردد تدريجياً حتى يصل قيمة عظمى عندما تكون السيارة أقرب ما يمكن إلى المصوّر. ثم يقلّ التردد تدريجياً مع ابتعاد السّيارة. تسمّى هذه الظاهرة ظاهرة دوبلر (نسبة للعام النمساوي كريستيان دوبلر) وسببها تداخل الأمواج التي يطلقها مصدر الصوت من نقاط مختلفة.

عندما يكون مصدر الصّوت ثابت تنتشر الموجات الصوتية على شكل كرات في الفراغ يكون مركزها مصدر الصّوت ويكون الطول الموجي نفسه في جميع الاتجاهات.

عندما يكون مصدر الصوت متحركاً بسرعة أصغر من سرعة الصوت في الهواء فإنّ الموجة الصّوتيّة تكون على شكل عدة كرات في الفراغ متدخلة مع بعضها ومركز كل منها هو مكان مصدر الصوت لحظة إطلاقها، ولأن المصدر يتحرك فإن مركز كل موجة ينزاح مع جهة حركة المصدر، ونتيجة لذلك تبدأ الأمواج بالتّراص أمام المصدر وتتباعد عن بعضها خلف المصدر.

الموجة الصوتيّة النّاتجة عن تداخل هذه الموجات تكون ذات طول موجي أقصر في المناطق التي تقع أمام المصدر الصّوتي وأطول في المناطق التي تقع خلفه. لذلك سيسمع مراقب موجود وراء المصدر صوتا ذو تواتر أخفض بينما يسمع المراقب الموجود أمام المصدر صوتا ذو تواتر أعلى وذلك مقارنه مع تواتر الصوت الذي ينتجه المصدر.يطلق على هذا الانزياح أو التغير الظاهري في التواترات مفعول دوبلر، وهو ليس انزياحا في التواتر الفعلي الذي يهتز به المصدر، فالمصدر يهتز بالتواتر نفسه ولكن المستقبل يدرك تواتراً مختلفا نتيجة للحركة النسبية بين المصدر والمراقب.

لمفعول دوبلر العديد من الاستعمالات الطبية خصوصًا في مجال دراسة تدفّق الدم في الأوعية الدموية عند البشر. هناك نوع خاص من الصور الطبية للقلب تعتمد مبدأ دوبر تسمى Doppler echocardiography وهو تخطيط صدى القلب بالاعتماد على مفعول دوبلر، تستخدم خلاله أمواج فوق صوتية تنطلق من جهاز خاص وتصطدم بالقلب.

كما قام شخص يدعى (دون ليسلي) بتصميم نوع خاص من مكبرات الصّوت مستغلاً هذه الظاهرة. حيث وضع مكبرات الصوت التقليدية على قرص دوار. عندما تعمل المكبرات فإنها تدور مع القرص وتتداخل الأصوات وينتج صوت مختلف تماماوقد نال هذا الاختراع إعجاب العاملين في مجال موسيقى الجاز والبوب والرًوك وغيرها. وأصبحوا يعتمدون على هذه المكبرات لتوليد أصوات جميلة تتناغم مع موسيقاهم.

الجدير بالذكر أن ظاهرة دوبلر ليست محصورة في الأمواج الصوتية بل أيضا في الأمواج الكهرومغناطيسيّة. يستخدمها العلماء لتحدد بعد النّجوم والمجرات عن كوكبنا. كما تم إكتشاف تمدد الكون عن طريق ملاحظة تأثير دوبلر على الضوء القادم من المجرات البعيدة، كما أن رادارات السًرعة في الطرقات تعتمد أيضا على تأُثير دوبلر لالتقاط السًيارات التي تتجاوز السرعة. (المزيد من تأثير دوبلر على الأمواج الكهرطيسية هنا )

الصدمة الصوتية:

عندما تكون سرعة مصدر الصّوت مساوية أو أكبر من سرعة الصّوت في الوسط، تحصل عندها ظاهرة تسمى الصدمة الصوتية أو اختراق حاجز الصوت . حيث لا تستطيع الموجة الصوتية الابتعاد عن المصدر لأنه أسرع منها، أي أنه على عكس السيارات مثلاً يمكننا أن نرى الطائرات المخترقة لجدار الصوت قبل أن نسمع صوتها،حيث أن الطائرة تفوق بسرعتها سرعة الصوت. وتتراكم الأمواج الصوتية على بعضها مما يؤدي إلى تَضَخُّمِها. فتكون الموجة الصّوتية النّاتجة لها شكل مخروطي على عكس الشّكل الكروي عندما يكون المصدر ثابتا في مكانه ضمن الوسط النّاقل.

يكون للصدمة الصوتية ضجيجٌ عال جداً يشبه صوت الرّعد. ويسمع عادةً عندما تطير الطائرات (العسكرية أو المدنية) بسرعة تتجاوز سرعة الصوت. فأثناء حركة الطائرة في الهواء فإنها تدفع جزيئات الهواء جانبا وبقوة كبيرة مما يشكل موجة صدم والتي تشكل بدورها مخروطاً من جزيئات الهواء المضغوط والذي ينتشر في جميع الاتجاهات. إنّ تحرُّر هذا الضغط بعد تشكله بسبب موجة الصدم يُسمع كصدمة صوتية. يكون اختلاف الضغط الجوّي خلال عبور موجة الصّدمة الصّوتية ضئيلاً، لكن السرعة التي برتفع بها الضغط فجأةً هو ما يعطيها هذا الصوت العالي.

تنتج الطائرات التي تتعدى سرعة الصوت مخروطين صوتيين. واحد عند مقدمة الطائرة والآخر عند ذيلها، لكن بالنسبة للناس الذين يسمعون الصّوت على الأرض غالبًا ما لا يميزون بينهما.

من أهم العوامل التي تؤثر على الصدمة الصوتية هي وزن وحجم وشكل الطائرة، بالإضافة إلى ارتفاع الطائرة ومسارها والظروف الجويّة. كلما كبرت الطائرة وزاد وزنها كلما زادت قوّة الصدمة الصوتية التي تنتجها.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا