كتاب > الكتب الأدبية والفكرية

مراجعة كتاب (المغالطاتُ المنطقيّة): دعوةٌ لاحترامِ عقُولِنا

كثيراً ما نسمعُ عَن جَدلٍ عَقيمٍ لا جَدوى مِنهُ رُغمَ طُولِ فَترةِ النِّقاشِ الزَّمنيةِ. وَأننا لِنسمعُ مِراراً وَتِكراراً عَن مُفاوضاتٍ وَصلت لحائطٍ مسدودٍ في كَافة المَيادينِ وَالحقول، وكانتِ النَّتيجةُ صِفراً لا تُثمِنُ ولا تُغني مِن جوع.

كي نُقنِع ويكون كلامُنا وَحِوارنا منطقياً مُتسلسلاً وذو نتيجةٍ في عصرٍ كَثُر فيه اللغطُ واشتدَّ فيهِ التَّلاعُب على الأَلفاظِ وازدادَ الجِدالُ لحدٍّ قد يصلُ إلى السَّفسطة... أتى هذا الكتاب ليُسلطَ الضَّوء على المُغالطاتِ وتعريفنا بِها وتِبيانِها والذي بات أمراً مهماً، ملحاً وضرورياً.

المُغالطاتُ المنطقية "Logical Fallacies": وهي أنماطُ الحُججِ الباطلةِ التي تتخذُ مظهر الحُججِ الصَّحيحةِ. أو هي تلك الأنماطُ الشَّائعة من الحُججِ الباطلةِ التي يمكنُ كَشفها في عمليةِ تقييمِ الاستدلالِ غيرِ الصُّوري. إنَّ تفشي المُغالطاتِ المنطقيّةِ في واقعِنا اليوميِّ وَطُغيانِها على تفكيرنا كُلِّهِ حقيقٌ بأن يَرُدَّ إِلى نظريةِ المُغالطاتِ المنطقيّة أهميتِها.

ترتبطُ نشأةُ المنطقِ غير الصُّوريِّ بالحركاتِ الاجتماعيّةِ والسِّياسيّةِ في ستينياتِ القرنِ العِشرين وما صحبهما من دعوةٍ إِلى تعليمٍ عالٍ أوثقُ اتصالاً بالحياةِ والتصاقاً بالواقع المُعاش. ولكنَّه لم يتأسس كفرعٍ بحثيٍ مُستقلٍ إلَّا في أواخر السَّبعينياتِ مع أعمال "رالف جونسون" و"أنتوني بلير" وإصدارهما صحيفةَ "المنطقِ غَير الصُّوري". وعلى الرُّغمِ من مرور أكثرَ من رُبعِ قرنٍ على نشأة المنطقِ غير الصُّوري فإنَّه مازال في طَورِ التَّكوين تصطرعُ فيه تياراتٌ مُتباينةٌ وتتنازعُهُ اتجاهاتٌ مختلفةٌ، ومازال يتلمسُ طريقه ويفتِشُ عن هويتِه.

يشيرُ الكتابُ إِلى ضرورةِ إتقانِ فَنِّ التَّعامُلِ مع المغالطاتِ، ويُحتِمُ "عَادل مُصطفى" وجوبَ إتقانِ هذا الفن، وذلك لتكونَ الرُّدودُ ضمنَ المُناظراتِ السِّياسيةِ أو الفكريةِ أو الثَّقافيةِ وحتى الأدبيةِ غيرَ ناشزةٍ أو مُستغرَبَةٍ. ويضيفُ قائلاً: إننا عندما نرى أغلبيةَ المجتمعِ تتبعُ رأياً ما، لا يعني ذلك نهائِياً أنها على حق. فإنَّ عدد الأصواتِ المُؤيدةِ ليسَ معياراً للحقِّ ولا يجعلُ الرَّأيَ حقّاً بِالضرورة."

يُركز عادل مصطفى على أهمية التَّفكيرِ النَّقدي والذي يعتبر أرقى مراحل النُّمو المعرفي الإنساني أو ما يسمى "التَّفكير الجدلي"، والذي يكتسبُ المَرءُ فيهِ التَّفكيرَ النَّقدي ويدركُ مُفارقاتِ الحياة ويتناولُ الأُسسَ التي يقومُ عليها المنطقُ فَيُحللُها ويضعُها مَوضِعَ التَّساؤلِ والنَّقد.

أما مراحِلُ التّفكير النَّقدي كما أشارّ إليها الكتاب فهي:

1-الوعيُ بِوجودِ افتراضاتٍ أَساسية.

2-التَّصريحُ بِهذهِ الافتراضاتِ وإِخراجُها بِوضوحٍ.

3-تَسليطُ أَضواءِ النَّقدِ على هَذهِ الافتراضات.

يُعبِرُ كِتاب " المُغالطات المَنطقيّة" عن العلمِ غيرِ الصُّوري الذي مازالَ في طورِ التَّكونِ والتَّبلور لحد الآن، كما يُورِدُ ثلاثينَ مغالطَةً منَ المُغالطات.

أما الدَّافِعُ لهذا الكتاب فهوَ ما نُشاهدهُ يومياً ضِمنَ وسائل الإعلامِ المقروءةِ والمسموعةِ من أخطاءٍ فادحةٍ في منطقِ الحوار، والذي يُولِّد نتائجَ سلبيةُ عقيمةً في التَّوصُلِ إلى الأهدافِ المنشودَةِ.

أَخيراً، إِنَّ امتلاكَ الحُجةِ والبُرهان والدَّليل وبالتالي المَنطقيّة هو وحدهُ فقط كافٍ للإِقناع. كما أنَّ الاحتكامَ لِلعقلِ والتَّفكيرِ النَّقدي لأيِّ مسألةٍ في حياتنا هي غايةُ التَّتوجِ الفكري ورأسِ الهرمِ المعرفي.

معلومات الكتاب:

اسم الكتاب: المُغالطات المنطقيّة.

الكاتب: عادل مُصطفى.

دار النَّشر:( القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، الطبعة الأولى،2007).

عدد الصَّفحات: 267 صفحة ، قطع متوسط.

الرَّقم الدولي: 9974375696.